علاقات دبلوماسية وطيدة تربط بين إيرانوأمريكا اللاتينية، مصالح وعلاقات اقتصادية وسياسية هامة تشكل مفاصل تلك العلاقات بين الطرفين، خاصة في ظل المحاولات الأمريكية إحكام قبضتها على حديقتها الخلفية ومحاولات الأخيرة الخروج من الهيمنة الأمريكية من خلال الاستعانة ببعض الدول وعلى رأسها إيران. يتوجه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، غدًا الأحد، إلى كوبا في مستهل جولة له في أمريكا اللاتينية، تشمل زيارة كل من نيكاراجوا والإكوادور وتشيلي وبوليفيا وفنزويلا، وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن ظريف سيترأس وفدًا سياسيًّا واقتصاديًّا رفيع المستوى، يتكون من حوالي 60 رجل أعمال إيرانيًّا خلال جولته المقررة بأمريكا اللاتينية اعتبارًا من 21 أغسطس الحالي حتي 27 من الشهر نفسه. يشمل الوفد أعضاء اقتصاديين في القطاع الخاص في إيران للاجتماع مع كبار مسؤوليها وبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية، ويسعي خلال جولته لتعزيز أواصر التعاون بين إيران والدول الست في مختلف المجالات، بما فيها الخدمات التقنية والهندسية والمناجم والبتروكيماويات والمشتقات النفطية والأدوية والمعدات الطبية والزراعة والنقل البحري والمصارف، وذلك بعد أن تعززت العلاقات بين الطرفين في أعقاب الاتفاق النووي التاريخي، الذي تم التوصل إليه العام الماضي بين إيران والدول الست الكبرى، وتعتبر زيارة ظريف هذه أول زيارة رسمية يقوم بها دبلوماسي إيراني منذ زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الأوروبية والأمريكية، مجيد تخت روانجي، قبل ثلاث سنوات. قال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الأوروبية والأمريكية، مجيد تخت روانجي: إن أكثر من 60 من رجال الأعمال ورؤساء شركات القطاع الخاص سيرافقون ظريف في جولته المقرر أن تستمر لمدة أسبوع، والمتوقع أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين إيرانوأمريكا اللاتينية، ووصف "روانجي" العلاقات بين إيران ودول أمريكا اللاتينية ب"الودية"، كما أعرب عن أمله في أن تمهد الجولة المرتقبة التي سيقوم بها وزير الخارجية الإيراني الطريق لمزيد من التعاون في مختلف القطاعات وخاصة الاقتصاد. في ذات الإطار قال مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا وأمريكا إن أمريكا اللاتينية من أهم المناطق بالنسبة لإيران، وعلى الرغم من بعد المسافات نسعى من أجل توطيد العلاقات معها، وفنّد روانجي المزاعم السعودية حول التواجد العسكري لإيران في منطقة أمريكا اللاتينية، قائلًا: هناك دول تسعى من أجل الحيلولة بين العلاقات بين إيران ودول هذه المنطقة، وقد نشاهد الكيان الصهيوني على رأس هذه الدول المعادية لإيران، مبينًا أن هذه الدول تسعى لتشويه سمعة إيران بين العالم. ترتبط إيران بعلاقات متميزة مع حكومات أمريكا اللاتينية اليسارية، فعلى الرغم من البعد الجغرافي بين الطرفين، إلا أنه لم يمثل عائقًا أمام الجمهورية الإيرانية واللاتينية، حيث سعتا إلى التقارب، خاصة بعد التقائهما حول معاداة الإمبريالية الأمريكية، وظهرت هذه الاستراتيجية جليًّا منذ عام 2000، وتطورت في فترة الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، الذي قام بسبع جولات رسمية في المنطقة بين 2005 و2012، مستفيدًا من علاقته الحميمة بعدة شخصيات، على رأسهم الرئيس الفنزويلي الراحل، هوغو شافيز، وهو ما جعل إسرائيل تتهم إيران باستغلال الدول الصاعدة اقتصاديًّا وسياسيًّا لضمان دعمها فيما بعد. لعبت البرازيل، كبرى دول القارة وإحدى الدول الناشئة، دورًا بارزًا في دعم المفاوضات النووية التي أجرتها إيران والدول العظمى عام 2010، إذ قامت إلى جانب تركيا بدور وسيط مقبول من طهران، وقدمت مقترحات بشأن تسوية الملف النووي، كما أن فنزويلا، بزعامة الرئيس الراحل، هوغو تشافيز، وحتى برئاسة رئيسها الحالي، نيكولاس مادورو، كانت ولا تزال تعد أحد حلفاء إيران النادرين. في ذات الإطار دخلت العلاقات الثنائية بين إيرانوكوبا مرحلة جديدة بعد زيارة قام بها الزعيم الكوبي السابق، فيدل كاسترو، لإيران في مايو 2001، حيث صرح كاسترو خلال لقائه مع المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أن إيرانوكوبا، بالتعاون فيما بينهما، تستطيعان تركيع أمريكا، فيما قال خامنئي في ذات اللقاء: إن الولاياتالمتحدة ضعيفة وهشة للغاية، في يومنا هذا يمكن تحطيم الجبروت الأمريكي. هذه العلاقات بين إيرانوأمريكا اللاتينية لا تروق للدول المعادية لطهران وعلى رأسها أمريكا والسعودية، اللتان تسعيان إلى تحجيم النفوذ الإيراني المتزايد في العالم، حيث تعتبر دول أمريكا الجنوبية إحدى المناطق التي تحرص الرياض على توطيد علاقاتها بها ومنع تمدد النفوذ الإيراني بها لفرض عزلة اقتصادية وسياسية عليها، فيما تحاول أمريكا إحكام قبضتها عليها، خاصة بعد تصاعد موجة التيارات اليسارية المناهضة لواشنطن وسياساتها الرأسمالية في المنطقة والعالم.