أثارت تصريحات وزير الثقافة الفلسطيني السابق عطا الله أبو السبح حول «أغاني الدحية»، إحدى أشكال التراث الفلسطيني الشائعة بين السكان البدو، جدلًا واسعًا بين صفوف الشباب الفلسطيني بقطاع غزة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وكتب أبو السبح منشورًا عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قال فيه: «إن الدحية التي لا يخلو منها فرح من أشد الملوثات السمعية، فضلًا عن أنها من أتلف صور الفن الغنائي، فقط هي جعير، وكلام أعجمي بدائي غير مفهوم لديَّ البتة». وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات المنشورات التي قابلت رأي الوزير السابق وأحد قادة حركة حماس بالرفض، معتبرة أن الدحية جزءًا أساسيًّا من ثقافة وفن الشعب الفلسطيني ولا يجوز الاستهانة به. وكتب طارق شمالي على صفحته الرسمية على الفيسبوك: «الدحية تراث عاجبك والا مش عاجبك.. مش مطلوب منك تحبه وبنفس الوقت مش مطلوب منك تقلل من قيمته». أما الصحافي محمد عثمان فكتب مهاجمًا وزير الثقافة السابق: «كيف وزير ثقافة سابق وبيقلل من قيمة جزء مهم وأصيل من ثقافة الشعب الفلسطيني «الدحية».. كيف كنت وزير سابقًا يا أستاذ عطالله أبو السبح؟!». في حين كتب أستاذ اللغة العربية بجامعة الأقصى موسى أبو دقة على صفحته: «لا أتفق مع د. عطاالله أبو السبح فيما ذهب إليه في منشوره عن الدحية، لعدة أسباب أولًا: الدحية ليست جعيرًا، ولا يليق أن يصدر هذا التشبيه من عالم كبير، عرف بسمو أخلاقه ومكانته العالية، وكان وزيرًا سابقا للثقافة، ويدرك معنى الدحية في تراثنا، ثانيًا: من قال إنها كلام أعجمي بدائي غير مفهموم؟! اللفظ في الدحية ارتقى وأصبح يتناول قيمًا وطنية ودينية رائعة، ثالثًا: هي ليست من أشد الملوثات السمعية ولم تتلف الفن الغنائي، رابعًا: اعتبر بعض الناس أن هذا التشبيه وهذا الرأي إهانة لأصولهم البدوية الأصيلة، على أي حال أقترح حذف المنشور من صفحة د. عطاالله وإغلاق باب لا لزوم لفتحه». وتعتبر الدحية فنًّا فلسطينيًّا بدويًّا أصيلًا تناقلته الأجيال خلال السنوات الماضية، وأصبح حاضرًا بشكل بارز خلال السنوات الأخيرة في مختلف الأفراح والمناسبات الفلسطينية المحلية، حيث أصبح بمثابة الفن الرسمي لبعض الحفلات الشبابية في مختلف المناطق من قطاع غزة، ويعود فن الدحية للبدو في قبائل النقب وفلسطين والأردن بشكل عام، إلَّا أنه انتشر بشكل كبير في قطاع غزة حديثًا، حيث يتجمع الرجال بشكل دائري ممسكين أيادي بعضهم بعضًا ويغنون ويصفقون على أغاني الدحية التي تشتهر بكلامها البدوي ذي الطابع الكريم والترحيبي، فمثلًا: وأول ما نبدي بالبادي.. ويا ذكر محمد الهادي وأول ما نبدي ونقول.. يا ذكر محمد رسول ويصنع مثل هذا الفن حالة من الفرحة والألفة بين المشاركين ويدفع الآخرين للمشاركة؛ نظرًا للموسيقى التي تجذب المستمعين. وللتخصيص، بحسب الإعلامي البدوي عبد الله أبو زكري، فإن الدحية رقصة أبناء البادية منذ قديم الزمان، وتعتبر من التراث البدوي الأصيل، حيث إنهم يمارسونها بشكل دائم في أفراحهم ومناسباتهم السعيدة كحفلات الزواج والطهور وحتى في المناسبات السنوية كرأس السنة والأعياد، ويصطف الرجال حول بعضهم ثم يتقدمهم اثنان للغناء، ويسمى هذا الرجل بالبداع، حيث يطلق الأغاني بكلمات شعرية موزونة بحسب الشعر النبطي، ويردد البقية وراءه بمقولة: ياحيي حولي قول الريدي. ويشار إلى أن الموسيقى دخلت على الدحية حديثًا لتزيدها جمالًا، أدى هذا التطور لزيادة انتشارها بين طبقات المجتمع الفلسطيني المختلفة في الضفة المحتلةوغزة والداخل المحتل. كما أنها استوجبت على بعض الإعلاميين مواكبة هذا الانتشار، فظهرت برامج تراثية بدوية تتحدث عن هذا الفن بالتفصيل؛ مثل برنامج الهرج الزين للإعلامي البدي عبد الله أبو زكري.