حاول الكثير من البشر باختلاف أجناسهم ودياناتهم أن يمثلوا صورة سيدنا محمد "ص" برسومات سيحاسبهم الله عليها يوم يلقوه تعالي، بأقسي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إذ أنه "ص" معصوم من التمثيل به سواء بصورة أو جسد، وإنما ما يفعلوه ما هو إلا افتراء وغيرة منه "ص". إن الحبيب "ص"بشر، إلا أنه أكمل البشر، وواهب كماله وفضله هو الله عز وجل، ولهذا فإن الكمال المحمدي –ذاتا وصفات- عطاء إلهيا لا يُسامي رسول الله فيه، ولايقوي القلم علي رسم حقيقته. وحق فيه قول القائل: وما مثّلوا صفاتك للناس إلا كما مثل النجوم المساء
وقد وصف الحبيب محمدا"ص" بعض من أصحابه ومواليه وآل بيته، وكل واصف لم يعد الحقيقة، بل لم ينته إليها، وذلك لعجزه وعدم قدرته علي رسم الصورة الحقة للذات المحمدية.
ففي وصف علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قال"كان الرسول "ص" ليس بالطويل ولا القصير، فخم الرأس واللحية، شثن الكفين والقدمين ( ممتلئ لحم الكفين والقدمين)، ضخم الكراديس( الأكتاف)، مشربا وجهه حمرة،طويل المسربة(شعر الصدر)، إذا مشي تكفأ تكفؤا، كأنما ينحط من صبب(انحدار)، لم أر قبله ولا بعده مثله، وكان أدعج (أسود) العينين، سبط الشعر، سهل الخدين، ذا وفرة، كأن عنقه إبريق فضة، وإذا التفت ، التفت جميعا، كأن العرق في وجهه اللؤلؤ الرطب، لطيب عرقه وريحه وخاتم النبوة بين كتفيه، وهوبضعة لحم ناشزة(مرتفعة) حولها شعر طيب جميل".
وفي هذا الصدد يقول الشيخ فرحات المنجي أحد علماء الأزهر الشريف في تصريح خاص ل"محيط":
أولا: الإمام علي –رضي الله عنه- وصف النبي "ص" لمن لم يره علي أساس أنه ليس هناك من يضاهيه خَلقا ولا خُلقا ، ووصفه كأنه تحد للجميع علي أن الله تعالي وصفه علي هذه الصورة الجلية.
ثانيا : من يمثله ؟ سكير عربيد، أم رجل ترتمي في أحضانه النساء، فهل يليق أن يمثله أقذر خلق الله ؟
ويكمل الشيخ "إنني خضت تجربة كهذه، فقد رأيت بعض من حلقات مسلسل وكان عن نبي من أنبياء الله، فالتصقت صورة هذا الشاب بصورة النبي، فكلما صادفت سيرة النبي الذي مثله في السماع أو القراءة تذكرت هذا الشاب، وكأن هذا الشاب صار النبي نفسه، فعلمت مدي ضرورة حرمة أن يتمثل به"ص".
ثالثا : إن النبي "ص" مطلق العنان لنا في صورته فمنا من يتخيله نورا أو بشرا جميلا إلي غير ذلك، فكل واحد من يراه بمخيلته. فهل رأينا الشيطان ؟، لا لم نره إنما تخيلناه في صورة بشعة، ثم هل رأينا العنقاء؟، لم نرها لكننا نتخيلها بعقولنا، ومخيلتي أنا تختلف عن مخيلة هذا وذاك، هذا هو الأمر.
قس علي ذلك كمثال أن أهل الشيخ الشعراوي –رحمه الله تعالي-، اشترطوا علي من يقوم بدوره ألا يمثل غير دور الشعراوي، لكنه لم يفي بهذا الشرط ، علما بأن الشيخ بشرا نحترمه ونكن له كل التقدير، فماذا لو كان النبي "ص" ،هذا يؤكد أن درجة النبي لا يمكن قياسها علي ذلك. والله تعالي أعلي وأعلم"
وقد سبق وأن أشار " أبو بكر الجزائري" في كتابه –هذا الحبيب- إلي هذا الأمر قائلا: "كانت تلك صورة رسول الله "ص" رسمها أبلغ أصحابه بيانا وأفصحهم لسانا، ومن أصدقهم لهجة ، وأكثرهم تحريا للحقيقة، فلو أراد المصورون اليوم-لعنهم الله علي لسان رسوله- لو أرادوا أن يرسموا صورة لمثل رسول الله "ص" والله ما قدروا ولو اجتمعوا لذلك، ولكانوا كاذبين، وملعون من كذب علي رسول الله "ص" فيما تخيلوه ورسموه".
ويؤكد الجزائري "وقد بلغني أن منظمة ما في بلد ما رسمت صورة في شكل تمثال وقالوا (هذا محمد"ص") فكَرّ عليها رجال سفارة خادم الحرمين الشريفين فهدموها وحطموها فجزاهم الله خير الجزاء."