القائمة الوطنية تقدم أوراق ترشحها في انتخابات مجلس النواب بالجيزة والصعيد    «النواب» يناقش غدًا اعتراض الرئيس على «الإجراءات الجنائية».. ومصادر: عرض استقالة 4 أعضاء    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يفتتحان المؤتمر السنوي الرابع للدراسات العليا في العلوم الإنسانية    وظائف خالية اليوم.. 134 فرصة عمل جديدة بالعين السخنة    الكاردينال كورت كوخ: وحدة المسيحيين ليست خيارًا بشريًا.. بل إرادة إلهية لا بديل عنها    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    معلومات الوزراء: تضاعف استهلاك الكهرباء بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3 مرات خلال الربع الأول من القرن الحالي    مصر تنقل خبراتها الزراعية لدول «الأمن الغذائي الإسلامي» لتعزيز الاستثمار والتنمية    13 قرارا جديدا للحكومة.. تعرف عليها    توقيع اتفاقية خاصة بإنشاء مكتب للبنك الدولي في دولة قطر    اصطفاف عدد كبير من شاحنات الوقود أمام معبر رفح استعدادًا لدخول غزة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد التزام الحكومة ببرنامجها لسداد مستحقات الشركاء الأجانب (تفاصيل)    الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطينيين يتفقدون منازلهم في غزة    الكرملين: بوتين والشرع سيتطرقان إلى موضوع القواعد الروسية خلال المحادثات    مارك روته: المزيد من حلفاء الناتو سيمولون شحنات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا    «أراكم في نوفمبر».. رونالدو يعلق على رقمه القياسي مع البرتغال    «حالته النفسية صعبة».. إعلامي يوجه طلبًا عاجلًا لإدارة الأهلي بسبب إمام عاشور    رمضان السيد ينتقد أسامة نبيه: «تسرع في الظهور.. وكان لازم يهدى الأول»    «عايز ياخد عقده مرتين».. عبدالواحد السيد يفتح النار على زيزو.. ويكشف مفاجأة «عباس»    بعثة المصري تصل إلى ليبيا استعدادًا لمواجهة الاتحاد في الكونفيدرالية    كشف ملابسات مقتل شخص بطلق خرطوش بالقليوبية وضبط الجناة    سوزي الأردنية أمام المحكمة: «اتحاسبت على غلطتي.. والمرة دي ما عملتش حاجة»    إعدام سجائر مهربة جمركيًا في الوادي الجديد    تطورات الحالة الصحية للأطفال المصابين في حادث سقوط تروسيكل بمصرف في منقباد بأسيوط    القبض على 6 سيدات يروجن لأعمال منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي بالجيزة والإسكندرية    الليلة.. فرقة النيل تختتم معرض الزمالك الأول للكتاب بحفل شعبي على مسرح القومي    ستايل خريفي دافئ.. ألوان هتخلي بشرتك تنوّر من غير فاونديشن    افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية «التراث الأثري الإيبروأمريكي» بمكتبة الإسكندرية (صور)    تردد قناة Star TV التركية لمشاهدة المسلسلات التركية 2025    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    بعد إغلاق «الكبير».. إقبال ملحوظ من السائحين على زيارة المتحف المصري بالتحرير (صور)    ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    الصحة: إطلاق حملة توعية مدرسية لتعزيز ثقافة غسل اليدين للوقاية من الأمراض المعدية    نرعاك تسمع.. حملة لتوفير السماعات الطبية بالمجان لمنتفعي التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يبحث مع شركتي «تكنوويف وميدبوت» الصينيتين تطوير الجراحة الروبوتية في مصر (تفاصيل)    تدشين وحدة الكلى الصناعي الجديدة في مستشفى كوم أمبو بأسوان    من هو معلق مباراة المغرب ضد فرنسا تحت 20 سنة في كأس العالم للشباب؟    حملات الدائري الإقليمي.. ضبط 103 سائقين لتعاطيهم المخدرات أثناء القيادة    السرعة الزائدة تودي بحياة سائقين في حادث تصادم بصحراوي المنيا    قبل ما تدفع غرامة.. شوف إزاي تستعلم عن مخالفات المرور برقم العربية وانت قاعد في البيت    «الوزراء»: 58% من العارضين في «تراثنا» سيدات    اشتركات جنونية ..اتوبيس المدرسة مأساة أولياء الأمور فى العام الجديد    بمشاركة مصرية.. انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للحديد والصلب في الرياض    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    نادية مصطفى تروج لحفلتها الغنائية بمهرجان الموسيقى العربية    التعليم: 158 جنيها رسوم دخول امتحانات الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2025-2026    «التضامن»: توزيع 2000 جهاز لاب توب ناطق مجهز لدعم الطلاب المكفوفين في استكمال دراستهم الجامعية    مدرب اليابان: الفوز التاريخي على البرازيل ثمرة عمل عشرات السنوات    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من مشروعات الكهرباء والإنارة ب«شمس الحكمة»    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    «الأمم المتحدة» تحذر من خطر مخلفات الحرب الإسرائيلية على غزة    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. ننشر نص كلمة الرئيس السيسي أمام البرلمان الإثيوبي
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 03 - 2015

تنشر "بوابة الأهرام" نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام البرلمان الإثيوبي التي ألقاها ظهر اليوم الأربعاء، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وجاء نص الكلمة كالتالي...
السيد/ رئيس جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية
السيد/ رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية
السيد/ رئيس مجلس نواب الشعب الإثيوبى
السيد/ رئيس المجلس الفيدرالى الإثيوبى
السيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الفيدرالى
الحضور الكريم،
إنها لحظة تاريخية فارقة ... تلك التى أقف فيها أمامكم ...فى بيت الشعب الإثيوبى... لأحمل لكم رسالة أُخُوَّة صادقة ومحبة خالصة ... وأيادٍ ممدودة بالخير ... تنشد التعاون من أجل التقدم والرخاء ... من أخوتكم فى مصر ... الذين تطلعوا معكم لتلك اللحظة ...التى تجسد إرادة سياسية متبادلة للحوار والتواصل والتعاون على كافة المستويات ومن خلال مختلف المحافل ... فنحن ومنذ بدء التاريخ ... ننهل ونرتوى من نهر النيل العظيم ... الذى أجراه الخالق ليحمل الحياة والنماء لشعوب حوضه ... إنه النهر الذى باتت مياهه تجرى دماءً فى عروق المصريين والإثيوبيين الذين سيظلون دومًا أشقاء ... ولن يسمحوا لأى خلاف بأن يدب بينهم أوأن ينال من قوة الروابط التى تجمعهم ... وهو ما يؤكده تواصلى المستمر مع أخى رئيس الوزراء الإثيوبى منذ لقائنا الأول فى مالابو ... وثقتى كاملة فى أنه يتطلع معى إلى توثيق وتفعيل ما بيننا من صلات والبناء عليها فى كل المجالات ... وقد تأكدت تلك الثقة عندما سعدت بلقاء الأخ العزيز رئيس مجلس نواب الشعب الإثيوبى فى القاهرة بصحبة نخبة من أعضائه ووفد الدبلوماسية الشعبية.
إن تلك الصلات التى تجمع بين بلدينا زادت قوة بانتمائنا معاَ إلى عائلة واحدة هى قارتنا الإفريقية التى تستضيف أديس أبابا رمز وحدتها ... حيث كانت مصر من أشد المتحمسين لأن تكون هذه المدينة مقرًا لها ... لقد كان وقوف بلدينا فى طليعة الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية أقوى تعبير عن إدراكهما لارتباط مصير أبناء تلك العائلة الإفريقية وحتمية نضالهم معًا من أجل التحرر والاستقلال والوحدة ... وأنه لا بديل عن تلبية نداء التعاون حتى يمكن لشعوب إفريقيا مجابهة التحديات التى كانت تواجهها ... واليوم وإن اختلفت طبيعة التحديات لكنها زادت جسامة وتعقيدًا ... على نحو بات يحتم علينا درجة أوثق من التعاون والتضامن ومزيدًا من الفهم المشترك للبناء على ما يجمعنا.
