أذربيجان.. تعديلات رئاسية تحمل الطابع الملكي

استفتاء مثير للجدل نظمته أذربيجان الاثنين، حيث فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين؛ للإدلاء بأصواتهم فى استفتاء على تعديلات دستورية تسمح بتمديد ولاية الرئيس وتعزيز سلطاته، ووفقًا للتعديلات التي صوت عليها الناخبين، فإنه سيتم زيادة فترة الرئاسة من خمس إلى سبع سنوات، ومنح الرئيس الحق فى حل البرلمان، واستحداث منصب نائب أول للرئيس، يكون بصلاحيات تامة في غياب الرئيس، وإلغاء شرط الحد الأدنى من العمر للترشح لمنصب الرئاسة، وهو 35 عامًا. ومن أهم المواد التي ستضاف إلى الدستور تلك المتعلقة بحق الملكية، وهي إعطاء الصلاحية للدولة بتحديد ملكية الأراضي والعقارات للمواطنين.
وأعلنت اللجنة الانتخابية المركزية مساء الاثنين، بعد أن أغلقت مكاتب الاقتراع أبوابها، أن نسبة المشاركة بلغت 63,3 في المائة قبل غلق الأبواب بساعتين تقريبًا، الأمر الذي يؤكد ارتفاع نسبة الإقبال على الاستفتاء، وبعد فرز كل الأصوات، أكد 91 في المائة من الناخبين تأييدهم للتعديلات الجديدة، حيث عبر الأذربيجانيون بأغلبية كبيرة في الاستفتاء عن دعمهم للتعديلات الدستورية، التي اقترحها الرئيس الهام علييف، وسبق أن وافقت عليها المحكمة الدستورية في البلاد، مشيرين إلى أن الرئيس إلهام علييف يؤمن استقرارًا سياسيًّا للبلاد.
انتقادات سياسية وحقوقية
هذا الاستفتاء الشعبي واجه العديد من الانتقادات، حيث تظاهر المئات فى العاصمة الأذربيجانية "باكو" الأسبوع الماضى، بمشاركة أحزاب سياسية أذرية غير ممثلة بالبرلمان؛ للاحتجاج على تنظيم هذا الاستفتاء، ورفعوا شعارات وصورًا لدعم المعارضة المناهضة للرئيس الأذربيجاني، إلى جانب ذلك طعنت المعارضة الأذربيجانية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان على هذا الاستفتاء، متهمه الرئيس بمحاولة إبقاء هيمنة عائلته على هذه الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة في القوقاز والغنية بالنفط.
من جانبها عبرت "مفوضية البندقية"، الهيئة الاستشارية للخبراء الدستوريين في مجلس أوروبا، عن قلقها من هذه التعديلات، معتبرة أنها ستغير بعمق توازن السلطات عبر منح إلهام علييف صلاحيات غير مسبوقة، فيما رأت منظمة العفو الدولية أن التعديلات ستؤدي إلى انتهاكات لحرية المشاركة، ودانت الاعتقالات والترهيب اللذين رافقا حملة الاستفتاء.
تأييد الناخبين لمقترح الرئيس الأذربيجاني يعني أن يكون المنصب الذي تم استحداثه، وهو النائب الأول للرئيس، ثاني أهم مركز في الدولة، بدلًا من رئيس الوزراء، كما سيكون الرئيس قادرًا على الدعوة إلى انتخابات مبكرة عندما يشاء، إضافة إلى أن إلغاء نص يحدد السن الأدنى المحدد للترشح للرئاسة ب35 عامًا سيمهد الطريق أمام نجل الرئيس لتولي الرئاسة خلفًا لوالده.
محاولات تعزيز القبضة الحديدية
الرئيس إلهام علييف، الذي ورث الحكم عن والده "حيدر علييف"، الذي حكم البلاد منذ 1993، وتوفي في 2003، كان قد تعرض للعديد من موجات الانتقاد من منظمات حقوق الإنسان؛ بسبب دعم نظامه لقمع المعارضة وسجن العديد من المناهضين له، حيث ناشد الناشط السياسي الأذربيجاني، رسول جعفروف، المنتقد لحكومة بلاده، وزير الخارجية الألماني، فرانك-فالتر شتاينماير، خلال زيارته للعاصمة باكو قبل أشهر قليلة، لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في بلاده بشكل سافر، وقال جعفروف: تعتبر ألمانيا بصفتها دولة ديمقراطية ملزمة بالدفاع عن قيمها. وشدد حينها على ضرورة أن تلتزم القيادة المستبدة لأذربيجان، تحت قيادة الرئيس الحالي إلهام علييف، بسيادة القانون بصفتها عضوًا في مجلس أوروبا.
هذا الاستفتاء لم يكن الأول الذي يثبت أن الرئيس "علييف" يحاول تعزيز وتثبيت مكانة في الرئاسة، حيث سبق أن ألغى المادة التي تنص على ألا يشغل الرئيس المنصب لأكثر من ولايتين متتاليتين، وذلك من خلال استفتاء أجراه أيضًا في عام 2009؛ ليتمكن بذلك من الترشح لعدد غير محدد من الولايات.