كشفت الحوادث التي شهدتها طرق السويسالقاهرة والعين السخنة، عن عجز كبير في أطباء المستشفيات الحكومية بالسويس، ما تسبب في زيادة نسبة الوفيات أو العجز خلال الأيام الماضية، وفقا للبيانات الرسمية لمديرية الصحة، التي أرجعت الأزمة إلى قلة الأطباء المتخصصين، الذين تعاقدوا مع بعض المستشفيات الخاصة بأضعاف ما يتقاضوه في نظيرتها الحكومية، وأصبح المواطنون مجبرون على نقل مرضاهم إلى مستشفيات خاصة ذات تكلفة باهظة، أو انتظار الموت البطيء في المستشفيات العامة. وأصبحت المستشفيات العامة مكانا يتلقى فيه أطباء الامتياز التدريب العملي، وتلعب الواسطة والمجاملات دورها فيها بشكل كبير، فالحصول على طبيب متخصص يحتاج مجهود وواسطة كبيرة لا تقل عن مدير الصحة أو محافظ السويس، والغريب، وجود أحيانا طبيب "دليفري" قادم من مستشفى خاص ينهي مأموريته وينصرف، ويرفض الكشف على أي مريض آخر مهما كانت حالته وينصحه بزيارته في المستشفى الخاص التي يعمل بها أو عيادته، أما المستوصفات الطبية المنتشرة بالقرى والأحياء المهمشة، فكل شيء يعمل ب"البركة"، وأقصي ما يتم هو الاتصال بأحد الأطباء تليفونيا لتحديد المرض ليقوم بالتشخيص والعلاج دون أن يرى المريض. وقال سمير محمد، مهندس، إنه تعرض لحادث في طريق القاهرةالسويس منذ حوالي شهر بسبب التخبط المروري في منتصف الطريق نتيجة لأعمال الصيانة، وأصتدمت سيارته بإحدى معدات الصيانة التي لم يشاهدها في الظلام وانقلبت به السيارة بعد كمين ال109، وتم نقله إلى مستشفى السويس العام، وهو في حالة نزيف، بالإضافة إلى كسر في القدم والكتف، مضيفا: «تم إيقاف النزيف وإجراء الآشعة، في ظل عدم وجود طبيب عظام لتضميد الكسر أو مخ وأعصاب للتأكد من وجود نزيف داخلي من عدمه، لينتهي الأمر بنقلي إلى مستشفى خاص لاستكمال الفحوصات والعلاج بعد أكثر من ساعتين انتظر طبيب عظام ومخ وأعصاب، حتى تفاجأت بأن المستشفى لا يوجد به هذه التخصصات، بعدما تعاقدوا مع مستشفى خاص». وأوضحت سميرة أحمد، معلمة، أنها نقلت والدها من مستشفى التأمين الصحي بحوض الدرس إلى أخرى خاصة، بعدما عانت من أزمات على مدار أسبوع كامل مع إدارة المستشفى لغياب التخصصات المهمة، بعدما تعاقدوا مع مستشفى خاص، ولم يتم توفير بدائل لهم حتى اليوم، مضيفة أنها تقدمت بشكوى وحملت المستشفى أي مضاعفات قد تحدث لوالدها نتيجة عدم توفير أطباء. وأشار على إبراهيم، طبيب باطنة بمستشفى السويس العام، إلى أنهم يتعرضون يوميا للسب والقذف والضرب أحيانا؛ نظرا لعدم وجود تخصصات أو استشاريين، قائلا: «أنا طبيب باطنة، وأؤدي عملي، لكن خلال الأيام الماضية، كانت أغلب الحالات حوادث وتحتاج طبيب عظام ومخ وأعصاب، وهي تخصصات غير متوفرة». وأضاف إبراهيم ل«البديل» أنهم يتقاضون مرتبات لا تكفي احتياجاتهم ومتطلباتهم، وهم في النهاية بشر يحتاجون إلى تأمين مستقبل أبنائهم، وأي فرصة بمرتب أعلى بالتأكيد لا يرفضها أي طبيب، ومع افتتاح عدد من المستشفيات الخاصة خلال الأيام الماضية، التي لجأت إلى نظيرتها العامة لتوفير أطبائها، فظهر العجز الواضح في الأطباء بالتخصصات والاستشاريين بصفة عامة. وقال محمد كامل، ممرض بمستشفى التأمين الصحي، أنهم يتعرضوا يوميا لإهانات من قبل المرضى بسبب غياب المتخصصين والاستشاريين، مؤكدا أن «التأمين» كانت من أهم المستشفيات التي يتوافر بها التخصصات في السويس وقطاع القناة وسيناء، لكن في الفترة الأخيرة اعتذر أغلبهم للعمل بالمستشفيات الخاصة بمرتبات أعلى وتركوا العمل بشكل جماعي ومفاجئ، ما سبب العجز، مؤكدا أن إدارة المستشفى تستدعي بعض الأطباء للحالات التي على صلة بالمسؤولين. وأكد الدكتور تامر البوهي، نقيب أطباء السويس، إن المستشفيات العامة تعاني من مشاكل يجب مراعاتها قبل إلقاء اللوم الكامل على الطبيب، مضيفا أنهم في النقابة بدأوا دراسة الأمر والاتفاق على عدم ترك العمل بشكل جماعي لأي أسباب قبل توفير البديل، وهو أمر أخلاقي، لافتا إلى أن معظم الأطباء يعملون خارج المستشفيات العامة لعدم وجود أجور جيدة لهم، ولنقص الأدوية والمحاليل. ومن جانبه، قال اللواء أحمد الهياتمي، محافظ السويس، إنه طالب مدير الصحة بحصر الأطباء وأسمائهم وتخصصاتهم ومراجعتها بنفسه قبل اتخاذ أي قرار بهذا الشأن، مؤكدا أنه وضع هذه المشكلة ضمن أهم أولويات المحافظة، وسيتم اتخاذ قرار بشأنها خلال الأيام المقبلة.