انتخابات النواب 2025، ننشر الحصر العددي لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد في الدقهلية    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    أزمات سد النهضة وغزة والخرطوم أبرزها، رسائل قوية من السيسي لرؤساء فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية    انخفاض أسعار البيض اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية بغرب جرجا    محافظ أسيوط يعلن إعادة فتح كوبري نجع سبع بعد الانتهاء من أعمال الصيانة    وزير الزراعة يبحث مع مزارعي الإصلاح بالبحيرة وأسوان حلول لرفع الأعباء عن كاهلهم    وزير الدفاع البيلاروسي: بولندا تنشر صواريخ باتريوت لتخويف شعبها من هجوم مزعوم    أستراليا تعتزم إطلاق برنامج وطني لإعادة شراء الأسلحة بعد هجوم بونداي    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    خطوط حمراء في لحظة مفصلية    أحمد عبد الوهاب يكتب: تسريب «مشعل» بين خطاب المقاومة وحسابات الأنظمة    بوتين: حتى الآن لا نرى أي استعداد لدى نظام زيلينسكي للتسوية    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة حرس الحدود    18.56 مليون يورو القيمة التسويقية لمنتخب غينيا الاستوائية قبل أمم أفريقيا    عامل دليفري يتخلص من حياته شنقًا بالهرم بسبب خلافات مع أسرته    مصرع طبيب ب «طلقة طائشة» أثناء مشاركته في قافلة بقنا    "دولة التلاوة" يستعيد أمجاد الأصوات الذهبية، انطلاق فصل جديد من البرنامج القرآني الليلة    خالد عبد الغفار يلتقي وزير الصحة التونسي لبحث تعزيز التعاون في القطاع الصحي    إبراهيم محمد يدير مواجهة الزمالك وحرس الحدود في كأس العاصمة    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    وكيل فرجاني ساسي: إيقاف القيد نهائي ولا يمكن الطعن عليه والزمالك لم يتواصل معنا    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    استعدوا لفصل البرودة.. الأحد المقبل بداية الشتاء 2025 ويستمر 89 يوما    غدا السبت ضعف المياه عن مركز ومدينة ناصر ببنى سويف    بدر الرفاعي: شعرت بألفة خاصة تجاه كتاب «إعلام الجماهير»    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    طريقة عمل كيكة المج في خطوات بسيطة    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    رئيس الوزراء اللبنانى يستقبل مصطفى مدبولى بالسراى الحكومي فى بيروت    نتيجة الحصر العددي لانتخابات الدائرة الثالثة بالإسماعيلية    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    تفحم 7 منهم.. كواليس مصرع وإصابة 11 شخصًا في حريق سيارة بالجيزة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم عيد حماد في دائرة حلوان والتبين والمعصرة    إشادة بمسيرته العلمية.. تكريم دولي للدكتور الخشت في فرنسا| فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. النص الكامل لخطاب الرئيس السيسي أمام البرلمان الأثيوبي
نشر في صدى البلد يوم 25 - 03 - 2015

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، كلمة تاريخية أمام البرلمان الأثيوبي بالعاصمة أديس أبابا، وسط حضور أعضاء البرلمان وكبار قادة الجمهورية الأثيوبية، وكان نصها كالتالي:
السيد/ رئيس جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية
السيد/ رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية
السيد/ رئيس مجلس نواب الشعب الإثيوبى
السيد/ رئيس المجلس الفيدرالىالإثيوبى
السيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الفيدرالى
الحضور الكريم،
إنها لحظة تاريخية فارقة، تلك التىأقف فيها أمامكم،فىبيت الشعب الإثيوبى، لأحمل لكم رسالة أُخُوَّة صادقة ومحبة خالصة، وأيادٍ ممدودة بالخير، تنشد التعاون من أجل التقدم والرخاء، من أخوتكم فىمصر، الذين تطلعوا معكم لتلك اللحظة،التى تجسد إرادة سياسية متبادلة للحوار والتواصل والتعاون على كافة المستويات ومن خلال مختلف المحافل، فنحن ومنذ بدء التاريخ، ننهل ونرتوى من نهر النيل العظيم، الذى أجراه الخالق ليحمل الحياة والنماء لشعوب حوضه، إنه النهر الذى باتت مياهه تجرى دماءً فى عروق المصريين والإثيوبيين الذين سيظلون دوماً أشقاء، ولن يسمحوا لأى خلاف بأن يدب بينهم أو أن ينال من قوة الروابط التى تجمعهم، وهو ما يؤكده تواصلى المستمر مع أخى رئيس الوزراء الإثيوبىمنذ لقائنا الأول فى مالابو، وثقتىكاملة فى أنه يتطلع معى إلى توثيق وتفعيل ما بيننا من صلات والبناء عليها فى كل المجالات، وقد تأكدت تلك الثقة عندما سعدت بلقاء الأخ العزيز رئيس مجلس نواب الشعب الإثيوبىفى القاهرة بصحبة نخبة من أعضائه ووفد الدبلوماسية الشعبية،
إن تلك الصلات التى تجمع بين بلدينا زادت قوة بانتمائنا معاَ إلى عائلة واحدة هى قارتنا الأفريقية التى تستضيف أديس أبابا رمز وحدتها، حيث كانت مصر من أشد المتحمسين لأن تكون هذه المدينة مقراً لها، لقد كان وقوف بلدينا فى طليعة الآباء المؤسسين
لمنظمة الوحدة الأفريقية أقوى تعبير عن إدراكهما لارتباط مصير أبناء تلك العائلة الأفريقية وحتمية نضالهم معاً من أجل التحرر والاستقلال والوحدة، وأنه لا بديل عن تلبية نداء التعاون حتى يمكن لشعوب أفريقيا مجابهة التحديات التى كانت تواجهها، واليوم وإن اختلفت طبيعة التحديات لكنها زادت جسامة وتعقيداً، على نحو بات يحتم علينا درجة أوثق من التعاون والتضامن ومزيداً من الفهم المشترك للبناء على ما يجمعنا،
السيدات والسادة،
إننى وباِسم تلك الأخوة وهذا المصير المشترك، ومن منطلق مسئوليتنا جميعاً إزاء شعوبنا وأجيالنا القادمة، أدعوكم اليوم كى نكتب معاً صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات المصرية الأثيوبية، نسطر فيها آمال وطموحات شعبينا، نتطلع فيها إلى مستقبلنا المنشود، مستقبل زاخر بالرخاء ومفعم بالأمل، ونستلهم فيها أفضل ما فى تاريخنا من قيم سامية ومواقف مُشرقة لن ينساها التاريخ، من رحلة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عليهما السلام طلباً للأمان فى بلادنا التى باركها الله فى الإنجيل والقرآن، إلى لجوء المسلمين الأوائل لإثيوبيا هرباً من الاضطهاد حيث لقوا الحماية والرعاية من أهلها، وصولاً إلى كفاحنا ضد الاستعمار وتدخل القوى الطامعة فى بلادنا،
أدعوكم أيضاً لنأخذ العبرة من الصعاب التىخضناها، ومن العقبات التى اعترضت سبيل علاقاتنا، لكى نتخطى سلبيات الماضىالتى يجب أن نتفق على أنها لن تضع قيوداً على الحاضر، ولن تعيق تطلعاتنا نحو المستقبل، نعم، نحن بحاجة إلى بناء جسور الثقة، لكننا نريد أيضاً أن نسد فجوات الشك والريبة التى ما كان يجب لها أن تُترك لتتمدد، أو أن تصبح هُوَّة تفصل فيما بيننا، وتلك مسئولية مشتركة تقع على عاتق السياسيين والمثقفين والإعلاميين فى بلدينا، باعتبارهم قادة الرأى والفكر، وعليهم أن يرتقوا إلى قدر المسئولية الجسيمة التى يحملونها أمام الله وأمام الشعوب، فمن الواجب علينا معاً أن نترك لأجيالنا الجديدة ميراثاً أفضل مما آل إلينا.
