لشهر رمضان مكانة خاصة فى قلوب المسلمين .. شهر جعل الله فيه الخير الكثير .. خصه الله بنزول القرآن الكريم وجعله هداية ونور .. شهر تتنزل فيه الرحمات وتستجاب فيه الدعوات ويفتح الله فيه الأبواب لمغفرة الذنوب والزلات وجعل ختامه عشر هى للعتق من النيران ودخول الجنات .. فهل من مقبل لنيل فضله وكرمه وكيف نستقبل هذا الشهر العظيم ؟ فى البداية كيف نستقبل شهر مضان ونحن على أبوابه تفصلنا عنه ساعات باقية .. سئل الإمام الشنقيطى بماذا تنصحنى لإستقبال مواسم الطاعة ؟ فقال خير ما يستقبل به مواسم الطاعة «كثرة الاستغفار» لأن ذنوب العبد تحرمه التوفيق للطاعة .. فما الزم عبد قلبه الإستغفار إلا زكى .. وأن كان ضعيفا قوى .. وإن كان مريضا شفى.. وإن كان مبتلى عوفى .. وإن كان محتاراً هدى .. وإن كان مضطربا سكن . وأن الاستغفار هو الأمان الباقى لنا بعد رسول الله «ص» فقط تأملوا هذه الآية .. يقول الله تعالى فى كتابه الكريم « وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » الأنفال " 33" . ويقول أبن كثير رحمه الله – ومن اتصف بهذه الصفة – أى الإستغفار يسر الله عليه رزقه وسهل عليه أمره وحفظ عليه شأنه وقوته . ويقول أبن القيم رحمه الله .. من أكثر من الإستغفار فتحت له المغاليق « أى فتحت له الأبواب المغلقة سواء أكان باب علم أو عمل أو زواج أو غ ير ذلك من أبواب الرزق »، ولكم أن تتأملوا قوة هذه العبارة لسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين قال « لو نزلت صاعقة من السماء ما أصابت مستغفر » . فمن منا بلا ذنوب ومن منا لا يحتاج إلى أن يتوب، ومن منا لا يخشى من معاصى لو وقف بها أمام الله ولم تغفر إلى أين سيكون المصير ؟ وقد ورد عن فضل الاستغفار آيات وأحاديث، يقول الله تعالى « فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا» نوح «10- 12» فجمعت هذه الايات من الفضل الكثير ما بين مغفرة الذنوب ونزول المطر وزيادة المال والبنون ودخول الجنات . وفى قوله تعالى « وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ» هود «52». وعن عبد الله بن عباس عن النبى «ص» - « من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هما فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب» . ولتحقيق ما سبق من فضله نحتاج الى ما يلى : - لزوم الاستغفار «بمعنى المداومه عليه أو الاكثار منه» - الاستغفار بالقلب قبل اللسان « فحضور القلب واستحضار الذنب من دواعى قبوله فالله لا يقبل من قلب غافل . - التوبه بعد الذنب وشروطها : - الندم على فعل الذنب - ترك الذنب - العزم على عدم العوده اليه « واذا كان هذا الذنب متعلق بأخذ حق من حقوق العباد فلابد من رده ». فى النهاية .. هناك سؤال يتبادر كثيرا لاذهاننا هل يحبنى الله ؟ يقول الشيخ على الطنطاوى رحمه الله راودنى هذا السؤال فتذكرت ان محبة الله لعباده تأتى لاسباب واوصاف ذكرها فى كتابه الكريم .. قلبتها فى ذاكرتى لاعرض نفسى عليها على اجد لسؤالى جوابا .. فوجدت انه يحب " المتقين" ولا أجرؤ أن احسب نفسى منهم . ووجدته يحب "الصابرين" فتذكرت قلة صبرى ، ووجدته يحب" المجاهدين " فتنبهت لكسلى وقلة حيلتى، ووجدته يحب " المحسنين " وما أبعدنى عن هذه، حينها توقفت عن متابعة البحث خشيت آلا أجد فى نفسى شيئا يحبنى الله لاجله وتفحصت اعمالى .. فأذا أكثرها ممزوج بالفتور والشوائب والذنوب فخطر لى قول الله تعالى « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» كأننى للتو فهمت انها لى ولامثالى فاخذت اتمتم «استغفر الله واتوب إليه» .. جعلنى الله واياكم ممن يستغفرونه ويتوبون إليه آناء الليل واطراف النهار وبلغنا رمضان ووفقنا لطاعته فيه .