مازال مسلسل إهدار المال العام في المؤسسات والمصالح الحكومية بمحافظة سوهاج مستمرا دون توقف أو متابعة من الأجهزة الرقابية، رغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد؛ ويتجلى ذلك في ورشة النجارة بقرية عنيبس بمركز ومدينة جهينة، المتوقفة عن العمل منذ سنوات. الورشة أنشئت علي مساحة تقارب ال200 متر على أرض أملاك الدولة في أواخر الثمانينات بتمويل من المعونة الأمريكية تحت مسمى "المشروعات الإنتاجية بالوحدات المحلية"؛ بهدف تقديم خدمة متميزة بأسعار مخفضة لأبناء القرية، وكانت في بدايتها تابعة للوحدة المحلية لمجلس قروي عنيبس، وتعمل وتنتج أخشابا مصنعة. وبناء على بروتوكول تم إبرامه بين محافظة سوهاج ومديرية التضامن الاجتماعي بالمحافظة، انتقل الإشراف علي ورشة النجارة إلي جمعية تنمية المجتمع بعنيبس في 5 ديسمبر عام 1991، لتكون المشرف الأول والأخير عليها والمحرك الأساسي لها، بعد محضر جرد لجميع العدد والمكن والأجهزة والأخشاب الموجودة بالورشة واستلام وتسلم من الجانبين. وكان الاتفاق بين الطرفين أن تسدد جمعية تنمية المجتمع بعنيبس مبلغ 5 آلاف جنيه لصالح الوحدة المحلية؛ قيمة الأخشاب والعدد والأجهزة الموجودة بالورشة، لكن حتى اليوم، لم تعمل الورشة على أرض الواقع ولم تقدم أي خدمة لأبناء القرية، وتقدم خدمات على الورق فقط، كما لم تسدد المبلغ المذكور، ما يعد إهدارا واضحا للمال العام؛ خاصة أن معدات الورشة من "سيارات وجرارات ولوادر" يقارب ثمنها 5 ملايين جنيه متروكة في الشوارع ومعرضة للسرقة أو الحرق. ووفق مستندات حصلت "البديل" على صورة منها، فإن الوحدة المحلية لقرية عنيبس خاطبت قسم الجمعيات بإدارة الشؤون الاجتماعية بجهينة لتشكيل لجنة يكون من بينها عضو من التفتيش المالي والإداري لإدارة الشؤون الاجتماعية بجهينة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لاسترداد ورشة النجارة مرة أخرى لحوزة الوحدة المحلية، خاصة أنها لا تعمل منذ نقل إشرافها في عام 1991 لجمعية تنمية المجتمع. وأوضحت المستندات أن ورشة النجارة مغلقة وجميع معاداتها تالفة منذ أكثر من 15 عاما، ولا يستفيد منها أهالي عنيبس، ما يعد إهدارا للمال العام، وتشغيل الورشة كان علي الورق فقط، مضيفة أن الوحدة المحلية بعنيبس في احتياج شديد للورشة؛ من أجل استغلالها كجراج لسيارات الوحدة، خاصة أن مبنى الوحدة المحلية الجديد دون جراج، وسياراتها حاليا في الطرقات العامة، ومعرضة للسرقة أو الإتلاف. وقال صلاح عبد الباسط الميري، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة جهينة، إنه سوف يكلف لجنة من التفتيش المالي والإداري بالوحدة ورئيس مجلس قروي عنيبس وعضو من الشؤون الاجتماعية ببحث الموقف النهائي للجمعية تجاه ورشة النجارة. وعن استراد ورشة النجارة للوحدة المحلية مرة أخرى، خاصة أنها لا تمتلك جراجا لمعداتها، أوضح الميري أنه إذا كان يصلح ذلك، فلن يتردد لحظة واحدة حفاظا علي معدات وممتلكات الوحدة المحلية، مطالبا أبناء قرية عنيبس بالمطالبة بضرورة تغيير مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع، خاصة أنها غير فاعلة ولا تخدم أبناء القرية. ورفض محمد عبد السلام، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بسوهاج، الرد على واقعة توقف ورشة النجارة عن العمل وهيمنة جمعية تنمية المجتمع بعنيبس عليها رغم المحاولات المتكررة بالاتصال عليه في أوقات متفرقة على مدار يومين كاملين.