شعبية الرئيس «تآكلت».. وليس في مصلحته الترشح لفترة رئاسية ثانية السيسي أفرغ جميع المؤسسات.. والانفجار قادم «السيسي يحكم مصر بالأمن وعليه أن يختبر شعبيته من جديد حتى لا يُعرض نفسه للاغتيال حال ترشحة لفترة رئاسية ثانية».. كلمات أشبه بقنبلة بدأ بها الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حواره ل«البديل»، مطالبا الرئيس السيسي بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية. وأكد نافعة أن الرئيس إذا لم يكن زاهدًا في حكم مصر ولديه شعور وطني، يجب أن يفكر جديًا فيما سيأتي بعده وعليه أن يُقيم نظامًا ديمقراطيًا دائمًا، بدلًا من أن تُصبح جميع القرارات الصادرة مستوحاة من الاعتبارات الأمنية، خاصة بعد تغير المناخ العام في مصر اليوم.. وإلى نص الحوار.. انتشرت حملة جمع توقيعات لترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية..هل تتفق معهم؟ ليس في مصلحة الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يستمر لفترة رئاسية ثانية ويشارك في انتخابات 2018 المقبلة؛ لأنه سيقود البلاد نحو الهاوية، في ظل ما تمر به مصر من أزمات اقتصادية متلاحقة . طالبت صحيفة الإيكونوميستالبريطانية السيسي بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية.. كيف ترى الأمر؟ اتفق تمامًا مع هذا الرأي، وإن كان ليس قبولا بما جاء في تقرير الصحيفة عن "تخريب مصر" أو انصياعًا لرأي أجنبي أرفضه تمامًا، لكنني أقبل الفكرة، وسبق أن طرحتها في مقال سابق لي، طالبت فيه الرئيس أن يفكر جديًا فيما سيأتي بعده وأي رئيس يحب هذا البلد عليه أن يتأكد أنه يقيم نظامًا دائمًا، وبالتالي فإن قضية التحول والتغيير قضية أساسية يجب أن يؤمن كل حاكم بها. إذا استمرت الأمور على ما هي عليه وقرر الرئيس الترشح لفترة رئاسية ثانية.. كيف ستكون الأوضاع؟ إذا استمرت الأمور على هذه الوتيرة وأصر الرئيس على الترشح لفترة رئاسية ثانية وإدارة البلاد بنفس السياسات المباركية القديمة بحيث تتحكم الأجهزة الأمنية في صياغة القرار السياسي وتظل جميع القرارات مستوحاة من الاعتبارات الأمنية، سيختفى الرئيس بشكل مفاجئ. كيف يختفي الرئيس بشكل مفاجئ؟ كل شخص مسؤول معرض للاغتيال والموت عبر محاولات قد تنجح أو تفشل، سواء بحكم القضاء والقدر أو بمحاولة اغتيال متعمدة، والسادات نفسه مات مغتالا في واحدة من أسوأ وقائع الاغتيالات وسط احتفال القوات المسلحة في ذكرى نصر أكتوبر . ما الذي يجب أن يفعله النظام الحالي للخروج من الأزمات الحالية؟ على الأقل أن يبدأ سلسلة إجراءات إصلاحية حقيقية على أرض الواقع، وعلى الرئيس عبدالفتاح السيسي إذا لم يكن زاهدا في إدارة البلاد ولديه شعور وطني قوي، أن يُمهد لانتخابات حرة نزيهة شفافة يُسمح فيها لكل من يرى نفسه جديرًا بتولي المسؤولية أن يتقدم حتى وإن لم يكن مشارك هو في الانتخابات المقبلة حتى نبحث عن بديل آخر جديد برؤية مختلفة بعيدا عن الوقوع في أزمة اختفاء الرئيس والبحث عن البديل المناسب وتُترك الكلمة في النهاية للشعب المصري وحده . وماذا إن تمسك بالبقاء وترشح لفترة أخرى مقبلة؟ إذا كان يتمسك السيسي بالبقاء لأنه يعتقد امتلاك الشعبية الجارفة والأغلبية التي تؤيده وجاءت به رئيسًا للبلاد في 2014 ، فعليه أن يختبر ذلك مجددا عبر انتخابات رئاسية حرة وحقيقية وليس من خلال انتخابات لم يترشح فيها غير مرشح آخر يحصل على 3% ، في حين حصد الرئيس عبد الفتاح السيسي 97% وفاز بالأغلبية وهي نسبة أقرب ما تكون إلى الاستفتاء منها للانتخابات، فليس هناك نظام ديمقراطي في العالم كله يحدث فيه ذلك. هل تراجعت شعبية السيسي بعد مرور أكثر من عامين وسط الأزمات المتلاحقة؟ طبعا تآكلت شعبية الرئيس بصورة كبيرة، والمناخ الآن مختلف تمامًا عن عام 2014 حين كانت هناك مخاوف عامة لدى جموع المصريين من عنف جماعة الإخوان التي كانت تحكم البلاد عبر رئيسها المعزول محمد مرسي، وفكرة استدعاء البطل المنقذ بسبب الخوف من الإخوان وبعد تجربة استدعاء أحد قيادات الجيش لحكم مصر والتخلص من حكم جماعة الإخوان وكنت أتمنى ألا يرشح نفسه للرئاسة من الأساس . هل فشلت إدارة مصر عبر حاكم ذو خلفية عسكرية؟ من لديه الشجاعة لتحريك الجيش ليس هو بالضرورة الأكفأ لإدارة البلاد والأقدر على حكم مصر، فالشعب البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية لم ينتخب زعيمه "ونستون تشرشل" الذي قاد بريطانيا نحو الانتصار العظيم على ألمانيا ودول المحور، ومن ثم فإن من ينجح في إدارة البلاد وقت الحرب ليس بالضرورة أن ينجح في إدارتها وقت السلم . من يتحكم إذا في صياغة القرار السياسي في مصر؟ السيسي يحكم بالأجهزة الأمنية، ويحكم مصر منفردًا ولا يؤمن بدولة المؤسسات أو السياسة، وساهم في وصول البلاد إلى الفراغ العام على جميع المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وصارت مصر تعاني من فراغ سياسي كبير ليس فيه قوى سياسية أو مجتمع مدني أو معارضة قوية بعد أن سيطر الأمن على كل قنوات الإعلام الخاصة والحكومية، ومن ثم عليه أن يراجع نفسه من جديد قبل أن يحدث الانفجار.