تعددت الوساطات والمبادرات الخاصة بإحياء عملية السلام بين الفلسطينين والإسرائيليين في الفترة الأخيرة، في ظل تعنت إسرائيلي واضح بوضع عراقيل من شأنها أن تعوق أي حل للقضية الفلسطينية. من ضمن هذه الوساطات الأخيرة التي ظهرت على السطح وزاد الأقاويل بشأنها الوساطة الروسية، والتي تحدثت عنها الصحافة الروسية والفلسطينية والصهيونية الفترة الأخيرة. ميخائيل بوجدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، توجه إلى رام الله وتل أبيب؛ لبحث هذه الوساطة، حيث عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إمكانية عقد محادثات إسرائيلية فلسطينية مباشرة في موسكو، كما سلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إمكانية أن يلتقي عباس ونتنياهو في موسكو أواخر الشهر الحالي، ولكن أكد المصدر أن الطرفين لم يعطيا موافقتهما، وأنه موضوع قيد البحث بينهما في الوقت الراهن. مطالب فلسطينية أقر وزير الخارجية رياض المالكي بوجود محاولات حثيثة من أكثر من دولة؛ لعقد لقاء بين عباس ونتنياهو، وأشار إلى أن موقف السلطة الفلسطينية لا يعارض هذه اللقاءات من حيث المبدأ، غير أنه دعا للتحضير الجيد لها، إضافة إلى طلبه بأن يسبق اللقاء مجموعة من الإجراءات تقوم بها إسرائيل. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن السلطة الفلسطينية مستعدة للمشاركة في كل مبادرة إقليمية أو دولية هدفها الوصول إلى حل شامل وعادل. وبحسب المصادر الفلسطينية فإن عباس يشترط أولًا تنفيذ إسرائيل التزاماتها القديمة، بما في ذلك الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى الفلسطينين القدامى قبل عقد اللقاء، وتجميد عمليات المستوطنات. ويتضح من ردود المسؤولين الفلسطينيين أنهم لا يريدون إثارة غضب أي طرف، خاصة المصري في هذا التوقيت، كذلك الحليف الروسي المساند لكل المشاريع الفلسطينية في مجلس الأمن. وثمة تقارير تتحدث عن أن الجانب المصري هو من عرض استضافة موسكو لقمة أبو مازن – نتنياهو، في أعقاب رسائل مرحبة من جهة السلطة الفلسطينية تجاه الطرح السابق للقاهرة بأن تكون هي محطة الاستضافة الأولى بمشاركة أردنية؛ لتكون نقطة بداية المفاوضات. ولكن هذا الترحيب قال عنه محللون إنه جاء بعد ضغوط تمارس على السلطة، وإن الجانب الفلسطيني لم يخفِ خشيته من كثرة المبادرات؛ لتكون في نهايتها سهامًا قاتلة، قد تنسف الجهود الفرنسية، وتضعفها، قبل عقد المؤتمر الدولي الذي تطمح في عقده القيادة الفلسطينية، بعيدًا عن أيدي الإدارة الأمريكية للمرة الأولى منذ انطلاق المفاوضات السلمية. التعنت الإسرائيلي في نفس الوقت شكك المسؤولون الإسرائيليون في إمكانية أن تلتزم إسرائيل بكافة الاتفاقيات، قائلين إن الجانب الصهيوني ليس جاهزًا لأي شروط مسبقة مهما كانت، وتضع الإدارة الامريكية وحكومة نتنياهو كافة العراقيل أمام أي دعوة دولية لإحياء عملية السلام، حيث تتهرب حكومة الاحتلال من التزاماتها التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة، وكل ذلك بدعم وانحياز أمريكيين واضحين. وأدلى نتنياهو بالأمس بتصريحات إزاء تقرير لمنسق الأممالمتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف حول عدم شرعية الاستيطان، تكشف النوايا الإسرائيلية الحقيقية تجاه عملية السلام، وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة إن اتصالات سريعة تجرى مع الأمين العام لجامعة الدول العربية؛ لإقرار ضرورة التوجه إلى مجلس الأمن؛ لأنه لا يمكن السكوت عن تصريحات نتنياهو المخالفة للشرعية الدولية، وأضاف أن استمرار السياسات الإسرائيلية المتحدية للمجتمع الدولي ولقرارات مجلس الأمن واستمرار الاستخفاف بالجهود الاقليمية والدولية رسالة واضحة لسياسة التهرب من كل المبادرات الساعية لخلق مناخ مناسب؛ لإعادة الأمل بإمكانية إعادة الحياة للعملية السياسية في الشرق الاوسط. وكان ملادينوف مبعوث الأممالمتحدة لعملية السلام للشرق الأوسط قال في تقرير قدمه إلى الأممالمتحدة إن الاستيطان توسع خلال الشهرين الأخيرين، بعد تقرير اللجنة الرباعية لوقف الاستيطان، وإن إسرائيل لم تستجب لهذه الدعوة، وأشار إلى أن إسرائيل طرحت خططًا لبناء أكثر من ألف وحدة استيطانية في القدسالشرقية و735 وحدة في الضفة الغربية خلال شهر يوليو الماضي. التحركات الروسية تبرز على السطح رغبة موسكو في تعزيز دورها فيما يعرف بعملية السلام بين فلسطين والكيان الصهيوني، بعد الفشل الأمريكي في حل القضية الفلسطينية خلال الأعوام الماضية، وفي ظل تعدد المبادرات التي تقدمها قوى إقليمية لوقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ووضع حد لبناء المستوطنات وإنهاء الاحتلال دون جدوى. وتختلف روسيا في نظرتها إلى القضية الفلسطينية عن الولاياتالمتحدة، التي تراها موسكو منفردة، ويجب أن تعطي الفرصة لدول كبرى وإقليمية أخرى لتأخذ دورًا في المشاركة في حل أزمة المنطقة، وألَّا تنفرد هي وحدها بمعالجة موضوعات تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، لاسيما أن واشنطن تعد حليفة وثيقة للكيان الصهيوني، مما يؤثر بشكل كلي على مضمون المباحثات والمحادثات التي تتم بين الجانبين برعاية أمريكية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني إن تدخل القيادة الروسية موقف إيجابي، يمكن البناء عليه بتوفير مظلة دولية، وأن يتم توظيف أي لقاء فلسطيني إسرائيلي في خدمة عقد مؤتمر دولي للسلام، بعيدًا عن صيغ المفاوضات الثنائية التي ثبت فشلها على مدار السنوات السابقة. وقالت روسيا عبر سفيرها في فلسطين إن الشعب الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال، ويتعرض لظلم يومي، ولا بد من حل القضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.