الاعتماد على مصادر الدخول الريعية «كارثة» الدعم النقدي «أكذوبة».. والدولة تنحاز لرجال الأعمال إعادة تشغيل 7 آلاف مصنع.. أبرز الحلول لتعافي الاقتصاد رؤية الدولة الاقتصادية «فاشلة».. والاقتراض من البنوك الوطنية خطأ 48 مليارًا ديون خارجية قائمة.. و50 مليارًا منتظرة توغل المؤسسة العسكرية اقتصاديًا يُعرضها للتفكك تعويم الجنيه يضع نصف المصريين ضمن العاجزين عن تدبير احتياجاتهم البرلمان الحالي لا يمثل المصريين.. وينحاز لرجال الأعمال ضد الفقراء القوى السياسية قادرة على طرح مرشح رئاسي أزمة اقتصادية نمر بها خلال الفترة الراهنة؛ فمن اشتعال الأسعار إلى اختفاء الدولار حتى تعويم الجنيه، مرورا بالاقتراض وارتفاع حجم الدين الداخلي ومشاكل الاستثمار، كلها ملفات طرحناها على إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، كما لم يخل الحوار من عرض رؤيته حول تدخل المؤسسة العسكرية في جميع مجالات الحياة عموما، والاقتصادية على وجه الخصوص، وصولا إلى دعوات النزول يوم 11 نوفمبر، انتهاء بأداء البرلمان خلال الفترة الماضية وأمور أخرى.. وإلى نص الحوار.. نمر بأزمة اقتصادية طاحنة.. ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ نتيجة لاعتماد الدولة على سياسات اقتصادية خاطئة، أدت انهيار القطاع الزراعي والصناعي وزيادة الاعتماد على الخارج، وبالتالي أزمات غذائية متتالية ونقص في الأدوية وألبان الأطفال والسكر وغيرها، فضلا عن اعتماد الحكومة على مصادر الدخول الريعية مثل تحويلات المصريين بالخارج والبترول والسياحة وقناة السويس، وهى مصادر دخل متغيرة تتأثر بأي تغيرات في السياسات الاقتصادية عالميا، مثلا أزمة التجارة أثرت على دخول قناة السويس، والأوضاع السياسية أثرت على السياحة وهكذا، وبالتالي استمرار الاعتماد على هذه المصادر الريعية وإهمال الصناعة والزراعة، كارثة كبرى؛ لأن مصر خلال ال40 سنة الماضية اعتمدت على 2 مليون فدان من الأراضي الخصبة بالوادي والدلتا، والآن تذهب لاستصلاح مليون ونصف فدان بتكلفة في الصحراء. وما الحل؟ يوجد عدة حلول ناجزة، مثل، إعادة تشغيل ما بين 5 إلى 7 آلاف مصنع بالقطاع الخاص، وتشغيل العشرات من شركات القطاع العام، التي تنتظر تنفيذ الدولة لأحكام قضائية باستردادها وإعادتها للعمل من جديد. هل تمتلك الدولة أي رؤية لحل الأزمة الاقتصادية؟ الدولة لديها رؤية، لكن ثبت خلال السنوات الماضية أنها فاشلة، فالحكومة تتوسع في الدين الداخلي الذى تنعكس خطورته على مستويات عدة؛ لأنه مأخوذ من مدخرات يمتلكها كل المصريين، كما فشلت في السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار، كما أن بعض البنوك تعتمد حاليا على إقراض الدولة كنشاط رئيسي لها، مثل البنك الأهلي وبنك مصر، ليمثل 46.48 % من نشاطهما إقراض للحكومة بربحية أعلى مع ضمان سدادها، فبدلا من أن تمول البنوك القطاع الخاص والاستثمارات الحقيقية، تمول الحكومة! في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.. هل الدولة مهددة بالإفلاس؟ لا ،ولكن مصر اصبحت في مرحلة خطر اقتصادي ،نتيجة لتفاقم حجم الدين المحلى والخارجي ووصوله الى نسب تتجاوز الناتج المحلى الاجمالي ، بكل قطاعات الاقتصاد العام والحكومي والخاص ،اصبحت مدينة بقدر قيمته للديون المحلية والخارجية ، لذا هي ازمة ضخمة، ولكن السياسات الاقتصادية لا تعالجها ، وكل ما نحتاجه سياسات بديلة تدعم القطاع الزراعي والصناعي، والمشروعات الصغيرة وتوفير فرص عمل وسياسات لحماية محدودي الدخل ونظام ضريبي يحقق العدالة بين المواطنين ويعيد توزيع الثروة والدخل . تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء حاجز ال15 جنيها.. كيف تقرأ انعكاسات ذلك؟ انعكاسات ارتفاع سعر الدولار على أكثر من مستوى، منها، اشتعال الأسعار لاعتماد الدولة على السوق الخارجي في توفير 90% من احتياجات المواطن الغذائية، وتوفير مستلزمات الإنتاج لجزء كبير للقطاع الصناعي، وبالتالي فإن ارتفاع سعر الدولار من 8 إلى 15 جنيها يؤدى لارتفاع سعر الدواء والمواد الغذائية، ما يترتب عليه معاناه المواطن ومحدودي الدخل، ومن جانب آخر، سلبياته تتعلق بالتوسع الذى تبنته الدولة في الدين الخارجي، عندما اقترضت الدولة قرضا بسعر 6 جنيهات خلال الفترة الماضية، نسوف تسدده وسعر الدولار وصل إلى 15 جنيها! هذه كارثة كبرى، أي تسديد القرض بثلاث أضعاف قيمته، ما يزيد العبء على الموازنة العامة للدولة في بند فوائد الدين، ويؤثر على احتياطي النقد الأجنبي. زاد حجم الدين الخارجي بشكل كبير.. ما آخر الأرقام؟ وصل إلى 48 مليار جنيه، بالإضافة إلى 22 مليارا؛ 12 منها لصندوق النقد الدولي و10 مليارات لعدة بنوك، منها «الدولي، والتنمية الإفريقي، والأوروبي» وهيئات تمويل أخرى، فضلا عن 28 مليارا قرض لتمويل المحطة النووية بالضبعة. تبحث مصر عن قرض جديد من ألمانيا.. ما خطورة الاعتماد الدائم على الاقتراض؟ التوسع في الاقتراض التي تتبناها المجموعة الاقتصادية اليوم، سياسة تدمر الاستقلال الاقتصادي للدولة وتضر بالأصول المصرية، كما تعرض البلد للعودة مرة أخرى لعصر الخديوي إسماعيل وصندوق الدين والرقابة الثنائية على الأداء الاقتصادي الوطني، ويمكن للدائنين غدا أن يضعوا أيديهم على قناة السويس وشركات البترول والمرافق الحيوية وفاءا لسداد مستحقاتهم، وبالتالي الدين الألماني أو الروسي، سياسة تعمق أعباء الاقتصاد والمواطنين، وعدم حل المشكلات الأساسية بعلاج هيكلي يؤدي إلى تحسين اقتصادي وإنتاجية مرتفعة وتوفير فرص عمل تقضي على البطالة. بمناسبة السياسات البديلة.. كيف تقرأ تدخل الجيش في القطاعات الاقتصادية المختلفة؟ مشكلة كبرى يعاني منها الاقتصاد المصري لسنوات طويلة وتفاقمت بعد 30 يونيو، لكنها ليست مرحلة مؤقتة، بل هناك توغل من الجيش في الحياة الاقتصادية يؤثر عليها وعلى الجيش، فالأخير مبني على عقيدة قتالية لمواجهة العدو، وعندما تتحول هذه العقيدة إلى رصف الطرق، وتحصيل الكارتة، وتوزيع السلع الغذائية في الميادين، ثمة خلل قائم، فدور المؤسسة العسكرية في الحفاظ على الأمن القومي والاستقرار والحدود، يصبح محل شك، بل سيصبح تماسك الجيش معرض للتفكك بسبب هذا التوغل في الحياة الاقتصادية، ونحن مع تقوية الجيش وتسليحه وتوفير وخروجه الكامل من الحياة والإنتاج المدني، فالقطاع الحكومي والخاص قادران على تغطيه احتياجاته، في ظل أنظمة وتشريعات توفر الدعم والحماية اللازمة وتحقق توازن للسوق مع وجود رقابة للدولة. ماذا عن تكهنات تعويم الجنيه وتأثير ذلك على المواطن؟ تعويم الجنيه قادم لا محالة، فهو ضمن شرط قرض صندوق النقد الدولي، لكن علاج مشكلة سعر الصرف يرتبط بعلاج مشكلات القطاعات الإنتاجية في مصر كالصناعة والزراعة، لتغطية احتياجات السوق المحلي، لكن إطلاق حرية تحديد سعر الصرف في ظل انهيار هذه القطاعات والزيادة الضخمة في الواردات على حساب الصادرات، سيؤدى إلى استمرار ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، وحتى لو أقر البنك المركزي التعويم ووصل سعر الصرف الرسمى 12 جنيها، لن تحل الأزمة طالما لم تعالج الحكومة الأسباب الجذرية للمشكلة، لينعكس على المواطن بمزيد من التردي لمستوى معيشته، خاصة أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أكد أن 27 % من المصريين عاجزين عن تدبير احتياجاتهم الأساسية، وبعد قرار التعويم، يدخل أكثر من نصف الشعب ضمن العاجزين عن تدبير احتياجاتهم، في ظل نظام ضريبي منحاز لأصحاب العمل على حساب العاملين. هل توافق على إلغاء الدعم العيني واستبداله بالنقدي؟ الدعم النقدي خطر وأكذوبة كبرى؛ فعندما تعطى الدولة المواطن دعما نقديا 50 جنيها، والدولار ب6 جنيهات ثم يرتفع إلى 15 جنيها، فتكون المحصلة صفر، فنظام الدعم يحتاج إلى ترشيد وإعادة توزيع حقيقي، ليكون موجها للمواطنين الفقراء وليس رجال الأعمال والمستثمرين، فمثلا الدولة تبيع الغاز الطبيعي للمنازل بسعر حر، وفي الوقت نفسه، تخفض أسعاره من 4 إلى 7 دولارات للألف مكافئ وحدة حرارية لشركات الحديد والصلب، ونفس الوضع في الكهرباء. الرئيس ومجلس الوزراء أعلنوا مؤخرا عن قانون جديد للاستثمار.. ما مواصفاته؟ نأمل في قانون لا يفتح المجال أمام المستثمرين دون أي ضمانات للاقتصاد الوطني أو العمالة في هذه الشركات، أو يفرط في قرار الدولة وإهدار مواردها الطبيعية والمحجرية المملوكة للأجيال القادمة من أجل المستثمرين. كيف ترى أداء البرلمان؟ لا يمثل الشعب ولا ثورتي يناير و30 يونيو، باستثناء تكتل 25- 30، والأغلبية داخل البرلمان معادية لمصالح الفلاحين والعمال والاقتصاد عموما، والمجلس أكثر انحيازا لمصالح رجال الأعمال ضد الفقراء. كيف ترى دعوات النزول في مظاهرات يوم 11 نوفمبر ضد الغلاء؟ دعوات غير جادة، الهدف منها اختبار لقدرة بعض القوى السياسية على تحريك الشارع، ومحاولة صناعة فوضى لتكون وسيلة من أجل عودة الإخوان للحكم مجددا، لكن لا ننكر أن الشارع يغلى من ارتفاع الأسعار وثبات الأجور، وغياب العدالة الضريبية، وقد يترجم ذلك احتجاجات وإضرابات متصاعدة يوما بعد الآخر. هل يمتلك النظام الحالي حنكة سياسية لرأب هذا الصدع؟ النظام ينظر للأمور من زاوية ضيقة تنحاز للمستثمرين ورجال الأعمال وليس الفقراء المطحونين. هل تعتقد أن السيسي سيترشح لفترة رئاسة ثانية؟ وارد جدا. أين القوى السياسية من الاستعداد بمرشح رئاسي؟ مازالت لم تطرح بديلا بعد، لكن لديها قدرة على ذلك خلال الأيام المقبلة.