يقترب ميشال عون، السياسي اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر، من التنصيب على كرسي حكم «بعبدا» الرئاسي، في ظل شغور استمر أكثر من عامين ونصف، إثر خلافات عميقة بين الأطراف المشكلة للنسق السياسي اللبناني، إلا أن تطورات حدثت في الفترة الأخيرة ساعدت في اقترابه من الرئاسة، كان أبرزها تأييد زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، له منضما لرئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذين سبق وأيدا ترشيح عون. عون قائد عسكري وسياسي لبناني، قضى حياته بين الجيش بين دهاليس السياسة مكتويًا في ثمانيات القرن الماضي بنيران الحرب الأهلية، تقلد كثيرا من المناصب؛ فعين وزيرًا لشؤون المغتربين وقائدًا للجيش، ليرتقي بعدها ويصل إلى قصر بعبدا كرئيس لحكومة انتقالية، قبل أن يذهب إلى منفاه الفرنسي، ثم يعود إلى بلده ليؤسس حزب التيار الوطني الحر، ويصبح أحد أبرز الداعمين للمقاومة اللبنانية بعد توقيعه وثيقة تفاهم مع حزب الله 2006. ولد ميشال نعيم عون يوم 18 فبراير 1935 في حارة حريك بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانيةبيروت، متزوج من نادية الشامي من بلدة زحلة شرقي لبنان ولهما ثلاث بنات، درس عون المرحلة الابتدائية في مدرسة رسمية وتابع دروسه في "الفرير" (نوتردام) في فرن الشباك ثم في "القلب الأقدس" ببيروت حيث نال شهادة في الرياضيات. التحق ميشال عون بالمدرسة الحربية عام 1955، حيث تخرج 1958 ضابطا مدفعيا، وشارك في دورة تطبيقية على المدفعية في فرنسا خلال 1958-1959، كما تلقى دورة متقدمة في الاختصاص نفسه بالولايات المتحدةالأمريكية. سافر عون في يوليو 1978 إلى فرنسا لمتابعة دورة أركان في مدرسة الحرب العليا، وعاد منها في يوليو 1980، ومنح على إثرها رتبة "ركن"، وبعدها عين ملازما في "ثكنة المير بشير"، وانتقل إلى فوج المدفعية الثاني في صيدا سنة 1959، وفي سنة 1964 أصبح قائد سرية مدفعية، ثم رقي إلى رتبة ملازم أول في 1 يوليو 1961، ثم رقي إلى رتبة نقيب في 1 أغسطس 1968، وصار رائدا في 1 يناير 1974، ثم أصبح عميدا في 1 يناير 1984، خدم ميشال عون إبان حرب 1967 بين العرب وإسرائيل على الحدود الجنوبية ضمن فوج المدفعية الثالث المتمركز في الخريبة. كان عون أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 قائدا للواء الثامن المدافع عن قصر بعبدا، وفي سنة 1984 عين قائدا للجيش اللبناني، وشكل عام 1988 التحول الأول في مسيرته؛ حين كلفه رئيس الجمهورية آنذاك، أمين الجميل، بتشكيل حكومة انتقالية تتولى التحضير لانتخابات رئاسية تعذر اجراؤها في موعدها، فشكل عون حكومة واتخذ من القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت مقرا، وبقي فيه لمدة سنتين. في هذه الفترة، تدخل المجتمع الدولي لوقف الحرب الأهلية وتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الأهلية اللبنانية برعاية سعودية، فيما عرف ب"اتفاق الطائف"، لكن عون رفضه، واعتبره يمس بالسيادة اللبنانية، وبموازاة ذلك، شكلت حكومة أخرى يترأسها الدكتور سليم الحص، لكن خاض أمامها عون الكثير من المعارك السياسية؛ فلم يتنازل عن رئاسة الحكومة الانتقالية رغم تنصيب إلياس الهراوي رئيسا جديدًا للبنان وفقًا لاتفاقية الطائف، حتى قام الجيش اللبناني بقيادة العماد إميل لحود، بمساعدة من الجيش السوري بنفيه وإجباره على الخروج من قصر بعبدا. وبعد 15 عامًا، انتهت فترة منفى عون في فرنسا وعاد إلى بيروت في 2005، وأسس في 18 سبتمبر 2005 حزب التيار الوطني الحر، ليشكل بعد شهر من عودته، مفاجأة كبرى بفوزه ب21 مقعدا من أصل 128 في المجلس النيابي بعد ذلك للانتخابات النيابية، ما دفع السياسي اللبناني وليد جنبلاط إلى وصفه ب"التسونامي"، وخاض الانتخابات وحده من دون حليف، ومنذ ذلك الوقت، بدأ أنصاره يطلقون عليه اسم "الزعيم المسيحي القوي"، ويطالبون بأن يصبح رئيسا. وفي فبراير 2006، وقع وثيقة تفاهم مع حزب الله، ومن وقتها يعد التيار الوطني الحر أبرز القوى المشكلة لفريق 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه)، وعلى إثر ذلك، تحسنت علاقة عون بسوريا بعد سنوات من العداء السياسي، وزارها والتقى رئيسها بشار الأسد في 3 ديسمبر 2008، ومؤخرًا شارك حزب عون في حكومة تمام سلام؛ حيث وافق رئيس التيار الوطني الحر على المشاركة في الحكومة التي رأت النور في شهر فبراير 2014 بعدة وزراء، في مقدمتهم صهره جبران باسيل.