وكأن الزمان يأبى أن ينسينا جرح التنازل عن تيران وصنافير الجزيرتين المصريتين إلى السعودية, مرة أخرى تظهر الجزيرتان في المشهد بشكل آخر, تظهر مرتبطة بدماء مصرية كالتي سالت للدفاع عنها في مواجهة الكيان الصهيوني. لكن هذه المرة تطل علينا تيران أحد الجزيرتين المصريتين في مشهد مأساوي آخر, بالعثور على جثة شاب مصري فوقها وهو متحلل إلى هيكل عظمي, وكالعادة كما كانت السعودية طرفًا في أزمة الجزيرتين, فهي هنا حاضرة بشكل آخر بنظامها الذي طالما نادت العمالة المصرية بتغييره، وهو نظام الكفيل. محمد محمد سعد، الشاب المصري الذي اضطر إلى الهروب عن طريق البحر من السعودية إلى مصر؛ في محاولة للتخلص من سطوة الكفيل، الذي طالبه بسداد مليون ريال تعويضًا عن منزل لم يشيده في الأساس، فيلقي القدر به جثة متحللة أعلى جزيرة تيران؛ ليعيدها إلى الأذهان مرة أخرى. لم تكن حادثة «سعد» هي الأولى من نوعها التي يتم التعامل معها بلا آدمية من جانب الكفيل, حيث حدثت عشرات المرات، وفي أغلب الأحيان تنتهي دون رادع. وقال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن نظام الكفيل التي تصر السعودية على تطبيقه هو أقرب إلى العبودية والسخرة، على الرغم من تزايد عدد المطالبين بإلغائه في الوطن العربي، إلا أن المملكة تصر على وجوده. ويضيف شكر أن وجود هذا النظام والإصرار عليه إصرار على علاقات قديمة أقرب إلى العصور الوسطى، تقف أمام حرية الإنسان في اختيار عمله وإنهائه بالشكل الذي يراه مناسبًا, مشيرًا إلى أن هذه الحادثة قد تكون فرصة للضغط على السعودية من أجل إلغاء هذا القانون. من جانبه قال هيثم الحريرى عضو مجلس النواب أن وفاة المواطن المصري محمد سعد غرقاً بعد هروبه من الكفيل السعودي، يفتح الباب لمناقشة إنهاء نظام الكفيل تماما، مؤكداً على أنه ومعه عدد من النواب سيتقدمون بمقترحات لإنهاء هذا النظام. وأكد «الحريري» أن نظام الكفيل يهين أي شخص يعمل بدولة أخرى، حيث يرى المواطن مهانة من الكفيل غير آدمية, ولا بد من عدم استمراره, متسائلًا: كيف لمواطن لا يستطيع الرجوع إلى بلده دون إذن الكفيل؟