كما نحتاج إلى أن نكتب معاً صفحة جديدة فى تاريخ علاقاتنا الثنائية نستفيد فيها من مبادئ العصر الحديث الذى نعيشه، وعلى رأسها التعاون وتحقيق المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة، فمن يَنشُد التقدم فى عالم اليوم يدرك أن عليه تجنب النزاعات غير المُجدية، والنأى ببلاده عن الصراعات التى تستنفد الطاقات والموارد الثمينة، والتى يجب توجيهها عوضاً عن ذلك إلى التنمية وتحقيق الرخاء، من أجل الارتقاء على دروب العلم والمعرفة وامتلاك الأدوات التى تكفل استدامة التقدم والرقي.
السيدات والسادة،
أدعوكم اليوم لكى نضع معاً ركائز مستقبل أفضل لأبنائنا ولأحفادنا، مستقبلٌ تُضاء فيه كل فصول المدارس فى إثيوبيا، ويشرب فيه كل أطفال مصر من نهر النيل كعهد آبائهم وأجدادهم، مستقبلٌ يتسع فيه اقتصاد البلدين ليستوعب قوتهما العاملة بما يضمن العيش الكريم لشعبينا، ويحقق الإنتاج الوفير لبلدينا، ولكى يستعيدا مكانتهما بين الأمم بما يتسق مع تاريخهما وقدراتهما، فلا ينبغى أبداً أن يأمن أحدنا على مستقبله دون الآخر، أو أن يبنى رفاهيته على حساب أخيه، فكما أن لبلدكم الشقيق الحق فى التنمية، وفى استغلال موارده لرفع مستوى معيشة أبنائه، وكما لا ينبغى أن يشهد القرن الحالى مشاهد الجفاف والمجاعة التى أدمت قلوبنا جميعاً وتألمنا لها فى القرن الماضى، فإن لأخوتكم المصريين أيضاً الحق ليس فقط فىالتنمية ولكن فى الحياة ذاتها، وفى العيش بأمان على ضفاف نهر النيل الذى أسسوا حوله حضارة امتدت منذ آلاف السنين ودون انقطاع.
إن هذه الحضارة التى أقامها المصريون أدركت منذ القدم قيمة النهر العظيم فكان يوم وفائه عيداً، وخاطبه المصريون بالشعر والغناء كأنه يسمع ويعى مدى اِرتباطهم به، إن ذلك التخليد ليس إلا تعبيراً بسيطاً عن محورية النيل الذى كان ولا يزال المصدر الوحيد للمياه، بل وللحياة، لما يقرب من 90 مليون مصرى يعيشون على جانبيه ويتعلقون به، وتقوم حياتهم فىالوادى الضيق الذى يشقه نهر النيل وسط صحراء شديدة الجفاف تمثل نحو 95٪ من مساحة مصر، كما أن نشأة الدولة المصرية ذاتها ارتبطت بدورها الرئيسىفى تنظيم الحياة حول نهر النيل، وفى إدارة حقوق المواطنين فى الاستفادة من مياهه، وقد امتد هذا الدور على مدى العصور التالية تأكيداً للارتباط الوثيق بين مصر وبين نهر النيل، فقامت الحضارة المصرية وأبدعت فى مختلف مجالات الحياة لتسهم فى إثراء التراث البشرى، واليوم وبرغم زيادة السكان بمعدلات كبيرة وتعاظم الاحتياجات وتوسعها لتحقيق متطلبات التنمية الشاملة، لم تشهد موارد مصر من المياه أية زيادة تتناسب مع كل هذه الاستخدامات الأساسية، إننا بإذن الله عازمون على أن تعود مصر لمكانتها وعلى أن تزداد حضارتها تألقاً، على أن يكون التعاون والمشاركة وسيلتنا لتحقيق النماء والازدهار والرخاء لنا فى مصر ولأشقائنا فى إثيوبيا وفى حوض النيل بأكمله، لاسيما فى ظل ما لدى دول الحوض من الموارد ومن الإمكانيات البشرية، وذلك فىإطار سياسة الانفتاح على إفريقيا التىتحرص عليها مصر الجديدة، التىلا تكتفى بالأقوال بل تتخذ من الأفعال سبيلاً لتعزيز علاقاتها العضوية مع قارتها الأم ودولها الشقيقة.
