يبدو أن تداعيات الملف السوري لم تعد تلقي بظلالها الثقيلة على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل تعدته لتطال العمق الغربي عبر الانتخابات المحلية والتشريعية كما الحال في نتائج الانتخابات الألمانية. حالة من السخط العام بدأت تطال حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا بسبب مواقفه من استقبال اللاجئين السوريين، حيث سجَّل الحزب المحافظ بزعامة المستشارة إنجيلا ميركل، أسوأ نتيجة عبر تاريخه في انتخابات برلين المحلية الأحد الماضي، ولم يحصد الاتحاد بزعامة ميركل سوى حوالي 18 % من الأصوات بتراجع تجاوز خمس نقاط مقارنة بانتخابات 2011. في المقابل، تمكن حزب "البديل لألمانيا"، الذي نشأ قبل ثلاثة أعوام فقط، والمناهض لسياسة الانفتاح على اللاجئين السوريين، من دخول البرلمان المحلي محققاً أكثر من 14 %. أظهرت نتائج انتخابات البرلمان لمنطقة برلين حصول الحزب المسيحي الديمقراطي على الصعيد الاتحادي على نسبة 17.6 % من مجموع الأصوات هناك، مقابل 15.2 % لحزب الخضر و15.6 % لحزب اليسار، أما حزب "البديل لألمانيا" الشعبوي، فحصل على نسبة 14.2 %. وتعد هذه الهزيمة الثانية التي يتعرض لها حزب ميركل في انتخابات إقليمية في أسبوعين، بعدما تقدم عليه "البديل من أجل ألمانيا" مطلع شهر سبتمبر في ولاية ميكلنبورغ – فوربمرن شمال شرق البلاد، وقبل عام من الانتخابات التشريعية المقبلة، ولم يسبق أن تعرض الاتحاد المسيحي الديمقراطي لهزيمة مماثلة في تاريخ برلين، سواء برلينالغربية بعد الحرب العالمية الثانية أو العاصمة الموحدة بعد 1990. ورغم أن عمدة ولاية برلين الألمانية ميشائيل مولر رجح أن نتائج الانتخابات ستكفل لحزبه الاشتراكي الديمقراطي الاحتفاظ بقيادة الائتلاف الحاكم الجديد في برلين، إلا أن محللين سياسيين قالوا إن النتيجة المتواضعة لحزب ميركل في برلين ستدفعه على الأرجح إلى صفوف المعارضة في برلين بعدما كان يشارك في حكومة ائتلافية مع الاشتراكيين الديمقراطيين، حيث يشارك حزب ميركل في الائتلاف الحالي في الولاية الذي يقوده الحزب الاشتراكي بزعامة مولر. وتشير التوقعات إلى أن حزب ميركل سيخرج من الائتلاف الحاكم في الولاية الذي يشارك فيه منذ خمسة أعوام، الأمر الذي سيحتم على الحزب الاشتراكي أن يبحث عن شركاء آخرين غير حزب ميركل، فالحزبين "الديمقراطي" و"الاشتراكي" لن يتمكنا من تشكيل ائتلاف حاكم، وترجح التوقعات إلى إمكانية دخول الاشتراكيين في ائتلاف ثلاثي مع حزبي الخضر واليسار، وهو الائتلاف الذي كان مولر أعلن تأييده له، والسبب الرئيسي خلف هذه التطورات أن حزب البديل لألمانيا، بدخوله إلى عشرة برلمانات محلية في 16 ولاية ألمانية، أخذ موقعه بشكل نهائي كحزب جديد. ويطالب حلفاء ميركل بسياسة أكثر تشددا حيال المهاجرين السوريين، عبر وضع سقف لعدد اللاجئين الذين يقبلون سنويا في البلاد، وهم يرفضون حتى الآن إعلان ما إذا كانوا سيدعمونها في معركتها من أجل ولاية جديدة كمستشارة خلال عام.