السيدات والسادة،
إننى وباِسم تلك الأخوة وهذا المصير المشترك ... ومن منطلق مسئوليتنا جميعاً إزاء شعوبنا وأجيالنا القادمة ... أدعوكم اليوم كى نكتب معاً صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات المصرية الأثيوبية ... نسطر فيها آمال وطموحات شعبينا ... نتطلع فيها إلى مستقبلنا المنشود ... مستقبل زاخر بالرخاء ومفعم بالأمل ... ونستلهم فيها أفضل ما فى تاريخنا من قيم سامية ومواقف مُشرقة لن ينساها التاريخ ... من رحلة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عليهما السلام طلبًا للأمان فى بلادنا التى باركها الله فى الإنجيل والقرآن ... إلى لجوء المسلمين الأوائل لإثيوبيا هرباً من الاضطهاد حيث لقوا الحماية والرعاية من أهلها ... وصولاً إلى كفاحنا ضد الاستعمار وتدخل القوى الطامعة فى بلادنا ...
أدعوكم أيضاً لنأخذ العبرة من الصعاب التى خضناها... ومن العقبات التى اعترضت سبيل علاقاتنا ... لكى نتخطى سلبيات الماضىالتى يجب أن نتفق على أنها لن تضع قيوداً على الحاضر ... ولن تعيق تطلعاتنا نحو المستقبل ... نعم ... نحن بحاجة إلى بناء جسور الثقة ... لكننا نريد أيضاً أن نسد فجوات الشك والريبة التى ما كان يجب لها أن تُترك لتتمدد ... أو أن تصبح هُوَّة تفصل فيما بيننا ... وتلك مسئولية مشتركة تقع على عاتق السياسيين والمثقفين والإعلاميين فى بلدينا ... باعتبارهم قادة الرأى والفكر ... وعليهم أن يرتقوا إلى قدر المسئولية الجسيمة التى يحملونها أمام الله وأمام الشعوب ... فمن الواجب علينا معاً أن نترك لأجيالنا الجديدة ميراثاً أفضل مما آل إلينا ...
كما نحتاج إلى أن نكتب معاً صفحة جديدة فى تاريخ علاقاتنا الثنائية نستفيد فيها من مبادئ العصر الحديث الذى نعيشه ... وعلى رأسها التعاون وتحقيق المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة ... فمن يَنشُد التقدم فى عالم اليوم يدرك أن عليه تجنب النزاعات غير المُجدية ... والنأى ببلاده عن الصراعات التى تستنفد الطاقات والموارد الثمينة ... والتى يجب توجيهها عوضاً عن ذلك إلى التنمية وتحقيق الرخاء ... من أجل الارتقاء على دروب العلم والمعرفة وامتلاك الأدوات التى تكفل استدامة التقدم والرقى ...
