عَنْ عَلِيٍّ -رضى الله عنه- قَالَ: «لم يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ضَخْمَ الرَّأْسِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ إِذَامَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا انْحَطَّ مِنْ صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ»، رواه الترمذي، حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قال الإمام صفى الرحمن المباركفوري فى شرحه لجامع الترمذي، أن قول الإمام على: «لم يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِير»، أي المفرط في الطول ولا بالقصير، وزاد البيهقي وهو إلى الطول أقرب، مضيفاً أن معنى قوله «شَثْنَ الْكَفَّيْنِ» أي أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ويحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضهم ويذم في النساء. وتابع:«فإن قلت: هذا يخالف ما رواه البخاري عن أنس قال ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم؟، قلت: قيل اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن مع القوة، ويؤيده ما رواه الطبراني والبزار من حديث معاذ رضي الله عنه: أردفني النبي خلفه في سفر فما مسست شيئاً قط ألين من جلده -صلى الله عليه وسلم-»، وقوله « ضَخْمَ الرَّأْسِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ» أي عظيمه، والكراديس هي رؤوس العظام، وواحدها كردوس، وقيل: هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين والمنكبين، ويردا منها فى هذا الحديث أنه –صلى الله عليه وسلم- ضخم الأعضاء. وأضاف المباركفوري فى شرح الحديث، أن المراد بقول علىّ «طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ» أى الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة، « إِذَامَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا» أي تمايل إلى قدام، وقوله –رضى الله عنه- «كَأَنَّمَا انْحَطَّ مِنْ صَبَبٍ» أي يسقط، والصبب هو الموضع المنحدر من الأرض، وقيل: الصبب الحدور وما ينحدر من الأرض، والمراد بها فى هذا الحديث أنه –صلى الله عليه وسلم- كان يمشي مشياً قوياً ويرفع رجليه من الأرض رفعاً بائناً لا كمن يمشي اختيالاً ويقارب خطاه تنعماً، وقول«لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ» أي قبل موته لأن علياً لم يدرك زماناً قبل وجوده ولابعد موته –صلى الله عليه وسلم-.