كمظهر من الأجواء المشحونة بين المرشحين الرئاسيين للبيت الأبيض، هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري مرت المناظرة الثالثة والأخيرة والتي أجريت يوم الأربعاء الماضي بدون مصافحة نهائيًا، ما يعكس احتدام المنافسة بين الطرفين قبل أيام من انطلاق التصويت لاختيار الرئيس ال 45 للولايات المتحدة، والمقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 8 نوفمبر 2016. وشهدت مناظرة لاس فيجاس بين ترامب وكلينتون مجموعة من النقاط بعضها حمل طابع الشخصنة والآخر تطرق لجملة من الملفات الساخنة داخل الولاياتالمتحدة وحول العالم: الصعيد الداخلي حاول ترامب استمالة مؤسسة الحزب الجمهوري التي انفضت من حوله عقب اتهامات له بفضائح جنسية، وذلك من خلال تعهده بتعيين قضاة في المحكمة العليا ذوي "ميول محافظة"، يغيرون قانونا أساسيا جعل من الإجهاض أمرا قانونيا في الولاياتالمتحدة، ويحمون أيضا حقوق الأفراد الخاصة بحيازة السلاح، كما كرر تعهده بترحيل المهاجرين الذين ليس لديهم وثائق، وتأمين حدود الولاياتالمتحدة، وأكد ترامب نيته بناء جدار على الحدود مع المكسيك، وتأمين الحدود في وجه الهجرة غير الشرعية، وتحدث مجددا عما وصفه ب" التطرف الإسلامي"، وما تمثله الهجرة من خطر في هذا السياق. وامتنع ترامب عن التصريح بالقول إن كان سيقبل بنتيجة الانتخابات، أو سيرفضها، مغفلا تقليدا طويل الأمد في البلاد يقضي بقبول المرشح الخاسر للنتيجة وتنازله عقب الانتهاء من فرز الأصوات، وكان ترامب قد ألمح إلى أن عملية تزوير قد تتم في العملية الانتخابية تمنعه من الفوز بها. أما كلينتون فأعلنت بثبات الدفاع عن حقوق الإجهاض، معتبرة أن الإجهاض قرار "يخص المرأة وعائلتها فقط"، وأضافت "ليس للحكومة دخل في القرارات التي تتخذها المرأة"، وركزت على استعادة الطبقة الوسطى، ومساواة المرأة بالرجل في المرتبات، وفيما يتعلق بحيازة السلاح قالت كلينتون إنها ستدفع من أجل تقنين حيازة السلاح، لمنع الهجمات العشوائية. وبالنسبة للهجرة رفضت كلينتون الترحيل الجبري للمهاجرين، وقالت إنها ستمزق البلاد. وعارضت أيضا بناء جدار حدودي، قائلة إن هناك العديد من الوسائل لضبط الحدود غير بناء جدار، وذكرت أنها ستسمح بتقنين وضع المهاجرين غير الشرعيين وإدماجهم في المجتمع. موقف المرشحين من روسيا كانت روسيا الحاضر الغائب في المناظرة الأمريكية، حيث قال المرشح الجمهوري إن سبب انتقاد كلينتون لفلاديمير بوتين يكمن في تغلب الرئيس الروسي على الإدارة الأمريكية، وأضاف أن هيلاري كلينتون لا تتعاطف مع بوتين لأنه تغلب "في كل خطوة" على الإدارة الأمريكية الحالية، مشيرا إلى ما يجري في سوريا وتخلف الولاياتالمتحدة عن روسيا فيما يتعلق ببرنامجها الصاروخي. وأكد ترامب على أن تجاوز واشنطن وموسكو الخلافات القائمة بينهما وتوحيد جهودهما في محاربة "داعش" سيكون أمرا إيجابيا. في المقابل، وجهت كلينتون من جديد أصابع الاتهام إلى روسيا، محملة إياها المسؤولية عن سلسلة هجمات إلكترونية استهدفت الولاياتالمتحدة. واتهمت المرشحة الديمقراطية منافسها بالسعي