السيدات والسادة،
أدعوكم اليوم لكى نضع معاً ركائز مستقبل أفضل لأبنائنا ولأحفادنا ... مستقبلٌ تُضاء فيه كل فصول المدارس فى إثيوبيا ... ويشرب فيه كل أطفال مصر من نهر النيل كعهد آبائهم وأجدادهم ... مستقبلٌ يتسع فيه اقتصاد البلدين ليستوعب قوتهما العاملة بما يضمن العيش الكريم لشعبينا ... ويحقق الإنتاج الوفير لبلدينا ... ولكى يستعيدا مكانتهما بين الأمم بما يتسق مع تاريخهما وقدراتهما ... فلا ينبغى أبداً أن يأمن أحدنا على مستقبله دون الآخر... أو أن يبنى رفاهيته على حساب أخيه ... فكما أن لبلدكم الشقيق الحق فى التنمية... وفى استغلال موارده لرفع مستوى معيشة أبنائه ... وكما لا ينبغى أن يشهد القرن الحالى مشاهد الجفاف والمجاعة التى أدمت قلوبنا جميعاً وتألمنا لها فى القرن الماضى ... فإن لإخوتكم المصريين أيضًا الحق ليس فقط فى التنمية ولكن فى الحياة ذاتها... وفى العيش بأمان على ضفاف نهر النيل الذى أسسوا حوله حضارة امتدت منذ آلاف السنين ودون انقطاع ...
إن هذه الحضارة التى أقامها المصريون أدركت منذ القدم قيمة النهر العظيم فكان يوم وفائه عيداً ... وخاطبه المصريون بالشعر والغناء كأنه يسمع ويعى مدى اِرتباطهم به ... إن ذلك التخليد ليس إلا تعبيراً بسيطاً عن محورية النيل الذى كان ولا يزال المصدر الوحيد للمياه ... بل وللحياة ... لما يقرب من 90 مليون مصرى يعيشون على جانبيه ويتعلقون به ... وتقوم حياتهم فىالوادى الضيق الذى يشقه نهر النيل وسط صحراء شديدة الجفاف تمثل نحو 95٪ من مساحة مصر ... كما أن نشأة الدولة المصرية ذاتها ارتبطت بدورها الرئيسىفى تنظيم الحياة حول نهر النيل ... وفى إدارة حقوق المواطنين فى الاستفادة من مياهه ... وقد امتد هذا الدور على مدى العصور التالية تأكيداً للارتباط الوثيق بين مصر وبين نهر النيل... فقامت الحضارة المصرية وأبدعت فى مختلف مجالات الحياة لتسهم فى إثراء التراث البشرى ... واليوم وبرغم زيادة السكان بمعدلات كبيرة وتعاظم الاحتياجات وتوسعها لتحقيق متطلبات التنمية الشاملة ... لم تشهد موارد مصر من المياه أية زيادة تتناسب مع كل هذه الاستخدامات الأساسية ... إننا بإذن الله عازمون على أن تعود مصر لمكانتها وعلى أن تزداد حضارتها تألقاً ... على أن يكون التعاون والمشاركة وسيلتنا لتحقيق النماء والازدهار والرخاء لنا فى مصر ولأشقائنا فى إثيوبيا وفى حوض النيل بأكمله ... لاسيما فى ظل ما لدى دول الحوض من الموارد ومن الإمكانات البشرية ... وذلك فىإطار سياسة الانفتاح على إفريقيا التى تحرص عليها مصر الجديدة .. التى لا تكتفى بالأقوال بل تتخذ من الأفعال سبيلاً لتعزيز علاقاتها العضوية مع قارتها الأم ودولها الشقيقة ...
