سباق تسليح تشعله الولاياتالمتحدةالأمريكية من جديد، مستغلة الخلافات بين الدول العربية والإسلامية، لتقود خطة محكمة تتسابق خلالها هذه الدول في الحصول على المزيد من الأسلحة؛ لتوجيهها إلى صدور أعدائها العرب والمسلمين، الأمر الذي يصب في مصلحة الدول الأوروبية والغربية اقتصاديًّا وسياسيًّا. قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي الديمقراطي، بوب كوركر: إن البيت الأبيض وافق على الصفقات المعلقة منذ فترة بشأن بيع طائرات مقاتلة لقطروالبحرينوالكويت بقيمة 8 مليارات دولار. ونقل موقع ديفنس نيوز عن رئيس اللجنة تأكيده أن صفقة المقاتلات ستباع بموجبها طائرات مقاتلة تصنعها شركة بوينغ للكويت وقطر. وبموجب الصفقه ستحصل قطر على 72 طائرة «F-15E»، فيما ستحصل الكويت على 40 طائرة «F/A-18 E/F»، فيما تشمل صفقة البحرين طائرات من طراز «إف-16» التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن، في الوقت ذاته أبلغ البيت الأبيض المشرعين بالموافقة على بيع 36 مقاتلة لقطر، تبلغ قيمتها نحو 4 مليارات دولار، و28 مقاتلة، مع إمكانية إضافة 12 مقاتلة أخرى للكويت، في اتفاق تبلغ قيمته نحو 3 مليارات دولار، ويمكن للمشرعين في الكونجرس الاعتراض على عمليات البيع خلال 30 يومًا، لكن هذا الإجراء نادر الحدوث. هذه الصفقة عُقدت منذ أكثر من عامين، لكنها عُلقت بسبب مخاوف أثارتها الحليفة الإسرائيلية لأمريكا من أن الأسلحة المباعة لدول الخليج قد تقع في الأيدي الخطأ وتستخدمها هذه الدول ضدها، خاصة في الوقت الذي خرجت فيه تقارير تؤكد وجود علاقات تربط معظم دول الخليج بالجماعات المسلحة الناشطة في سوريا والعراق وليبيا. تثير هذه الصفقة مخاوف من أن تؤجج سباق التسليح المشتعل في المنطقة، حيث لا يكاد يمر شهر دون الإعلان عن صفقة تسليح بين واشنطن وإحدى الدول الخليجية، وكان آخرها تلك التي تم توقيعها بين السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية، ووافق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي سبتمبر الجاري، وتحصل بموجبها السعودية على 130 دبابة أبرامز و20 عربة مدرعة وعتاد آخر للمملكة بقيمة 1.15 مليار دولار. وفي إطار خطتها لتفتيت منطقة الشرق الأوسط وتخريب العلاقات بين الدول العربية والإسلامية، تسعى أمريكا إلى تسليح العديد من هذه الدول؛ حتى تشعل الصراع بينهما أكثر، لتقود بذلك سباق تسليح غير مسبوق أشعلته منذ عقود، وسعت إلى تسعيره منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، حيث لعبت أمريكا جيدًا في تهويل وتضخيم المشكلات أمام أعين الدول الخليجية، بل وخلق فزاعات لتبث الرعب في نفوس قادتها وشعبها، فتبدأ الأخيرة في البحث عما سيحميها من المخاطر، فتخرج أمريكا لتقديم مساعداتها ومحاولات طمأنتها، وتصبح الحامي للمنطقة الخليجية، وبذلك تظل المنطقة تحت طوق الإدارة الأمريكية ورئيسها، وتتخذ شرعية ابتزاز المنطقة الخليجية بكل سهولة. تأتي الموافقة على بيع المقاتلات للكويت والبحرينوقطر ومن قبلها السعودية في الوقت الذي يحاول فيه البيت الأبيض تعزيز العلاقات مع حلفائه من دول الخليج التي تريد تطوير قدراتها العسكرية، مستغلًّا في ذلك قلق الدول الخليجية من تعزيز الولاياتالمتحدة لعلاقاتها مع إيران عدوهم اللدود بعد الاتفاق النووي الذي عُقد بين طهران والقوى العالمية العام الماضي، وتعتبر الفزاعة الإيرانية الأكثر استخدامًا بالنسبة لأمريكا؛ كي تجبر الدول الخليجية على إهدار أموالها ووضعها في الخزانة الأمريكية بكامل إراداتها. كشف معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم «سيبري»، في مارس 2015، أن صادرات الأسلحة للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي قفزت بنسبة بلغت حوالي 70% خلال الفترة من 2005 – 2009 وحتى 2010 – 2014، ما يمثل 54% من إجمالي واردات الأسلحة إلى الدول في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 2010 – 2014، وأكد التقرير أن الدول في مجلس التعاون الخليجي استثمرت بكثافة في ترساناتها من عام 2010 حتى 2014، وأوضح التقرير أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تخطط وتلعب بمفردها، بل تقاسمت كعكة الابتزاز مع حلفيتيها الاستراتيجيتين فرنسا وبريطانيا، فشكلت أمريكا ما يقرب من نصف إجمالي مبيعات الأسلحة لمنطقة الشرق الأوسط، يليها روسيا والمملكة المتحدة، مشيرًا إلى أن أكبر مُصدري السلاح في العالم في السنوات الخمس الماضية الولاياتالمتحدةوروسيا والصين وألمانيا وفرنسا. صفقه المقاتلات العسكرية لم تكن الأولى في إطار التقارب الخليجي الأمريكي في الشأن العسكري، حيث إن قطر تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، فيما تُعد البحرين مقرًّا للأسطول البحري الخامس الأمريكي، الذي تشمل عملياته منطقة الخليج وعمان وبحر العرب والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي، كما أن الكويت تُقدم تسهيلات واسعة للقوات الأمريكية، وتوفر لها قواعد تمركز جوية وبرية، ومستودعات تخزين للمعدات والعتاد الأمريكي، بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي التي تم توقيعها في عام 1991.