أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر دشنت مرحلة جديدة من العمل الوطني الذي يستهدف تحقيق انطلاقة اقتصادية واستثمارية توفر فرص العمل للشباب إلى جانب تحديث جميع قطاعات المجتمع للحاق بالدول المتقدمة، مشيرا إلى أن عامل الوقت حاسم جدا للإسراع في التنمية الشاملة، حيث تباطأت مصر خلال السنوات الأربعة الماضية. جاءت كلمة الرئيس السيسي خلال لقائه بمقر إقامته بالعاصمة الإسبانية مدريد بمجموعة من كبريات الشركات الإسبانية العاملة في مصر ومجموعة من رجال الأعمال المصريين من بينهم ماجد المنشاوي رئيس الجانب المصري لمجلس الأعمال المصري الإسباني، والذي عقد لبحث وطرح فرص الاستثمار الجديدة في مصر خلال المرحلة المقبلة. وقال إن مصر لديها مشروعات كبيرة ومتنوعة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والمواصلات والاتصالات، مؤكدا حرصه الشخصي على حل مشكلات المستثمرين الأجانب، وقال: "باب مكتبي مفتوح أمام أي مستثمر، وعليه أن يطرق الباب وسيجد كل الترحيب". وأضاف أن "الحكومة وضعت خطة شاملة لتحقيق التحديث الشامل تعتمد على عدة محاور أهمها تحقيق الاستقرار السياسي"، مشيرا إلى أن "مصر قطعت شوطا كبيرا في هذا المحور بعد الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية"، مؤكدا استكمال هذا المحور خلال العام الحالي بإجراء الانتخابات البرلمانية التي تعد الخطوة الأخيرة في خارطة الطريق. وقال الرئيس إن "المحور الثاني في الخطة الشاملة يتمثل في توفير بيئة مناسبة لمجتمع رجال الأعمال تراعي المعايير العالمية بهدف تحقيق النمو الاقتصادي في مصر توفير العدالة الاجتماعية"، موضحا أن المناخ الاستثماري الإيجابي يستهدف معالجة التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري. وأضاف أن "محاور الخطة تشمل أيضا تنفيذ برنامح راق لتدريب وتنمية مهارات الشباب الذي سيلتحق بسوق العمل"، مشيرا إلى أن هناك 35 مليون شاب مصري في سن العمل. كما أكد الرئيس السيسى أنه سيتم تنفيذ إصلاحات تشريعية وإدارية جديدة، من بينها قانون الخدمة المدنية الذي تم إصداره، إلى جانب تنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وتنفيذ برنامج متكامل لتحديث التشريعات الاقتصادية أسفرت عن قانون الاستثمار الموحد وقانون حماية المنافسة وقانون الشركات الذي يساعد على تأسيس الشركات الجديدة، إلى جانب دفع الاقتصاد عن طريق إقامة مشروعات عملاقة، أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة. وقال الرئيس: "أنتهز هذه الفرصة وأدعوكم لحفل افتتاحها في شهر أغسطس المقبل"، كما أشار إلى أن المشروعات الجديدة تشمل أيضا المثلث الذهبي في جنوب مصر والمشروع اللوجستي العملاق في دمياط وإقامة 22 مدينة صناعية جديدة، فضلا عن العاصمة الإدارية الجديدة ومد 32 ألف كيلومتر من الطرق الجديدة. وأضاف أن الخطة تشمل أيضا إزالة التعقيدات الإدارية ومكافحة الفساد، مشيرا إلى أن وكالات التصنيف الائتماني العالمية رفعت التصنيف الائتماني لمصر مؤخرا، مما يعكس تحسن الأداء الاقتصادي لمصر. ونوه الرئيس إلى إشادة صندوق النقد الدولي بالخطوات التي قامت بها الحكومة المصرية على طريق الإصلاح الاقتصادي. وأكد التزام الحكومة المصرية بتنفيذ جميع تعاقداتها والتزاماتها مع الشركات الأجنبية وحل جميع المنازعات دون اللجوء إلى التحكيم الدولي. ومن جانبه، قال وزير الاقتصاد والتنافسية الإسباني لويس دي جيندوس إن الاقتصاد الإسباني تمكن من تحقيق تقدم خلال الفترة الماضية، حيث نما الاقتصاد الإسباني بمعدل 3 في المائة وتم خلق 600 ألف فرصة عمل. وأضاف أن الحكومة الإسبانية تتطلع لمواصلة تحسين معدلات النمو الاقتصادي عن طريق زيادة الصادرات والدخول إلى أسواق خارجية، وفي هذا الصدد تمثل مصر سوقا مهمة ليس لإسبانيا فقط ولكن للاتحاد الأوروبي بالكامل، حيث تعد مصر من أهم الأسواق الأفريقية ومنصة إقليمية مهمة للدخول إلى شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط والدول العربية. وأكد الوزير الإسباني أن هناك 4 آلاف شركة إسبانية أصبحت مهتمة بالاستثمار في السوق المصرية عقب الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها مصر لتحسين مناخ الاستثمار، حيث تطمح هذه الشركات في إقامة مشروعات في مجالات عديدة من بينها البترول والغاز والطاقة المتجددة والنقل والمياه، مشيرا إلى أن هذه الصادرات الإسبانية إلى مصر زادت بنسبة 8 في المائة خلال