السيدات والسادة،
إن لدينا اليوم الفرصة السانحة لنصوغ معاً رؤيةً طموحاً للمستقبل ... حتى يسجل التاريخ أننا كنا على قدر المسئولية التى تحملناها... وأننا سعينا دون تقصير لضمان حقوق شعوبنا الأساسية ... بما فى ذلك الحق فى حياةٍ كريمةٍ خاليةٍ من الجوع والعطش ... ومن الظلام والفقر... للوفاء بالوعود التى قطعناها على أنفسنا لأبناء الوطن نحو مزيد من التنمية ... والتى نثق أنها سوف تمتد حتماً لتعُم دول المنطقة وقارتنا بأكملها ... عندما نقدم مثالاً يُحتذى به للتعاون والعمل المشترك والمثمر... لدينا اليوم هذه الفرصة ... من خلال إنفاذ الإرادة السياسية التى أنجزت اتفاق المبادئ الذى وقعنا عليه فى الخرطوم مؤخراً ... وذلك باِستكمال الإجراءات الدستورية فى دولنا حتى يدخل حيز النفاذ دون إبطاء أو تأجيل ... فالعبرة ليست بالكلمات والشعارات ... ولا بتوقيع الوثائق والاتفاقيات ... وإنما بتنفيذها بصدق وإخلاص ... ولسوف تذكر الأجيال القادمة أننا اخترنا فى لحظات حاسمة أن ننحاز إلى مستقبل أفضل ... وألا نبقى أسرى للماضى ... وأن نحلق نحو آفاق أرحب من التعاون ... دون قيود من الشك والريبة ... وسوف تجد الأجيال القادمة أيضاً أن الاتفاق الذى أنجزناه كان هو السبيل إلى ذلك الأفق الذى مضينا إليه... على أساس قوى من الثقة المتبادلة والتفاهم المشترك حول المبادئ والإجراءات التىأرسيناها معاً من خلال الاتفاق الذى تم توقيعه ...
كما أن اتفاقنا لابد أن يدفعنا لاستغلال القواسم المشتركة التى تجمع بين مصر وإثيوبيا والسودان وجنوب السودانفى إطار حوض النيل الشرقى ... والتى تؤهل هذه الدول الشقيقة جميعاً للبناء على ذلك الاتفاق الذى وقعنا عليه... من خلال صياغة وتنفيذ الخطط للتعاون وللاستفادة من مواردنا المشتركة للتغلب على المشكلات وتحقيق الفوائد المتبادلة ...
فلنعمل إذن من أجل مواطنينا ... ولنقدم لأبناء قارتنا نموذجاً يُجسد معانى الأخوة والتفاهم ... ويتبنى فى ذات الوقت مبادئ التعاون والإنصاف وتبادل المصالح بين الدول ... بل إننى أدعوكم أيضاً انطلاقاً من هذه النقطة... وكنواب للشعب الإثيوبى إلى النظر إلى ما هو أبعد من ذلك ... إلى العمل مع أشقائكم فى مصر وفى باقى دول حوض النيل لبناء توافق أشمل وأوسع فيما بيننا ... يسمح بتجاوز الخلافات والنقاط العالقة فى الاِتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل ... حتى تتسع كى تشمل كافة دول الحوض وتلبى احتياجاتها جميعاً ... ولكى نمضى بكل ثقة نحو آفاق من التعاون الذى لم يعُد من قبيل الترف ... بل إن التخلف عنه صار بمثابة إضاعة لفرص سانحة ... وإهدار لعوائد كان يمكن لنا تحقيقها ... فالموارد متوافرة ومتاحة ... ولا ينقصنا سوى توظيفها واستقطاب الفواقد منها ... واستخدامها فيما ينفع شعوبنا التى طالما تاقت نحو التنمية والرخاء ...
فالتحديات التى تواجهنا سواءً فى حوض النيل أو فى أفريقيا عديدة وعلى جبهات واسعة ... فما بين الفقر والبطالة وسوء استغلال وإدارة الموارد ... وبين قضايا السلم والأمن ومكافحة الإرهاب البغيض الذى يتربص بنا والجريمة المنظمة التى تتاجر بأبنائنا وتقتات من دمائهم ... فضلاً عن تفشى الأمراض والأوبئة والتهديدات المرتبطة بتغير المناخ وتدهور البيئة والتصحر ... لا بديل لمصر وأثيوبيا كقطبين رئيسيين فى القارة ... سوى أن تعملا على المستوى الثنائى ومع أشقائهما فى إفريقيا ... للتغلب على تلك التحديات التى أصبحت تهدد شعوبنا بل وتستهدف كياننا ووجودنا ذاته ...
