تستقبل محافظة سوهاج العام الدراسي الجديد بكارثة تعليمية قد تتسبب في مصرع المئات من التلاميذ؛ لوجود 113 مدرسة مستأجرة من الأهالي علي مستوي المراكز والمدن والقرى والنجوع بمختلف ال11 إدارة تعليمية، متهالكة ولا تصلح للعملية التعليمية في أي مرحلة. وتشبه هذه المدارس حظائر الماشية في أغلبها، ومخازن مواد بناء في أخرى، ووفقا لتقييم المهندسين المدنيين والزراعيين، فإنها لا تصلح لتخزين الغلال لعدم وجود تهوية بأغلبها، ما يعرضها للتلف والتسوس، فكيف يتم فيها تعليم التلاميذ! ووفقا تقرير صدار عن مديرية التربية والتعليم بسوهاج، حصلت «البديل» على نسخة منه، فإن أغلب هذه المدارس في مركز ومدينة أخميم، يليه مركز المنشاة، وطهطا، ودار السلام، والمراغة، والبلينا، وجرجا، وساقلته، ثم مركز سوهاج، وآخرها مركز جهينة. عدسة «البديل» رصدت العديد من المدارس المؤجرة وغير الملائمة للعملية التعليمية على الإطلاق، فبعضها في الطابق الأرضي والثاني والثالث، تركها السكان لأن العقار آيل للسقوط أو مشيد بالألواح والخشب أو الأفلاق والجريد، وأنها تسببت في تلف محتويات المنازل خلال فترات سقوط الأمطار الغزيرة التي شهدتها المحافظة في السنوات الأخيرة الماضية، وفي بعضها، تقع المدرسة في الطابق الأول، والدور الثاني والثالث تسكنه أسرة مالك المدرسة. والمتجول في المدارس المؤجرة، يجد كأنها مأوى أو مسكن لأسرة فقيرة معدمة لا تجد قوت يومها وتعيش على مساعدات المحسنين، ويشكو معلموها من عدم استطاعتهم ممارسة الأنشطة والتطبيقات العملية للطلاب، كما أنها تفتقد الأدوات والأجهزة الخاصة بالمواد العلمية، مثل مادة العلوم لعدم توافر معمل، وتتمثل حجرة الإسعافات الأولية في صندوق خشبي معلق أعلى سطح حجرة المدير، كما لا يوجد في معظمها فناء. ولم تقتصر عملية الاستئجار في سوهاج علي المدارس فقط، بل وصل الأمر لاستئجار مقار للإدارات التعليمية التي تحكم وتنظم سير العملية التعليمية في المدارس التابعة لها، فبحسب التقرير الذي حصلت عليه «البديل» يوجد 8 إدارات مستأجرة، وجميعها يعاني من التصدع والشروخ والانهيار في أي وقت، وأن غالبية سكانها القدامى أخلوها لخطورتها، إلا أن التربية والتعليم بسوهاج لا زالت متمسكة بهذه المباني المتهالكة، وكأن حياة العاملين بها لا تمثل قيمة لديها. ولا تجد مدرسة أو إدارة تعليمية مستأجرة، إلا بين مالكها والوزارة قضايا منظورة في المحاكم لطرد المدرسة من المبنى واستخدامه كيف يشاء، وفي أي لحظة يكسب مالك المدرسة القضية المتنازع عليها، سوف يطرد المدرسة بمن فيها، ما يجبر مسؤولي التعليم بالمحافظة إلي توزيع الطلاب علي أقرب مدارس قريبة، الأمر الذي يمثل عبئا علي المدارس ويزيد من كثافة الفصول بها لحد يصل إلي 70 و80 تلميذا. وقال مصدر بإدارة التخطيط والمتابعة في مديرية التربية والتعليم بسوهاج، إن المديرية لا تستطيع صيانة المدارس المؤجرة؛ خوفا من أن يستردها صاحبها بحكم القضاء في أي لحظة من العام الدراسي، في الوقت الذي تحتاج إليه هذه المدارس لصيانة عاجلة وشاملة، فضلا عن عجز الاعتمادات المالية الخاصة بصيانة المدارس. وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه ل«البديل»، أن المديرية في أمس الحاجة لهذه المدارس لتواجدها في كتل سكنية كبيرة، مؤكدا أن المحافظة بدأت البحث عن مساحات أرض لإنشاء مدارس جديدة بدلا من المؤجرة، كما أنها تكثف أعداد التلاميذ داخل الفصول لحل المشكلة بعض الشيء ما استطاعت. وأوضح مصدر آخر بمديرية التربية والتعليم بسوهاج، أنه في حالة ورود أي شكوى تخص مدرسة مستأجرة، يتم معاينتها من خلال مهندس استشاري بهيئة الأبنية التعليمية لعمل الصيانة اللازمة لها أو إخلائها من الطلاب في حال خطورتها حفاظا على حياتهم، وذلك في حالة الضرورة القصوى لعدم وجود أماكن في مدارس بديلة. وأكد المهندس السيد أبو عقيل، مدير هيئة الأبنية التعليمية بسوهاج، أن عدد المدارس المستأجرة خلال العام الماضي كان 121 في جميع إدارات المديرية التعليمية، وفي العام الدراسي الحالي أصبحت 113، مضيفا أن ال8 مدارس الأخرى تم استرداد واحدة منهم للمالك، والباقي تم تحويله لمباني إدارية ومخازن نظرا لخطورتها علي حياة التلاميذ والمعلمين لتهالك مبانيها، موضحاً أن المدارس المؤجرة لا يتم إجراء أي أعمال صيانة لها إلا بعد الرجوع للمالك وموافقته، وفي حالة موافقته يتم صيانة خفيفة لها من دهانات وتصليح المرافق بها من كهرباء ومياه دون أعمال صيانة جوهرية من هدم أو بناء جدار. ورفض عبد الجواد عبد العال، وكيل وزارة التربية والتعليم بسوهاج، وسنية عز الدين، وكيل مديرية التربية والتعليم بسوهاج، اتصالات «البديل» علي مدار يومين كاملين في أوقات مختلفة للتعليق على الأزمة التي تهدد حياة التلاميذ.