أكد المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أن تنظيم "داعش" استفاد بشكل كبير من التطورات التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، كما استفاد أيضاً من أخطاء التنظيمات الجهادية الأخرى، وهو ما ساعده في تطوير استراتيجيات تجنيد وحشد طالت الفئات الشبابية، باعتبارها الأكثر احتكاكًا بالتكنولوجيا، والأكثر سعيًا للتحرر من حالة "الجمود الفكري" التي تواجهها التنظيمات الأخرى. وقال المركز فى دراسة أعدتها وحدة التحولات الداخلية الإقليمية بعنوان " آليات تنظيم داعش فى تجنيد الشباب" ان التنظيم أستطاع خلال فترة وجيزة جذب وتجنيد بعض العناصر الشبابية للانضمام إليه في كلٍّ من العراقوسوريا،وبعض الدول الآسيوية والأوروبية، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب انجذاب بعض الشباب إلى "داعش"، إذ لم تعد تلك النوعية من التنظيمات تعتمد على استغلال الظروف الاقتصادية، والمشكلات الاجتماعية، وتدني مستوى التعليم لضم أعضاء جدد إليها فحسب، بل إنها طورت آليات جديدة لتحقيق ذلك، بشكل ربما يفرض تحديات ليست هينة أمام الدول التي ينضم بعض مواطنيها إلى هذه التنظيمات، خاصة بعد عودتهم المحتملة إليها من جديد. وقالت الدراسة ان التنظيم استغل مواقع " فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" بهدف جذب وتجنيد الشباب للانضمام إليه، وذلك عبر الاعتماد على آلية النشر المتواصل، ليس فقط للبيانات الصادرة عن التنظيم، والتي تتسم بأنها شديدة اللهجة وحاسمة التوجه، وإنما أيضًا لمقاطع الفيديو التي تتسم بقدر كبير من الوحشية، في محاولة لتوجيه رسالة للمشاهدين، بمن فيهم الشباب، بتضاعف إمكانيات التنظيم، الذي بات قادرًا، وفقًا لتلك الرؤية، على مواجهة بعض الجيوش التقليدية النظامية في المنطقة العربية، على غرار الجيش العراقي. ويبدو أن التنظيم قد تمكن من خلال تبني هذه الآلية من استقطاب عناصر شبابية جهادية كانت تنتمي إلى تنظيم "القاعدة" في الفترة السابقة. فضلا عن ذلك، طور التنظيم أدوات جديدة لنشر أفكاره بين الفئات الشبابية المختلفة، حيث قام بإطلاق خط لإنتاج الملابس للترويج لذاته، وهى عبارة عن قمصان وقبعات تحمل شعاره وتوقيعه، ورسومات لبعض الأسلحة التي يستخدمها مقاتلوه، حيث تباع تلك المنتجات عبر الإنترنت من تركيا وإندونيسيا. كما أطلق التنظيم لعبة إليكترونية جديدة أطلق عليها "صليل الصوارم"، وذلك على غرار ألعاب الحرب التي اخترعتها بعض القوى الكبرى، للترويج لبعض البطولات؛ حيث تضم اللعبة العديد من التكتيكات العسكرية التي يعتمد عليها التنظيم في المواجهات التي يشارك فيها. ويبدو أن اعتماد "داعش" على فكرة الألعاب الإليكترونية يأتي في سياق سياسة "غسيل العقول" للشباب، بهدف ضم بعضهم إلى صفوفه. وإلى جانب ذلك، يقوم التنظيم، منذ دخوله العراق، باستخدام تطبيقات على أجهزة المحمول التي تعمل بنظام "أندرويد" تحت اسم "فجر الأخبار السارة" وذلك كأداة لنقل كافة أخباره والتطورات الميدانية لعملياته على الأرض. وأضافت الدراسة انه فى إطار محاولة التوسع والوصول لأكبر عدد من الشباب، أصدر التنظيم أول صحيفة ورقية أطلق عليها اسم "دابق" نسبة لمعركة "مرج دابق"، حيث يتم توزيعها في المناطق التي تخضع لسيطرة التنظيم داخل العراق، وتهتم الصحيفة في الأساس بنشر ما يعتبره التنظيم "إنجازات"، علاوة على مشروعاته المستقبلية. وقد تم إعداد نسخ إليكترونية للصحيفة باللغتين العربية والأجنبية، وإرسالهما عبر البريد الإليكتروني حتى يستطيع التنظيم الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المتابعين في العالم، مما يساعد في نشر أفكاره، وجذب مزيدٍ من الشباب. ويبدو أن التنظيم ماضٍ في تكثيف هذا الاتجاه، خاصة بعد أن كشف بعض قادته عن عزمه إصدار صحيفة ثانية هدفها "شرح أسباب وجوب بيعة الناس لأبي بكر البغدادي" حسب تصريحاتهم. كما ساهمت الانتصارات المتتالية التي حققها تنظيم "داعش" بسيطرته على مساحات شاسعة في كل من سورياوالعراق، ونشر أخبارها بصفة مستمرة، في الترويج للتنظيم باعتباره "النموذج الجهادي" الأكثر نجاحًا، خاصةً بعد التراجع الملحوظ الذي شهده تنظيم "القاعدة" في السنوات الأخيرة. ومن ثم فقد مثل هذا النجاح أحد عوامل جذب القطاعات الشبابية المتطلعة لتكون جزءًا من نموذج يتسم بالنجاح تستطيع من خلاله القيام بدور أكثر اتساعًا وتأثيرًا.