واسمحوا لى هنا أن أشير بصفة خاصة إلى أحد أبرز التحديات التى تواجه منطقتنا والتى لا تقل خطراً عن الجفاف أو الأمراض ... إنه وباء الإرهاب الذى يحصد الأرواح ويقسم المجتمعات ويقضى على نسيجها ... إن عدوى هذا الوباء تنتقل عبر الحدود وتتحدى سلطات الدول ... فلا يمكن اليوم أن نفصل بين التنظيمات الإرهابية التى تسعى للتمدد فى أقاليم أفريقيا المختلفة ... الأمر الذى تتطلب معه جهود مقاومة الإرهاب والقضاء عليه عملاً جماعياً على مختلف المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ... فما لم نعمل معاً على استئصاله .. لا يمكن أن يكون أحدنا بمأمن من شره ...
السيدات والسادة،
لقد حان الوقت كى تتحقق نبوءة الزعيم الأفريقى العظيم "نكروما" عن "نهضة إثيوبيا الحكيمة" ... والتى أطلقها فى ختام الاجتماع التأسيسى لمنظمة الوحدة الأفريقية منذ أكثر من خمسين عاماً ... ومصر اليوم تقف بكل عزم إلى جانب إثيوبيا لكى نحول معاً تلك النبوءة إلى حقيقة واقعة ... إنطلاقاً مما أكده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى نفس الاجتماع حينما تحدث عن مجىء مصر "بقلب مفتوح وعقل مفتوح وتقدير للمسئولية مفعم بالنية الصادقةوهى مستعدة أن تتحمل إلى كل الحدود مسئولياتهاالتاريخية تجاه قارتنا الإفريقية"... ولا يفوتنا بهذا المقام الإشارة إلى ما ذكره رئيس الوزراء الإثيوبي العظيم "ميليسزيناوي" خلال زيارته للقاهرة عندما ذكر أن نهر النيل يُعد بمثابة الحبل السُرى الذى يربط بين مصر وإثيوبيا، وهو ما يؤكد أن تدفق مياه النهر من المنبع إلى المصب ما هو إلا حصص إلهية قدرها الله لنا جميعًا.
وإننى أؤكد أمامكم مُجدداً التزام مصر بهذا الواجب ... وحرصها على الوفاء به على أسس من التعاون والمشاركة ... باعتبارهما أقوى دافع وأفضل ضمان حتى تكلل جهودنا بالنجاح ...
إن مصر الزاخرة بالإمكانيات والطاقات وبخبرات وقدرات أبنائها ... وبما لديها من العلاقات الممتدة والمتشعبة إقليمياً ودولياً ... ومن الانفتاح على العالم فى مختلف المجالات ... على استعداد لأن تستثمر بكل دأب فى مشاركة فعالة مع أشقائها فى إثيوبيا ومن أجلهم ... نهدف إلى أن يكون أهم عوائدها هو تحقيق التنمية والفائدة المشتركة فى مختلف المجالات ... لاسيما تلك التى يلمسها المواطنون فى القرى والحقول وفى القطاعات التى تمس حياتهم ومستقبلهم ...
وأخيراً وليس آخراً ... أؤكد لكم باِسم الإنسانية التى تجمعنا ... وأخوتنا الإفريقية التى نعتز بها ... ونيلنا الذى يوحدنا ... إننى بينكم اليوم لنكسب معاً... لنصنع مستقبلاً واعداً وحياة مزدهرة لنا جميعاً .. فلا سعادة لأحدٍ بشقاء الآخرين ... لنقر حقوق شعبينا بتحمُلٍ كاملٍ للمسؤولية ... وبضمائر نقية ... لنؤكد معاً قيماً نبيلة ... أراد الله العلى القدير ... أن ننشرها فيما بيننا ... وأن تكون دستوراً لحياتنا معاً ... إعلاءً لقيمة الإنسان ... الذى كرمه الله ... وأمره بعمارة الأرض ... ولنساعد معاً فىإحياء نفوس بريئة مصداقًا لقوله تعالى "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لمزيد من التفاصيل إقرأ أيضًا :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.