لست من أنصار نظرية المؤامرة، ولا أؤمن بمبادئ و"هواجس" أتباعها، وأرفض "الهذيان" الذي يردده ويسوقه أعضاؤها، ولا أصدق الخطط الشيطانية التي "تحيكها" الدول - كل الدول - علينا، و"المناورات" الجهنمية الدءوب التي تستهدف اختطاف بلدنا.. والسيطرة على مواردنا.. وطمس هويتنا.. وإضعاف قوتنا.. واختراق ثقافتنا.. ومحو حضارتنا وأمجادنا، والحد من معدلات النمو في "فاكهتنا وخضراواتنا.. ومحاولات التفريق بين الفول والبصل الأخضر فى إفطارنا".. وكل الكلام الكبير المؤيد والداعم لفكر التآمر علينا.. واستهدافنا!! أنا.. "وأعوذ بالله مني أنا" أعتقد وأصدق فقط في أن كل دولة تعتنق دين "النفعية"، "الديانة" التي تتفق وتتساوى في طقوسها وأركانها مع فكر وعقيدة المذاهب "الميكافيللية"، وكل دولة تعمل وفق هذا المبدأ.. أحيانا تحت غطاء أخلاقي.. وفى الأحيان الأخرى ب"بجاحة" دبلوماسية. لكن ما تفعله - وللدقة - ما فعلته الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال السنوات العشر الماضية في المنطقة العربية.. يتجاوز نظرية المؤامرة والمخططات الشيطانية، ويمنحها حق الفوز.. وباقتدار بنوبل.. "الدعارة" السياسية. "اللي تنضرب في بطنها" كلينتون - الوزيرة السابقة للخارجية الأمريكية - عملت كتاب "قالب" الدنيا، بتحكي فيه ذكرياتها ويومياتها وبعضا من المواقف المؤثرة في حياتها، بالإضافة إلى جانب من المهمات والتكليفات التي أسندت لها خلال عملها كعضو فاعل ومهم في الإدارة الأمريكية. الكتاب يتضمن – بجد – أسرار خطيرة، ويحتوى على خطط وأفكار وأهداف.. أقل ما توصف بها أنها قذرة.. وحقيرة. سطور الكتاب تكشف نظرة الولاياتالمتحدةالأمريكية للمنطقة العربية، وهى - باختصار- نظرة ذئب لفريسة، ولا تتجاوز أهميتنا في عيونهم حدود ما تستطيع أن تناله وتستنزفه من خيراتنا.. وما يعزز سلطانها وسيطرتها.. ونفوذها. بدون مبالغة.. الكتاب بمثابة دليل إدانة لأمريكا، ولا أغالى لو قلت إن اعترافات هيلاري كلينتون في الكتاب تصلح كصحيفة اتهام لدولة تمثال "الحرية" أمام محكمة العدل الدولية، فهى لا تزيد على كونها مجرد "كاوبوي" دموي وحرامي.. يسعى وراء الذهب والزعامة ولو فوق جثث أهالي وسكان الكرة الأرضية. أما بالنسبة لجماعة الإخوان.. فالكتاب يكشف أنهم بالفعل مجموعة ضالة من "الخرفان"، ويعملون وفق أهداف خاصة، وقاموسهم لا يعرف معنى انتماء أو ولاء.. ولا مرادف لكلمة وطن. بمنتهى الحياد.. اعترفت كلينتون.. ببساطة.. في الكتاب وقالت إن "الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المسمى "داعش"، وذلك كان بهدف تقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة".. كما قالت كلينتون في الكتاب.. تم الاتفاق – مع التيارات الإسلامية والإخوان - على إعلان الدولة الإسلامية يوم الخامس من يوليو عام 2013 – أى قبل ثورة 30 يونيو بأيام - وکنا ننتظر الإعلان عن الدولة، وكنا مستعدين للاعتراف بها فورا.. نحن وأوروبا، لأني کنت قد زرت 112 دولة في العالم قبلها بشهور وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء بالاعتراف ب"الدولة الإسلامية" فور إعلانها.. وفجأة تحطم کل شيء. وتؤكد كلينتون في كتابها الذي اختارت له اسم "خيارات صعبة".. "قامت ثورة 30 يونيو في مصر.. وکل شيء کسر وتحطم أمام أعيننا بدون سابق إنذار، شيء مهول حدث، فکرنا في استخدام القوة ولکن مصر ليست سوريا أو ليبيا، فجيش مصر قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدا، وعندما تحرکنا بعدد من قطع الأسطول الأمريكي تجاه الإسكندرية تم رصدنا من قبل سرب غواصات مصرية حديثة جدا يطلق عليها ذئاب البحر، وهى غواصات مجهزة بأحدث الأسلحة وأجهزة الرصد والتتبع، وعندما حاولنا الاقتراب من البحر الأحمر فوجئنا بسرب طائرات مصرية ميج 21 الروسية، والغريب أن رادارتنا لم تکتشف من أين أتت تلك الطائرات وإلى أين ذهبت بعد ذلك.. ففضلنا الرجوع مرة أخرى وتم رجوع قطع الأسطول والى الآن لا نعرف کيف نتعامل مع مصر". وتختتم كلينتون كلامها.. "كانت فرصة كبيرة للسيطرة على مصر من خلال الإخوان وعن طريق ما يسمى "الدولة الإسلامية" وبعد ذلك.. كنا سنبدأ على الفور فى تنفيذ مخطط تقسيمها، لنبدأ بعدها فى التوجه لدول الخليج الفارسي، وکانت أول دولة مهيأة للتقسيم هى الكويت عن طريق أعواننا هناك من الإخوان ثم السعودية والإمارات والبحرين وعمان لنعيد تقسيم المنطقة العربية بالكامل، لتصبح السيطرة لنا، خاصة على منابع النفط والمنافذ البحرية". هذه اعترافات واحدة من أقوى أعضاء الإدارة الأمريكية.. وشاهد الإثبات على إجرام ودموية هذه الدولة العنصرية الفاشية، والكتاب لا يرصد ويكشف إلا جانبا ضئيلا من شكل ونوع سياستها ومناهجها وأهدافها في المنطقة العربية.. وعلاقتها الموبوءة بكل بلاد الدنيا ليس عندى إلا سؤال واحد.. ماذا لو لم يكن لدينا هذه المؤسسة العسكرية "الوطنية"؟؟!!