نعيش في عصرنا هذا أجواء تكنولوجية حديثة ومُتطورة أتاحت أوجه للإتصال مُتعددة ومختلفة، حتى أصبحت وسيلة للتأثير والإنتشار مثلها مثل وسائل الإعلام التقليدي في السنوات الماضية. وهو الأمر الذي استغله تنظيم "داعش" لنشر أفكاره، وتهديد الكيانات العُظمى، أو لمُواجهة كل من يُحاول الوقوف في طريق أهدافه وحلمه حول مشروع الخلافة. من الملاحظ أن "داعش" تعتمد على الإعلام الإليكتروني بشكل ملحوظ من خلال نشر فيديوهات عبر موقع ال "يوتيوب"، ومواقع التواصل الإجتماعي الشهيرة والمؤثرة. فقد أطلق "داعش" فيلم "صليل الصوارم" بأجزاء مُتعددة، ثم تحولت الفكرة إلى لعبة إليكترونية. بالإضافة إلى فيلم "لهيب الحرب" الذي تم حذفه من على "اليوتيوب" أكثر من مرة، ولكن سريعاً ما يُعاد نشره. لم تكتف "داعش" بإطلاق الأفلام الوثائقية والتهديدية فقط، ولكن أطلقت صحيفتها الإليكترونية، والتي تُسمى ب "دابق"، التي لوحظ أيضاً أنها تتميز بمهارات وجودة تكنولوجية عالية، تحتاج إلى تكلفة مرتفعة، حتى تطورت الفكرة إلى "قناة" .. فمن يا تُرى وراء تمويلها ؟! لقد كان لمقطع ذبح الصحفي الأمريكي "جيمس فولي" كبير الأثر على العالم أجمع، وبالأخص المجتمع الأمريكي، الذي إنتقد وبشدة رد فعل الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" على تلك الواقعة. فقد تمت مُهاجمته كالمُعتاد من خلال قناة "فوكس نيوز"، ولكن في هذه المرة لم يكُن الإنتقاد مُوجهاً فقط للسياسات الأمريكية، ولكنه وُجه للإسلام بشكل عام، حيث تم تشبيهه في أحد البرامج الأمريكية الشهيرة بأنه ديانة "قطع الرؤوس". وذلك بالفعل ما يُذكرنا بما وقع بعد أحداث 11 سبتمبر من مُحاولات الغرب لتشويه صورة الإسلام، والمسلمين؛ فمُعظم وسائل الإعلام الغربية إستغلت ذلك الحدث للإستفادة، وتحقيق مكاسب سياسية طويلة المدى، من خلال تصوير الإسلام بأنه "التطرُف"، و"التشدُد"، و"الأصولية". ومنذ ذلك الحين ونحن نرى تمثيل المسلمين دائماً على أنهم إرهابيون، يُشكلون تهديداً على العالم الغربي وأمنهم واستقرارهم، مما يُبرر بعد ذلك التدخل الأمريكي والأجنبي في الأراضي العربية، أو الإسلامية، مثلما حدث في أفغانستان، والعراق. لذلك يجب على الأمة الإسلامية والعربية أن تنتبه لمثل تلك الممارسات الإعلامية التي في الغالب ما تكون مُمنهجة. فهى تلعب على وتر تشويه "الصورة الذهنية" عن الإسلام والمسلمين أمام شعوب العالم الأجنبي، حتى يكون تدخل حكامهم في الأراضي العربية، والإسلامية مُستحلاً، لا غبار عليه.