السيدات والسادة،
إن لدينا اليوم الفرصة السانحة لنصوغ معاً رؤيةً طموحاً للمستقبل، حتى يسجل التاريخ أننا كنا على قدر المسئولية التى تحملناها، وأننا سعينا دون تقصير لضمان حقوق شعوبنا الأساسية، بما فى ذلك الحق فى حياةٍ كريمةٍ خاليةٍ من الجوع والعطش، ومن الظلام والفقر، للوفاء بالوعود التى قطعناها على أنفسنا لأبناء الوطن نحو مزيد من التنمية، والتى نثق أنها سوف تمتد حتماً لتعُم دول المنطقة وقارتنا بأكملها، عندما نقدم مثالاً يُحتذى به للتعاون والعمل المشترك والمثمر، لدينا اليوم هذه الفرصة، من خلال إنفاذ الإرادة السياسية التى أنجزت اتفاق المبادئ الذى وقعنا عليه فى الخرطوم مؤخراً، وذلك باِستكمال الإجراءات الدستورية فى دولنا حتى يدخل حيز النفاذ دون إبطاء أو تأجيل، فالعبرة ليست بالكلمات والشعارات، ولا بتوقيع الوثائق والاتفاقيات، وإنما بتنفيذها بصدق وإخلاص، ولسوف تذكر الأجيال القادمة أننا اخترنا فى لحظات حاسمة أن ننحاز إلى مستقبل أفضل، وألا نبقى أسرى للماضى، وأن نحلق نحو آفاق أرحب من التعاون، دون قيود من الشك والريبة، وسوف تجد الأجيال القادمة أيضاً أن الاتفاق الذى أنجزناه كان هو السبيل إلى ذلك الأفق الذى مضينا إليه، على أساس قوى من الثقة المتبادلة والتفاهم المشترك حول المبادئ والإجراءات التىأرسيناها معاً من خلال الاتفاق الذى تم توقيعه.
كما أن اتفاقنا لابد أن يدفعنا لاستغلال القواسم المشتركة التى تجمع بين مصر وأثيوبيا والسودان وجنوب السودانفى إطار حوض النيل الشرقى، والتى تؤهل هذه الدول الشقيقة جميعاً للبناء على ذلك الاتفاق الذى وقعنا عليه، من خلال صياغة وتنفيذ الخطط للتعاون وللاستفادة من مواردنا المشتركة للتغلب على المشكلات وتحقيق الفوائد المتبادلة.
فلنعمل إذن من أجل مواطنينا، ولنقدم لأبناء قارتنا نموذجاً يُجسد معانى الأخوة والتفاهم، ويتبنى فى ذات الوقت مبادئ التعاون والإنصاف وتبادل المصالح بين الدول، بل إننى أدعوكم أيضاً انطلاقاً من هذه النقطة، وكنواب للشعب الإثيوبىإلى النظر إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى العمل مع أشقائكم فى مصر وفى باقى دول حوض النيل لبناء توافق أشمل وأوسع فيما بيننا، يسمح بتجاوز الخلافات والنقاط العالقة فى الاِتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل، حتى تتسع كى تشمل كافة دول الحوض وتلبى احتياجاتها جميعاً، ولكى نمضى بكل ثقة نحو آفاق من التعاون الذى لم يعُد من قبيل الترف، بل إن التخلف عنه صار بمثابة إضاعة لفرص سانحة، وإهدار لعوائد كان يمكن لنا تحقيقها، فالموارد متوافرة ومتاحة، ولا ينقصنا سوى توظيفها واستقطاب الفواقد منها، واستخدامها فيما ينفع شعوبنا التىطالما تاقت نحو التنمية والرخاء.
فالتحديات التى تواجهنا سواءً فى حوض النيل أو فى أفريقيا عديدة وعلى جبهات واسعة، فما بين الفقر والبطالة وسوء استغلال وإدارة الموارد، وبين قضايا السلم والأمن ومكافحة الإرهاب البغيض الذى يتربص بنا والجريمة المنظمة التى تتاجر بأبنائنا وتقتات من دمائهم، فضلاً عن تفشى الأمراض والأوبئة والتهديدات المرتبطة بتغير المناخ وتدهور البيئة والتصحر، لا بديل لمصر وأثيوبيا كقطبين رئيسيين فى القارة، سوى أن تعملا على المستوى الثنائى ومع أشقائهما فى أفريقيا، للتغلب على تلك التحديات التى أصبحت تهدد شعوبنا بل وتستهدف كياننا ووجودنا ذاته.
