"عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، قال "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزئ به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". أكد الدكتور عبد الحليم منصور رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، أن الله تعالى خص الصيام في هذا الحديث الشريف بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال فقال: "إلا الصيام فإنه لي". وأوضح منصور ل"صدى البلد" في شرحه للحديث، أن تخصيص الصيام لله قد كثر القول في معناه من الفقهاء وغيرهم وذكروا فيه وجوهًا كثيرة ومن أحسن ماذكر فيه وجهان: أحدهما: أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جلبت على الميل إليها لله عز وجل ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام، لأن الإحرام إنما يترك فيه الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب وكذلك الاعتكاف مع أنه تابع للصيام، وأما الصلاة فإنه وإن ترك المصلي فقد الطعام والشراب في صلاته بل قد نهي أن يصلي ونفسه تتوق إلى طعام بحضرته حتى يتناول منه ما يسكن نفسه ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة. وأضاف: وهذا بخلاف الصيام فإنه يستوعب النهار كله فيجد الصائم فقد هذه الشهوات وتتوق نفسه إليها خصوصا في نهار الصيف لشدة حره وطوله ولهذا روي أن من خصال الإيمان الصوم في الصيف، وقد كان الرسول يصوم رمضان في السفر في شدة الحر دون أصحابه كما قال أبو الدرداء وورد أنه كان بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر. وتابع: فإذا اشتد توقان النفس إلى ماتشتهيه مع قدرتها عليه ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه إلا الله، كان ذلك دليلا على صحة الإيمان، فإن الصائم يعلم أن له ربا يطلع عليه في خلوته وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة فأطاع ربه وامتثل أمره واجتنب نهيه خوفا من عقابه ورغبة في ثوابه فشكر الله تعالى له ذلك واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر الأعمال ولهذا قال بعد ذلك: "إنه إنما ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي".