أحيانًا يكون للسياسات الإقليمية اعتبار آخر، فهل العالم مُقدم الآن على حرب قوى، أم هى حرب مصالح تحقق فى النهاية مصلحة قوة واحدة، أم تحقق التوازن الطبيعي للركود العربي في عرف القوى الدولية. بغض النظر عن التوغل الأمريكي الإسرائيلي في الشرق الأوسط المتورط أساسًا من ذي قبل باعتبار استمرار تواجده يحتم عليه اللعب بكافة الأصعدة، لذلك هناك تيقن من أن المصالح الغربية فى المنطقة خاصة باب المندب من المستحيل أن يتم اعتراضها.. والدليل على ذلك لم يتم توجه الحوثيين للسيطرة على باب المندب وتم الاكتفاء بالسيطرة على ميناء مخاء القريب منه. ويرجع ذلك إلى حجم القوات الدولية، وعلى رأسها قوات الناتو، المتواجدة في مياه خليج عدنوالبحر الأحمر، وتمركزها في الكثير من الجزر الاستراتيجية المتناثرة في البحر الأحمر من باب المندب إلى مضيق ثيران في خليج العقبة، لذلك سأستثنى هذا العنصر من بند الصراع الدولي على منطقة الشرق الأوسط، لأتحدث عن اعتبار آخر وهو السياسة الإقليمية كأساس لتواجد دول ذات نفوذ، مع منع تهديد أمنها القومى. هنا أتحدث عن الأمن القومي للملكة العربية السعودية كإحدى الدول الإقليمية ذات النفوذ في المنطقة، والذي ينعكس تهديد أمنها القومي على باقى دول المنطقة، كثاني أكبر دولة من حيث النفوذ بعد مصر، إذن عندما يتم تهديدها كدولة أو نظامها من ناحية الجنوب من قبل المد الشيعي الإيراني متمثلا في الحوثيين يأتي الصدع العربي. فإذا كانت العملية مُتمثلة في الحرب الإيرانية الامريكية كغطاء فهناك حرب كامنة أخرى مُتمثلة في التنافس "السعودي الإيرانى"، لذلك ليست المسألة الآن مُتعلقة بالصراع السُنى الشيعي بقدر ما هي مُتمثلة في صراع القوى بين دول عربية ذات نفوذ على الصعيدين الإقليمي والدولي وبين دولة نووية تحاول أن تفرض نفسها على النطاق العربي لتتصدر الساحة الدولية وتعتلي عرش النفوذ العربي الإقليمي، بالتالي تأتي عملية "عاصفة الحزم" كتحالف عربي لحماية نفوذ وإخماد قوى. من المتعارف عليه أن الحوثيين عاثوا فسادًا في اليمن منذ سنوات، ووصل الوضع ذروته منذ سنة ماضية، حتى أنهم هاجموا القصر الرئاسي واستولوا على العديد من المناطق داخل اليمن ومنها العاصمة صنعاء فى 21 سبتمبر 2012 والعديد من الموانئ والمناطق الحيوية في الدولة، وانتشار عناصرهم في بعض المحافظاتالغربية والوسطى، دون أن يحرك ذلك المجتمع الدولي أو العربي، ولم يصدر سوى الإدانة والدعوة لتسوية القضية سلميًا من قبل جامعة الدول العربية، لكن عندما يتخذ الوضع منحى مغايرًا ويهدد دولة كبرى يأتي التحرك فجائيًا دون تردد، هكذا تكون السياسات الدولية، بالتالي عندما أدركت السعودية خطر النفوذ الإيرانى فى المملكة والتمدد في المنطقة خاصة دول الخليج كان لابد من استدعاء قوة عربية موحدة. هنا نجد أرض اليمن ساحة معركة بين قوى متصارعة عربية إيرانية، كالأرض السورية العراقية التى أصبحت هى الأخرى ساحة معركة بين قوى دولية متعددة يتصدرها الصراع الروسي الأمريكي، ليصبح "داعش" و"الحوثيون" وباقى الجماعات المسلحة الأخرى في المنطقة أوراق لعب أو دُمي تحركها باقى القوى العربية والدولية لتحقيق المصالح العظمى. هنا يأتي التساؤل: هل القوة العربية الموحدة التى دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن تكون آلية عربية دائمة ستظل آلية ردع عربية جديدة في مواجهة النفوذ الخارجى المتمثل فى القوى الدولية وإيران؟، هل ستصبح ذات قوة نفوذ عربية تنقذ العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن والسودان والصومال والصحراء الغربية من براثن الحرب الأهلية وحرب الإرهاب، حتى لا تظل ورقة تلعب عليها القوى الدولية فى المنطقة ؟. وماذا عن فلسطين قلب العرب أجمع هل ستكون هذه الآلية العربية أداة ردع تقف أمام المد الإسرائيلي الصهيوني؟.. هل سنستيقظ نحن العرب يوماً على ضربات جوية عربية على المواقع العسكرية الإسرائيلية..؟ هل سيكون هناك تحالف عربي حقيقي لينهي مهزلة القوى الدولية فى العالمين العربي والإسلامي؟ لعلنا ننتظر حتى تشرق شمس جديدة على عالم عربي متحد وقوي.