العام الماضي. وناشد وزير الاقتصاد الإسبانى لويس دو جيندوس، الرئيس السيسي أن تستثمر مصر هذه الفرصة السانحة لتحديث اقتصادياتها وجذب الاستثمارات المتنوعة من مختلف أنحاء العالم عقب الإصلاحات التي قامت بها مصر لتحسين المناخ الاستثماري، مشيدا بالإجراءات التي قام بها الرئيس السيسي والتي أسهمت في دفع النمو الاقتصادي. وقد فتح الرئيس السيسي خلال اللقاء، باب النقاش واستمع إلى مطالب مجموعة من رؤساء كبريات الشركات الإسبانية، حيث طالب رئيس إحدى الشركات الإسبانية العاملة في محطة دمياط لتسييل الغاز الطبيعي بحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وحل بعض المشكلات التي تتعرض لها الشركة. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس السيسي حرص الحكومة المصرية على حل جميع المشكلات التي تواجه المستثمرين والشركات الأجنبية العاملة في مصر، كما أكد أن الحكومة وضعت برنامجا طموحا لحل مشكلة الكهرباء وقال: "إننا نتحرك بشكل سريع ولدينا خطة عاجلة لتقليل فجوة الطاقة في مصر وسنضخ خلال عامين ما نسبته 50 في المائة من حجم الطاقة التي تم توليدها خلال الأعوام الماضية"، مشيرا إلى أن هذه الخطة العاجلة سيبدأ تنفيذها في الصيف المقبل وستولد أكثر من 13 ألف ميجاوات. وأوضح أن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي هي إحدى تداعيات حالة عدم الاستقرار التي عانت منها مصر خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن مصر تدخل الآن في مرحلة الاستقرار. ومن جانبه، عقب وزير البترول المهندس شريف إسماعيل قائلا إن "هناك مفاوضات مع الشركة الإسبانية لحل كل المشكلات التي تواجهها وإعادة تشغيل مصنع دمياط مرة أخرى، وإنه سيتم التوصل إلى اتفاق مع الشركة بنهاية شهر سبتمبر المقبل". وفيما يتعلق بمشكلة الكهرباء، قال الوزير إن الوزارة ستسهم في حل المشكلة عن طريق استيراد الغاز من خلال خطة عاجلة، حيث وصلت وحدة لتسييل الغاز كما ستصل وحدة أخرى في غضون أربعة أشهر، كما أن هناك خطة للتوسع في مشروعات التنقيب عن الغاز والبترول، مؤكدا أن مصر منطقة زاخرة بالثروات الطبيعية. كما دعا شركات البترول الإسبانية والعالمية إلى الاستثمار في مصر بالتنقيب عن حقول جديدة للبترول والغاز. ومن جانبها، عرضت نائبة رئيس إحدى الشركات الإسبانية الكبرى العاملة في قطاع السكك الحديدية إقامة شبكة لخطوط القطارات السريعة في مصر، منوهة إلى أن شركتها تنفذ مشروعا لخط للسكك الحديدية بين عمان والسعودية، وقالت: "سنكون سعداء عندما ترى قطاراتنا تسير في بلدكم الجميل". وهنا رد الرئيس السيسي قائلا: "تتمنى أن نرى قطاراتكم الجميلة تسير في مصر"، وأضاف: "أريد أن أطمئنكم على استقرار الأوضاع في مصر"، وأكد أن ما سيأتي سيكون أفضل، ودعا أصدقاء مصر في إسبانيا وأوروبا لأن يتأكدوا من أنهم يساهمون في تحقيق هذا الاستقرار بمصر عن طريق زيادة الاستثمارات فيها. وتابع: "أعلم أنه من الطبيعي أن يفكر المستثمر بمنطق زيادة أرباحه وحجم العائد الذي سيحصل عليه، ونحن نقول له إن هناك اعتبارات معنوية وأخلاقية في تنمية مجتمعات الدول النامية وتحسين أوضاعها بما يسهم في استقرار الدول الأوروبية ذاتها". وأكد السيسي أن الوقت حاسم، وكل تأخير في تنفيذ المشروعات ينعكس بالسلب على المواطنين ويجعلهم يشعرون بالإحباط، وبالتالي ينبغي العمل بسرعة الانتهاء من المشروعات بأسرع من المعدلات الطبيعية. وعرض رئيس شركة كبرى في السياحة والفندقة الإسبانية تنفيذ مشروعات جديدة في مصر تضاف إلى مشروعات الشركة السابقة، مشيرا الى أهمية السياحة بالنسبة للاقتصاد المصري والعالمي، ونوه إلى دراسة لمنظمة السياحة العالمية تقول إن عدد السياح في العالم سيتجاوز مليارا و400 مليون سائح بحلول العام المقبل. وقد عقب الرئيس السيسي قائلا إن الحكومة المصرية تعمل على إقامة مشروعات جديد في مجال السياحة وعرض على هذه الشركة إقامة مشروع سياحي جديد على خليج السويس. واختتم الرئيس اللقاء مؤكدا أن هناك مناخا جديدا في مصر بدأ يظهر في الأفق، قائلا: "أقول هذا الكلام ليس بوصفي رئيسا ولكن باعتباري مواطنا مصريا يتمنى ويحلم بأن تعيش مصر في استقرار وسلام ورخاء مثل أي دولة في العالم". ودعا الرئيس السيسي جميع الحاضرين للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة. وأكد الرئيس لرجال الأعمال المشاركين في اللقاء في النهاية قائلا: "أنتظر أن تطرقوا الباب وستجدوني واقفا مرحبا بكم".