حمدي عبدالرحيم كاتب صحفي مثقف, يشق طريقه واثقا إلي عالم الإبداع الروائي في تجربته الثانية برواية جديدة بعنوان "سأكون كما أريد" فى روايته الصادرة عن دار الشروق، يتناول عبد الرحيم حقبة مهمة فى حياة مصر منذ الخمسينيات، وحتى حرب الخليج الثانية، ويقدم مؤلفها خريطة كاشفة للتحولات التى عاشها المجتمع المصري، ولحظات الانكسار والانتصار فى الخمسين عاما الأخيرة، من خلال الشخصيات المختلفة التى يقابلها البطل، والتى يعبر كل منها عن التحولات التي طرأت على هذا المجتمع،والتيارات السياسية والفكرية التى سادت هذه الفترة. يلتزم الكاتب في سرده بضمير الراوي المتكلم, فيختار من صباه اشارات دالة تكشف عن كيفية تشكيل الوعي الفني والكفاءة التخيلية بالعشق المبكر للقراءة واللعب الحر بالراويات بعون مدرسة ناجحة عرفت كيف تنمي موهبة الصبي الواعد, أنقذتني أبلة صفاء من الوحدة التي أصبحت تحاصرني, أهدتني قصصا لاجاثا كريستي, كنت كلما انتهيت من قصة أعطتني غيرها وطلبت مني أن اكتب لها نهاية مختلفة, بدأت بقصة طرزان, لم يعجبني أن أعيد كتابة نهايتها فقط فرحت أكتبها كلها منذ البداية, أعدت أباه للحياة وجعلت له اخوة وجعلته يمتلك خاتم سليمان ويصبح غنيا جدا, ويمتلك الغابة,وجعلته يقرأ كل قصص الدنيا ويعزف علي عود أحسن من عود عم ويصا, ما ان يلمسه حتي تنهمر منه الموسيقي ولو كانت المدارس لدينا تعمل بهذه الطريقة في تنمية خيال الصبية لامتد ذلك إلي مجالات الخيال العلمي والفني ولتوهجت مواهب الفتيان والفتيات. عن رواية حمدى عبد الرحيم يقول الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل : "ممتدة هي قصص العشق في رواية حمدي عبدالرحيم سأكون كما أريد وهو عنوان يذكرني بديوان محمود درويش أري ما أريد لكن الراوي يخرج من المراهقة الي الشباب الناضج, فيتراءي له حضن آمال التي كانت تعبث بطفولته وتعده بالزواج عندما يكبر فتثير فيه التوتر والحرج, ثم يصحب سوسن ربيبة النعمة والرفاهية وساكنة منيل الروضة من المدرسة إلي الجامعة, فتشرب حبه وتضني بمتابعته, متذكرة أول مرة نثر بأصابعه شعرها وضفره بتحنان وهما عائدان من زيارة عمها المناضل رضوان قبل أن يتم اعتقاله في السبعينيات إثر ما أسماه السادات انتفاضة الحرامية, ثم يذهب مصطفي إلي الاسكندرية فتسحقه زميلته المدربة في مكتب المحاماة رجاء بأنوثتهاالطاغية وخبرتها المدنية فيسقط صريع هواها حتي تقذف في وجهه دبلة الخطوبة, بعد أن وجدت رجل الاعمال الشاب الذي يشبه نهمها المادي والاجتماعي, يرتمي الراوي المثقف إثر ذلك في حضن سيدة فرنسية مولودة في الجزائر ومشغولة في البحث عن علاقة محفوظ بالاسكندرية يتعرف منها علي أسرار الجسد ومتعة الشراب ورفقة الثقافة, لكن عصبا سياسيا نافرا ومستوفزا ظل يضبط ايقاع السرد في هذه الرواية منذ بدايتها حتي نهايتها الميلودرامية, تمثل أساسا في وعي الراوي الشقي بعمره, مرهونا بما يسميه تاريخ الحروب التي لوثت دمه منذ طفولته ثم يجن صدام فيحتل الكويت, كل هذه الحروب في خلال خمس وعشرين سنة هي كل عمري, لكن رضوان عم سوسن هو الذي يمثل العصب السياسي النافر علي طول الرواية, فهو مجاهد يساري يدخل سجن السادات في انتفاضة يناير ثم يهرب ليستشهد في صفوف المقاومة في لبنان موصيا بمكتبه لمصطفي, وعندما يقرر هذا تأسيس دار نشر تتخصص في طبع كتب المقاومة يعثر في تجاويف المكتبة علي كنز محفوظي يتمثل في تسجيلات كاملة لجميع ندواته فيقرر نشرها في عدد من المجلدات, ثم يقيم بها معرضا في بيروت يفتتحه السيد نصر الله, وعندما يذهب بصحبة شريكته في الدار سوسن لزيارة قبر عمها رضوان يطلب يدها أمامه محققا لها حلما غفل عنه سنوات طويلة, عند هذاالحد كان من الضروري أن تنتهي الرواية, لكن الكاتب المهووس بفكرة المقاومة يضيف عدة صفحات اليها عن مؤامرة يدبرها له أمن الدولة المصري مع أجهزة الموساد والمخابرات الامريكية لنسف دار النشر وتشويه صورتها ثم يترك أنفاس القراء معلقة بهذه النهاية المفتعلة لرواية مشحونة بالصدق والشفافية ومفعمة بالالتزام القومي والروح الشعري".