أكد أحمد عبد اللطيف مدير إدارة ترميم الآثار الإسلامية والقبطية بجنوب سيناء أن علم ترميم الآثار لم يتبلور بشكل واضح في مصر إلا مع إنشاء كلية الآثار في بداية السبعينيات وتزايد حجم الاكتشافات الأثرية وتكدس المخازن بالآثار التي كانت في حاجة ماسة للترميم الذي كان يتم في السابق من خلال بعض العاملين المصريين المرافقين للبعثات الأجنبية الذين اكتسبوا منها الأساليب البسيطة في الترميم سواء تجميع الفخار وكسور الأحجار. وأشار عبد اللطيف خلال دراسة أعدها تحت عنوان "وضع الترميم في مصر وقبل ثورة 25 يناير والتحديات المصيرية لإنشاء قطاع مستقل لترميم الآثار"، إلى أنه مع تخريج أول دفعة مرممين من كلية الآثار مطلع الثمانينيات اصطدموا بوقع فرض عليهم، حيث كان أغلب قيادات الترميم في الآثار من الحاصلين علي الدبلومات الفنية وبحكم عملهم مع البعثات الأجنبية اكتسبوا خبرات محدودة في استخدام مواد الترميم البسيطة خاصة في الأحجار والنقوش الجدارية. وكانت مجمل أعمال الترميم في هذا الوقت مرورا بالتسعينيات كانت تتم تحت إشرافهم وكان علي أي مرمم للآثار أن يسير وفقًا لهذا الواقع دون أن يفرض أسلوبه العلمي والعملي في الترميم، أضف إلى هذا أنه تم تعيين عدد من خرجي كليات الفنون والزراعة والعلوم والتربية الفنية في ذلك الوقت وتولوا المناصب داخل المنظومة الترميم وقد كانت لهم اليد العليا في تحريك العمل الترميمي في مصر ومعهم الجلي القديم من الفنيين. وأشارت الدراسة إلى أنه خلال ما يقرب من العشرين عامًا وحتى منتصف التسعينيات لم تظهر على الساحة معالم واضحة لشخصية مرمم الآثار في مصر بسبب قلة عدد خرجي شعبة الترميم بكلية الآثار,كذلك النظام الإداري الخاطئ للمجلس الأعلى للآثار الذي جعل تبعية المرمم إداريًا للمنطقة الأثرية التي يعمل بها وبالتالي كان لمفتش الآثار أو مدير المنطقة الهيمنة الكاملة علي عمل المرمم ومع مرور الوقت أدي ذلك لجو من الاحتقان والضغط النفسي علي مرمم الآثار وبالتالي لم تكن له رؤية واضحة أو رأي في أي عمل ترميمي إلا بعد عرضه من خلال مفتش الآثار أو مدير المنطقة ما أدى لوجود عنصرية ضد المرممين لصالح الأثريين. وأوضح عبد اللطيف في دراسته أن المجلس الأعلى للآثار انتهج سياسة خاطئة في التركيز علي قطاعي الآثار المصرية والإسلامية والقبطية والإدارة الهندسية لكلا القطاعين في القيام بأية مشاريع ترميمية أو توزيع الميزانيات وتغييب تام لمرمم الآثار ووضعه في ذيل القائمة ومؤخرة الاهتمامات وعدم وجود حلقة وصل مستمرة مع مرممي الآثار بالمجلس. كل هذا أدي إلى ضعف عام لوضع الترميم داخل المجلس وشعور المرمم بالضعف ما أدى لغياب تام للقيادة الفعالة والمؤثرة في الترميم والتي تشعر بهموم المرمم وطموحاته وأن وجدت قيادة تتسم بالضعف وتغليب المصلحة الخاصة والشخصية على الصالح العام. وشددت الدراسة على أنه كي يتم الارتقاء بمنظومة الترميم في مصر لا بد من إنشاء قطاع مستقل للترميم بوزارة الآثار مثل باقي القطاعات الأخرى في الوزارة دون تبعيته لأي منها، على أن تفرد قيادات الترميم خاصة رئيس الإدارة المركزية للترميم بوضع هيكلة القطاع دون إملاءات من أحد، وأن يكون رئيس القطاع من بين أبنائه والعاملين به ويكون بالانتخاب. ولا بد أيضا من تشكيل مجلس إدارة للقطاع يتولي رئاسته رئيس القطاع نفسه، على أن يختص هذا المجلس بمناقشة الموازنة العامة للقطاع ومشاريع الترميم وتنفيذها ومراجعة جميع مشاريع الترميم السابقة ومديونياتها للمجلس ودراسة انسب الحلول والخروج بنتائج واقعية.