إذا فكر أحدهم في رصد جائزة تخصص لأفضل أم خلال العام داخل المملكة الحيوانية فربما كانت أوفر المرشحات حظا أم رءوم متفانية لأقصى درجة ذات ثمانية أرجل تعيش في الظلمة الحالكة في الأعماق المتجمدة للمحيط الهادي. ووصف العلماء يوم الاربعاء باسهاب كيف تقضي أنثى أحد انواع الاخطبوط -التي تعيش على عمق نحو ميل تحت سطح البحر- حوالي أربعة أعوام ونصف العام وهي ترقد على بيض يحوي صغارها وتحتضنه بحنو حتى يفقس فيما تنسى حتى إطعام نفسها. وقال العلماء في دورية (بلوس وان) العلمية إنها أطول فترة معروفة لحضانة البيض لأي حيوان في الوجود. واستعان العلماء بغواصة تعمل بالتحكم عن بعد لرصد حركة نوع من أنثى الاخطبوط اسمه العلمي (جرالينيدون بوريوباسيفيكا) يعيش في أعماق البحار قبالة سواحل وسط كاليفورنيا. وتعقب العلماء حركة أنثى ذات ندوب وعلامات مميزة على جسمها كانت تتشبث بواجهة صخرة رأسية قرب قاع أخدود على عمق نحو 1400 متر تحت سطح البحر وهي تعكف بحدب على حماية ما يقرب من 160 بيضة نصف شفافة من سقوط أي أشياء عليها فيما تحرسها من أي كائنات مفترسة. ولم تبرح هذه الأم البيض ذي الاستطالة -الذي نما خلال فترة الحضانة الى حجم يماثل حبة التوت البري- ولم تشاهد قط وهي تتذوق أي طعام. ومع مرور الوقت فقدت أنثي الاخطبوط الكثير من وزنها واستحال لون جلدها الى الشحوب واصبح رخوا. وراقب الباحثون هذه الانثي خلال 18 زيارة الى قاع المحيط على مدى 53 شهرا من مايو عام 2007 وحتى سبتمبر عام 2011 . وقال بروس روبيسون عالم بيئة أعماق البحار بمعهد بحوث مونتيري باي للاحياء المائية في موس لاندينج بكاليفورنيا إن هذا النوع تظهر عليه غريزة الامومة بصورة قوية للغاية. وقال "إنه شيء فوق العادة. مدهش. لا تزال تتملكنا الدهشة لما نراه." وتضع معظم اناث الاخطبوط مجموعة من البيض خلال فترة حياتها وتنفق بعد فترة قصيرة من فقس البيض. أما صغار نوع الاخطبوط (جرالينيدون بوريوباسيفيكا) فليست عاجزة عن الحركة إذ ان طول فترة حضانة البيض يتيح لها أن تشب عن الطوق وهي قادرة على ممارسة أنشطة الحياة الطبيعية وتصبح مكتملة أطوار النمو وبوسعها ان تقتنص فرائسها الصغيرة المفضلة. وعلى هذا العمق السحيق لا يوجد أي ضوء للشمس والضوء الوحيد ينشأ عن كائنات بحرية تشع موجات ضوئية حيوية كما ان درجة الحرارة شديدة الانخفاض تصل الى ثلاث درجات مئوية. وقال روبيسون "قد يبدو الامر غريبا علينا إلا انه موئل معيشتها." وخلال فترة حضانة البيض يبدو ان أنثى الاخطوط تركز كل تفكيرها في حمايته. وقال روبيسون "إنها تحمي بيضها من الكائنات المفترسة وهي كثيرة. هناك الاسماك والسلطعون وغيرها التي تحب ان تتغذى على هذا البيض. لذا فانها تبعدها لدى اقترابها." واضاف "إنها تحمي البيض ايضا من سقوط رواسب عليه وتوفر له التهوية من خلال دفع الماء نحوه لتبادل الاكسجين. إنها ترعى البيض." ويبلغ طول هذه الانثى 40 سنتيمترا وهي ذات لون ارجوااني أشهب وبشرة مبرقشة. إنها تتغذى على السلطعون والروبيان والقواقع وأي شيء يمكنها اصطياده."