معاناة وتعب نفسي وأسري تنتظر آلاف الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، عند استلامهم لشهادات إنهاء المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بعد أن فوجئ بعض الطلاب بالشهادات ممهمورة من الوزارة بختم كتب عليه "دمج إعاقة ذهنية". ولا تقتصر المعاناة على المشاكل النفسية، فهؤلاء الطلاب ترفض الكثير من المدارس إلحاقهم بها؛ بسبب تلك الشهادات، وتعتبرهم يشكلون عبئًا عليها، كما يعاني أولياء أمورهم من محاولات إلحاقهم بالجامعات. البداية كانت فى شهر نوفمبر 2014 بإصدار وزارة التربية والتعليم قرارًا وزاريًّا رقم2872، ينص على ختم شهادات ذوي الإعاقة فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية بنوع الإعاقة، وهو ما اعتبره البعض يشكل مخالفة صريحة لمواد الدستور الذي نص على تعظيم حق المساواة في التعليم دون تمييز، وهذا التمييز السلبي أثر على ذوي الإعاقة وأسرهم، وحرمهم من دخول المدارس، خاصة الثانوية الفندقية التي توفر لهم فرص عمل تناسب إعاقاتهم في المستقبل. وتنص المادة 81 على أن تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًا وترفيهيًّا ورياضيًا وتعليميًّا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالًا بمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. "أحمد ع. ع." 15 عامًا طالب بالمرحلة الإعدادية بمدرسة رجاك بالعبور، من طلاب الاحتياجات الخاصة، حصل على عدة بطولات على المستوى العالمي، بجانب عدة ميداليات على مستوى الجمهورية لذوي الاحتياجات الخاصة، كان آخرها حصوله على الميدالية الذهبية للمركز الأول في بطولة السباحة المحلية، أصيب بإحباط بعد أن رأى شهادته تحمل ذلك الخاتم ذا المساحة الكبيرة. تقول والدة أحمد التي تعمل دكتورة بجامعة القاهرة، وطلبت عدم ذكر اسمها، إن قرار وزارة التربية والتعليم يحطم معنويات الآف الطلاب والأمهات عند رؤيتهم الشهادة ممهورة بهذا الخاتم، الذي يخالف ما نص عليه الدستور بعدم التفرقة بين الطلاب في التعليم، متسائلة "بأي منطق إنساني أو نفسي أو قانون أو دستور يتم ختم شهادات الطلاب بأنهم معاقون؟!". وأكدت "سوف نلجأ إلى رفع قضية بمجلس الدولة ضد وزارة التربية والتعليم؛ للحصول على حقوق أبنائنا"، مطالبة الوزارة القرار، لافتة إلى أن عددًا من أولياء الأمور تقدموا بشكاوى يوم 19 الشهر الماضي، إلا أن الوزارة لم تتخذ موقفًا حتى الآن. وقالت رحاب الإيمان، من أولياء أمور طالب بنفس المدرسة، إن وزارة التربية والتعليم بدلًا من أن تعمل على دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة وانخراطهم بزملائهم وبالمجتمع، ختمت شهاداتهم الابتدائية والإعدادية بأنهم من ذوي الإعاقة الذهنية، رغم حصول بعض الطلاب على مجموع 94%، وأن هناك آخرين أصحاب إعاقة عقلية، ولديهم مشاكل في الاستيعاب وعدم التركيز، وبالتالي لم تفرق الوزارة بين أحد، ووضعتهم جميعًا في خندق واحد بهذه الشهادة. وأضافت أن بعض المدارس لم تقبل الطلاب الذين يحملون هذه الشهادات، حيث لم يتم قبولهم بمدارس الفندقة؛ على اعتبار أن الشهادة تقول إنهم أصحاب إعاقة ذهنية، موضحة أن الشهادات خلقت أزمة نفسية للطلاب، مطالبة بإلغاء القرار؛ لأنه يخالف حق المساواة في التعليم. وقالت منى خالد، ولية أمر طالبة بالصف الثاني الثانوي من ذوي الاحتياجات الخاصة، "إن ابنتي ليس لديها إعاقة ذهنية بالمعنى المتعارف عليه، فهي مصابة بتشتت الانتباه وعدم التركيز، ورغم ذلك سوف يكون مصيرها الحصول على شهادة الثانوية مختومة بأنها طالبة إعاقة ذهنية". وأوضحت أن أهالي الطلاب يعانون نفسيًّا من هذه الشهادة التي تستمر مع الطلاب منذ الحصول عليها وحتى مماتهم، لافتة إلى أن الكثير من الأسر تعاني في إلحاق أبنائها ببعض المدارس نتيجة رفض المدارس قبولهم بسبب هذا الختم، وأن الأزمة ليست في المدارس فقط، وإنما في الجامعة التي ستقبل طالبًا تحمل شهادته هذا الختم.