إلى اتباع النهج الروسي وتلبية مطالب بوتين وتفكيك حلف الناتو وتنفيذ كل ما يريده الرئيس الروسي الذي يحاول جعل كفة الميزان تميل لصالح ترامب، ليرى دمية له رئيسا للولايات المتحدة"، حسب قول كلينتون. الدول العربية في المناظرة عندما يأتي ذكر السعودية وقطر على لسان ترامب دائمًا ما يصفهما بالإرهاب، حيث قال، إن مؤسسة كلينتون الخيرية، تقوم بسرقة الأموال، كما تقوم بأعمال إجرامية، وأضاف ترامب خلال المناظرة الأخيرة أن السعودية وقطر تقدمان تبرعات كثيرة لمؤسسة كلينتون الإجرامية. وجدد ترامب، إثارة قضية ما وصفه بدفع الدول "أتعاب الدفاع" لتلقيها الحماية من الولاياتالمتحدة من جديد، قائلا: أمريكا تحمي السعودية الغنية بأموال طائلة ولكنها لا تدفع لنا شيئا، وعليها دفع مبالغ مقابل حمايتا"، وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها القضية، إذ تحدث عنها سابقا في المناظرة الأولى، حيث قال آنذاك: هل تتخيلون أننا ندافع عن السعودية؟ بكل الأموال التي لديها، نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئا. والجديد هذه المرة في تصريحات ترامب، اتهامه للمملكة العربية السعودية وقطر بأنهما دولتين تسيئان معاملة النساء. سوريا والعراق وحول الوضع في مدينة حلب السورية، قال ترامب إن ما يحدث "كارثة"، منتقدا دعم الولاياتالمتحدة لمقاتلين المعارضة السورية قائلا " لا نعرف هويتهم"، واعتبر المرشح الجمهوري أن الكثير مما يحدث في حلب هو بسبب خطأ كلينتون، لكنه ذكر أن إزالة الأسد ستكون أسوأ بكثير من بقائه في السلطة، وأضاف: أمر حلب محزن بسبب كلينتون لمحاربتها الأسد، الذي هو أذكى منها ومن أوباما، لوقوفه مع روسيا وإيران، واشنطن تدافع عن أشخاص لا تعلم من هم، وتزودهم بالأموال والأسلحة، وإذا ما سقط الرئيس الأسد سيكونون أسوأ منه. وحول الموصل تساءل ترامب أين عنصر المفاجأة في الهجوم على الموصل الذي تتحدث عنه كلينتون؟ إن "الكل هرب، ولا يزال القادة يتحدثون بسذاجة"، وأضاف أن "أوباما ذهب إلى معركة الموصل لمضاعفة فرص هيلاري في الفوز بالانتخابات، وأن الموصل ستكون شيئا رائعا بقدر سذاجتنا". وفيما دافعت كلينتون عن سياسة أوباما في سوريا، إلا أنها أظهرت تراجعًا نسبيًا، وقالت: سأبرم صفقة مع الروس في سوريا إذا أصبحت رئيسة، سأدفع إلى إقامة منطقة خالية من الطيران هناك، وقالت كلينتون إنها تواصل الضغط من أجل إقامة منطقة لحظر الطيران في سوريا، وذكرت أنها لن تدعم زيادة القوات الأمريكية في سوريا والعراق. ويرى مراقبون أنه بعد المناظرة الأخيرة، يبدو أن ترامب قد أخفق في تعزيز موقعه أمام المرشحة الديمقراطية، وأصبحت كلينتون المرشحة الأوفر حظًا للرئاسة الأمريكية، خاصة بعد رفضه التعهد بالاعتراف بحكم صناديق الاقتراع، حيث أظهر استطلاع شبكة "سي إن إن" حول أداء مرشحي الرئاسة الأمريكية في المناظرة الثالثة والأخيرة، اكتساحا للديمقراطية هيلاري كلينتون على منافسها الجمهوري دونالد ترامب بفارق 13 نقطة كاملة، حيث حصلت كلينتون على 52 % مقابل 39 % لغريمها الملياردير الأمريكي في المناظرة الأخيرة.