تسببت الأوضاع الأمنية المتردية في محافظة شمال سيناء طوال السنوات السابقة في هجرة المصيفين وتحول معظم الشواطئ إلى ثكنات عسكرية؛ لتأمين المحافظة من جهة البحر، وتحولت الكافتيريات التي كانت تستقبل الآلاف يوميًّا من المصريين والعرب والأجانب إلى خراب، كما هجرها العاملون، وبقي أبناء المحافظة ينتظرون عودة السياحة التي كانت تعج بالنشاط والحيوية في مثل هذه الأيام من كل عام. تمتد شواطئ شمال سيناء لمسافة 180 كيلو تقريبًا، تبدأ من قرية بالوظة غرب العريش حتى مدينة رفح شرقًا وتتميز بجو معتدل طوال العام؛ لذلك تعتبر شواطئ شمال سيناء أكثر الشواطئ التي تشهد أطول موسم سياحي في البلاد، والذي يصل إلى 7 أشهر. وكانت هذه الشواطئ تعج بآلاف السائحين من المصريين والعرب والأجانب، وهي الآن خالية إلا من قوات متفرقة من الجيش والشرطة وأسلاك شائكة في أماكن متفرقة، ولا تسمع بها سوى صيحات الجنود وتلاطم الأمواج، وأصبحت القرى السياحية مهجورة، لا يستطيع حتى العاملون بها الاستمتاع بالشواطئ؛ نظرًا لحظر التجوال ومراقبة الشواطئ. رغم امتلاك مدينة العريش 20 فندقًا وأكثر من 3000 سرير، وتقديم أشهى المأكولات البحرية والطبيعة الخلابة والجو المعتدل والهواء النقي وفقًا لتقرير أعدته أكاديمية الإعلام الأمريكية في عام 2007، الذى أكد أن أفضل جو موجود في العالم هو جو شواطئ شمال سيناء. وقال أحمد سالم، أحد أبناء مدينة رفح وأحد العاملين بهذه الشواطئ، إن الحياة توقفت، وانقطع عيش الآلاف بعد قرار غلق شواطئ مدينتي رفح والشيخ زويد، فضلًا عن رحيل أهالى المنطقتين، بفعل إخلاء الشريط الحدودي، ووجود معسكر الأمن بحي أحراش رفح، وزيادة الكمائن والانتشار الأمني الكبير بتلك المناطق، ومنع من تبقى من أهالي رفح بالمناطق لم يتم إخلاؤه، في حي الصفا والإمام علي، وغيرهما من المناطق البعيدة، من الوصول إلى الشواطئ وقضاء أي وقت للتنزه عليها. وفي مدينة الشيخ زويد، التي تبعد عن رفح 15 كيلومترًا لا يستطيع الأهالي التصييف بها منذ سنوات؛ لانتشار الآليات العسكرية في منطقة "عمارة السكادرة"، بجوار محطة التحلية، وفي المنطقة المجاورة ل"الصخرة"، أو ما يسمى "شاطئ الشيخ زويد وميدان الحمامة"، وهو مكان رائع كان يقصده المصيفون من كل أنحاء العالم، كما رحل أكثر من 70% من أهالي قريتي السكادرة والكراشين؛ بسبب الأوضاع الأمنية، إلى العريش والمحافظات الأخرى، كما عزف الأهالي عن الذهاب إلى شاطئ الريسة؛ لأن به 3 كمائن، بمدخل ميناء العريش والمحافظة، وكمين الريسة على الطريق الدولي بين العريش والشيخ زويد، فضلاً عن القناصة الذين يعتلون عمارات المنطقة، والطرق المغلقة بالرمال. وقال عادل رفعت، صاحب كافتيريا على شواطئ مدينة العريش، إنه اضطر لتسريح غالبية العمالة التي كانت تعمل معه وعددها كان يتجاوز الثلاثين عاملًا، وبقي 6 عمال، ونظرًا لغياب الزوار لسنوات حتى من أبناء المدينة، وصلت تأجير الشاليه إلى 25 و 30 جنيهًا في اليوم، والوجبة التي لا تتعدى نقس السعر، وهي الأقل على مستوى الجمهورية. مؤكدًا أنه رغم ذلك لم يستطع جذب سائحين أو رواد حتى من أبناء المدينة، وأن الأسعار تراجعت بشكل رهيب بنسبة تتجاوز ال 80 عن الأسعار في وقت سابق على شاطئ العريش، الذي كان يشهد تزاحمًا وأسعارًا خيالية. وتابع أن الوضع في العريش قياسًا بالشيخ زويد ورفح إلى حد ما جيد، ولكنه يظل خاليًا من أي سائح أو مصيف من خارج المدينة؛ نظرًا لما يروجه الإعلام من العمليات العسكرية والإرهابية طوال الوقت بشمال سيناء، مشيرًا إلى أنها أحداث حقيقية، ولكن كثرة تداولها وتحليلها ووجود الأكمنة والارتكازات الأمنية ساهمت في عزوف المواطنين عن زيارة شمال سيناء. ومن جانبه قال اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، إن الأوضاع الأمنية تفرض نفسها على بعض المناطق والشواطئ، وهي حالة مؤقتة لن تستمر طويلًا، ولكن لا بد من تطبيقها؛ حتى يمكن لنا حماية البلاد من شر الإرهاب، وأكد في الوقت ذاته أن شاطئ العريش آمن، ويستقبل المئات يوميًّا من الأهالي، داعيًا كل المواطنين لزيارة العريش والاستمتاع بالمصيف والبحر والجو الجميل، والابتعاد عن مناطق الحظر والعمليات العسكرية؛ لحمايتهم، مؤكدًا أنه يتم التنسيق لفتح عدد من الشواطئ الأخرى التي كانت أغلقت للدواعى الأمنية.