واسمحوا لى هنا أن أشير بصفة خاصة إلى أحد أبرز التحديات التى تواجه منطقتنا والتى لا تقل خطراً عن الجفاف أو الأمراض، إنه وباء الإرهاب الذى يحصد الأرواح ويقسم المجتمعات ويقضى على نسيجها، إن عدوى هذا الوباء تنتقل عبر الحدود وتتحدى سلطات الدول، فلا يمكن اليوم أن نفصل بين التنظيمات الإرهابية التى تسعى للتمدد فى أقاليم أفريقيا المختلفة، الأمر الذى تتطلب معه جهود مقاومة الإرهاب والقضاء عليه عملاً جماعياً على مختلف المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، فما لم نعمل معاً على استئصاله، لا يمكن أن يكون أحدنا بمأمن من شره.
السيدات والسادة،
لقد حان الوقت كى تتحقق نبوءة الزعيم الأفريقى العظيم "نكروما" عن "نهضة إثيوبيا الحكيمة"، والتى أطلقها فى ختام الاجتماع التأسيسى لمنظمة الوحدة الأفريقية منذ أكثر من خمسين عاماً، ومصر اليوم تقف بكل عزم إلى جانب إثيوبيا لكى نحول معاً تلك النبوءة إلى حقيقة واقعة، إنطلاقاً مما أكده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى نفس الاجتماع حينما تحدث عن مجئ مصر "بقلب مفتوح وعقل مفتوح وتقدير للمسئولية مفعم بالنية الصادقةوهى مستعدة أن تتحمل إلى كل الحدود مسئولياتهاالتاريخية تجاه قارتنا الإفريقية"، ولا يفوتنا بهذا المقام الإشارة إلى ما ذكره رئيس الوزراء الإثيوبي العظيم "ميليسزيناوي" خلال زيارته للقاهرة عندما ذكر أن نهر النيل يُعد بمثابة الحبل السُرى الذى يربط بين مصر وإثيوبيا، وهو ما يؤكد أن تدفق مياه النهر من المنبع إلى المصب ما هو إلا حصص إلهية قدرها الله لنا جميعا.
وإننى أؤكد أمامكم مُجدداً التزام مصر بهذا الواجب، وحرصها على الوفاء به على أسس من التعاون والمشاركة، باعتبارهما أقوى دافع وأفضل ضمان حتى تكلل جهودنا بالنجاح.
إن مصر الزاخرة بالإمكانيات والطاقات وبخبرات وقدرات أبنائها، وبما لديها من العلاقات الممتدة والمتشعبة إقليمياً ودولياً، ومن الانفتاح على العالم فى مختلف المجالات، على استعداد لأن تستثمر بكل دأب فى مشاركة فعالة مع أشقائها فى إثيوبيا ومن أجلهم، نهدف إلى أن يكون أهم عوائدها هو تحقيق التنمية والفائدة المشتركة فى مختلف المجالات، لاسيما تلك التى يلمسها المواطنون فى القرى والحقول وفى القطاعات التى تمس حياتهم ومستقبلهم.
وأخيراً وليس آخراً، أؤكد لكم باِسم الإنسانية التى تجمعنا، وأخوتنا الإفريقية التى نعتز بها، ونيلنا الذى يوحدنا، إننى بينكم اليوم لنكسب معاً، لنصنع مستقبلاً واعداً وحياة مزدهرة لنا جميعاً، فلا سعادة لأحدٍ بشقاء الآخرين، لنقر حقوق شعبينا بتحمُلٍ كاملٍ للمسؤولية، وبضمائر نقية، لنؤكد معاً قيماً نبيلة، أراد الله العلى القدير، أن ننشرها فيما بيننا، وأن تكون دستوراً لحياتنا معاً، إعلاءً لقيمة الإنسان، الذي كرمه الله، وأمره بعمارة الأرض، ولنساعد معاً فىإحياء نفوس بريئة مصداقاً لقوله تعالى "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.