رحمة الله عليك أيها الإمام العظيم، فاليوم أول رمضان، فكم نشعر بمدى الفراغ المميت بعدما كنت تجمعنا قبل الإفطار وبعد كل صلاة جمعة، أمام الشاشات أو في سهرة معك على إذاعة القرآن الكريم؟!. أنظر إليك بجلبابك وطاقيتك وعباءتك، فأجدك فلاحا مصريا صميما، لم تتخل عن زي قومك، فلم أجدك قد "ابتدعت" زيا أو تركت شعيرات نافرة عشوائية في وجهك بزعم اتباع السنة. لم تحدثنا بمعان عفى عليها الزمن وما أنزل الله بها من سلطان أو سعيت لإنشاء قناة فضائية خاصة بك وبأتباعك أو خاصمت تليفزيون بلدك بادعاء أنه يبث ما يخالف شرع الله ولا ادعيت وجود أحكام في الكتاب وما هي من الكتاب في شيء.. ولم تصادر الإسلام إلا بما تسمح لنا منه ولم تدع طوال حياتك إلى جماعة تقودها لتميزها عن بقية المسلمين!. فلا يمكن لمثلك أن يخون أمانة الدعوة إلى سبيل الله، فتجعلها دعوة إلى سبيل نفسك أو جماعتك. قد لا يعلمون أنك لو شئت لفعلتها، بسبب ذلك الحب المنقطع النظير الذي أمطرتك به الجماهير، كان سيحقق لك ما تريد. كنت تكلمنا كأنك أبونا أو أخونا، فلم تكن داعي فتنة ولم تشكك في ديننا وكنت تخاطبنا دون ابتزاز لمشاعرنا أو استدرار لدموعنا فبكيت كما يبكي شيوخ الفتنة في مشاهد أقرب للافتعال.. لم تسع أبدا لفرض رأيك وكنت قليل الافتاء بحق ولم تكفرنا أو تفسقنا أو تبدِعنا. أتحدى من يذكر لك أنك هددتنا بجهنم وكأنها تنتظر أوامرك أو اكفهر وجهك في خطبة أو درس أو لقاء!. كنت تجوب مشارق الأرض ومغاربها، لتبين المفاهيم الصحيحة للدين وتدفع الشبهات عن الشريعة السمحة، مستعينا بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتى هي أحسن. ولذلك لم يعجبهم نموذجك الجليل، فكان لابد من صنع دعاة هم مزيج من القبح والقباحة، يرفضون كل شيء ويكرهون أي شيء. ولذلك تجاهلت برامجك قنوات فقه الجلباب والنقاب. كم نحن في حاجة لمن هو مثلك الآن.. بعد أن طم البلاء؟. فإن الانتصار الحقيقي على المؤامرة الأمريكية على الإسلام سيتحقق بإبطال دعواهم بأن النموذج الذي يمثل إلإسلام، هو من كان على شاكلة جماعات القبح التى تشكلت تحت أسماء سموها هم وشياطينهم، فوجدنا أنفسنا ما بين سلفيين وإخوان وجهاديين. فتن أقبلت علينا كقطع الليل المظلم!. مسلم سلفي.. مسلم إخواني.. مسلم شيعي.. مسلم سنى. وبلغ منا العبث قمته، بإخراج ما سميناه ب"المسلم الإسلامي"!. أوليس منا رجل رشيد يبحث فينا عن المسلم المسلم؟!. فلماذا إذن نستغرب تلك الدموع الأوبامية والكيرية والماكينية وهي تذرف على الإخوان وأشباههم من الجماعات الإرهابية الغامضة المنشأ والغرض وهي تعيث في الأرض فسادا؟!. أفهمنا سر إصرار صحف الغرب على وصف الرئيس الإخواني المعزول ب"الرئيس الإسلامي"؟!. فبهذه الأفكار يشيعون الفتن بين المسلمين، قهم لا يفهمون الدين سوى أنه حالة هوس وتطرف، فأمريكا تعاني تطرفا دينيا من نوع خاص بسريان دعوات سرية وعلنية ذات نعرات دينية نسبوها زورا وبهتانا إلى المسيحية ولذلك، فإنهم يفتحون أذرعتهم لاحتضان كل الدعاوى المتطرفة القادمة من الشرق من أي ديانة ويرحبون بأي انشقاق عن الصف. لكنهم لا يرحبون أبدا بالتعامل مع مؤسسات كالأزهر أو الكنيسة الأرثوذكسية، فلا سبيل إلى زعزعة أمن مصر والشرق، إلا بزعزعة الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية، كركيزتين أساسيتين من بين ركائز شخصية الإنسان في الشرق العربي!. باختصار تريد أمريكا أن يكون المسلم هو ذلك الشخص الذي لا يمارس شيئا في حياته ، إلا كراهية الآخرين وعداوة الحضارة، فهي تعرف جيدا أن تسليم الإخوان بالديمقراطية، ليس سوى خطوة تكتيكية للوصول للحكم، وبعدها يكون ما يكون. والأكثر أهمية، أنها تدعم من يدعون لنظام حكم مشوه دينيا، كي يصلح كمبرر لهم مستقبلا، لإقناع شعوب العالم بضرورة إخضاع الشرق، وكتلبية لدعوة الحروب "الصليبية الجديدة" التي دعا إليها بوش الابن جهارا نهار، فلن يشن الغرب حربا تحت راية مسيحية مشوهة، إلا على بلاد يحكمها نظام يرفع راية إسلامية مشوهة!. فكان ذاك التحالف بين التطرف المسيحي الغربي والتطرف الإسلامي الشرقي، نتاجا لهذه السياسة الخبيثة لفرض معتقدات وآراء وشخصيات وواقع أبعد ما يكون عن روح الشرق وروحانيته. فأمريكا وجماعات الفتنة اتفقوا على أنهم لا يريدون دعاة كالشعراوي وعبد الحليم محمود والغزالي وشلتوت وأحمد الطيب وغيرهم من الذين تشبعوا بأخلاقيات الإسلام كما يدرسه ويقدمه الأزهر جامعا وجامعة. يريدون فقط من ينفر المسلمين من دينهم، ليحدثوهم كطوائف وشيع ولينشغل المسلم عن دينه بمشروع "كيف يكون أكثر قبحا" في حياته وطقوسه وهيئته وملبسه ولحيته، بل وزبيبة صلاته.. شره في الطعام.. شره في الشراب.. شره في الجنس.. شره في الدم!. تلكم هي الطبعة "الإسلامريكية" ففيها يقبع سر هذا التحالف "الإسلامريكي" الذميم الذي يكشف سر إحراق مدن الشرق مدينة تلو الأخرى. ولهذا لابد وأن يتشاركوا معا في كراهية الشعراوي وأي شعراوي آخر يقدم هذا الدين على أنه دعوة للحق والخير والجمال.