خلافات جديدة اندلعت بين الكيان الصهيوني ومنظمة الأممالمتحدة، حيث باتت الإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة من هدم منازل واعتقالات وحصار جائر لا يمكن السكوت عليها، وعلى الجانب الآخر فإن حكومة الاحتلال ترفض أي تعليق أو إدانة لهذه الجرائم، حتى وإن كانت هذه الإدانة لن تغير من الواقع شيئًا. لم تكتفِ الحكومة الصهيونية بسرقة واغتصاب الأراضي الفلسطينية دون وجه حق وتحدي القانون الدولي والنداءات الأممية الداعية إلى وقف هذه الممارسات، لكنها لجأت إلى جعل هذه الممارسات حقًّا مكتسبًا من خلال تزييف الحقائق ووصف الفلسطينيين الرافضين لهذه الجرائم الصهيونية بالعنصريين وأنهم "من أنصار التطهير العرقي"، حيث اعتبر رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتانياهو، في تصريحات له قبل أيام، أن رفض الفلسطينيين وجود يهود إسرائيليين في مناطقهم يشكل نوعًا من التطهير العرقي. مع ارتفاع معدل الجرائم الصيهونية المتنوعة المستهدفة الأراضي والشعب والممتلكات والمقدسات الفلسطينية، ارتفعت أيضًا حدة الانتقادات الأممية، وعلى الرغم من كونها تقتصر على الانتقادات فقط، ولا تتخذ قرارًا صارمًا في وجه الاحتلال الصهيوني، إلا أنها باتت تزعج وتقلق الكيان الصهيوني. الهراء الصهيوني وتزييف الحقائق بهذا الشكل لم تستطع الأممالمتحدة أن تقف صامته أمامه، حيث خرج الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن صمته أمس الخميس، ليقول إن تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بحق معارضي الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير مقبولة ومخزية، مدينًا مجددًا الاستيطان الإسرائيلي، وأضاف "بان" أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي مخصص للوضع في الشرق الأوسط: أنا قلق من تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي مؤخرًا وصف فيه معارضي توسيع المستوطنات الإسرائيلية بأنهم أنصار تطهير عرقي، هذا غير مقبول ومخزي. في ذات الإطار شدد الأمين العام للأمم المتحدة قائلًا: لنكن واضحين، الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي بنظر القانون الدولي. وتابع "يجب أن ينتهي خنق واضطهاد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، وأشار بان إلى أن البدء في بناء مساكن استيطانية جديدة بلغ في الفصل الثاني من العام الجاري 2016 أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات، وفق أرقام رسمية إسرائيلية، وأضاف: الاحتلال ينهي عقده الخامس والفلسطينيون ما زالوا لا يتمتعون بالاستقلال، لذلك لا أتفق مع وصف وقف الاستيطان بأنه تطهير عرقي، هناك قرارات عديدة لمجلس الأمن والجمعية العامة وآراء استشارية قانونية كلها ترفض فكرة الاحتلال والاستيطان، وتعتبر ذلك غير شرعي. تصريحات بان كي مون أثارت غضب القادة الإسرائيليين، حيث انتقد مندوب إسرائيل لدى منظمة الأممالمتحدة، داني دانون، ما وصفه ب"نظرة بان كي مون المشوهة للموقف"، قائلًا إن العقبة التي تقف عائقًا أمام السلام تبدأ وتنتهي بالتحريض الفلسطيني على الإرهاب، ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقاء نتنياهو. تأتي تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بعد أيام من تصريحات مماثلة أطلقها مبعوث الأممالمتحدة الخاص للشرق الأوسط، نيكولاي ملادنوف، انتقد فيها أيضًا أمام مجلس الأمن الدولي، تصعيد النشاط الاستيطاني وسياسة هدم المنازل، حيث قال "ملادنوف" مخاطبًا مجلس الأمن في 29 أغسطس الماضي: لسنوات نقوم بإدارة هذا الصراع، في الوقت الذي يتواصل الاحتلال ويتم طرد الفلسطينيين، وواقع الدولة الواحدة يقوم بتأسيس نفسه على الأرض، وأضاف المبعوث: حان الوقت لنا جميعًا، القادة من الجانبين، بدعم من المنطقة والمجتمع الدولي، لوضع حد للصراع بالاستناد إلى قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وعلى نحو يلبي التطلعات القومية للشعبين. وتابع "ملادنوف": إسرائيل تنتهك توصيات الأسرة الدولية. مدينًا مواصلة الاستيطان، ومشككًا علنًا في رغبة إسرائيل في التوصل إلى حل إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية تتعايشان بسلام. تصريحات مبعوث الأممالمتحدة الخاص للشرق الأوسط، أثارت حفيظة مسؤولين إسرائيليين، حيث وصفت الحكومة الإسرائيلية انتقادات الأممالمتحدة للاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بالأمر السخيف، ووصلت حالة الغضب الإسرائيلي إلى إصدار وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أوامر لموظفي وزارته من القادة العسكريين بمقاطعة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادنوف، ورفض التعامل معه أو الاتصال به، وفق ما جاء في تقرير بثته القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي، الأمر الذي انتقده وزير خارجية نيوزيلاند، موراي ماكولي، الذي ترأس جلسة مجلس الأمن، قائلًا إن المبعوث الأممي يقوم بالعمل الذي ننتظره منه جميعًا. تأتي هذه المناوشات المتبادلة بين منظمة الأممالمتحدة والكيان الصهيوني بعد أيام قليلة من إصدار لجنة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية تقريرًا دوليًّا للمرة الأولى، تتهم فيه السلطات الإسرائيلية بشكل واضح بالتسبب في ارتفاع معدلات وفيات الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة، والتراجع الحاصل في الاقتصاد الفلسطيني، في ظل أن هذا الاقتصاد كان بإمكانه أن يتضاعف مرتين عما هو عليه اليوم لولا وجود الاحتلال الإسرائيلي والقيود التي تضعها إسرائيل على القطاع. وأضاف التقرير أن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي حدّت من نهوض الاقتصاد الفلسطيني في ظل القيود التي تفرضها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، مثل الحد من حرية الحركة وهدم المنازل وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية ومصادرة الأراضي واستغلال الموارد المائية والطبيعية لصالح الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من استخدامها لخدمة نهوضه وتطوره.