ولد الشيخ عبدالله حجازي إبراهيم الشافعي الأزهري الشرقاوي، بقرية "الطويلة" بالقرب من قرية القرين في محافظة الشرقية سنة 1150ه الموافق 1737م، ونسب إليها، حفظ القرآن في طفولته في بلدة القرين، حيث نشأ بها وتطلع إلى المعرفة؛ فدرس قسطًا من العُلوم التي تؤهله للانتساب للأزهر، ثم غادر قريتَه إلى القاهرة؛ حيث الأزهر وتلقَّى الدروس على يد علمائه وأعلامه في علوم الدين حتى بلغ في العلم مبلغا جعله يُفتي في مذهب "الشافعي" ويسأل في تفسير غوامضه، وكان على درجة عالية من الإلقاء والتحرير، ومال بفطرته الطبيعية إلى التصوف، ثم اتصل بالصوفي الشيخ الكردي ولازمَ كبار العلماء فاستوء علمه. توليه الأزهر وبداية نضاله تقلد الشيخ عبد الله الشرقاوي مشيخة الأزهر عام 1793م في فترة تعد من أصعب الفترات في تاريخ مصر الحديثة، إذ كانت وقت ولايته لا تنقطع ويلات الحملات الفرنسية على مصر، وهنا كان لا بد من قائد ذو شخصية قيادية تبرز دور الأزهر الفعال في عبوره بالشعب من تلك الصعاب والحفاظ على الهوية المصرية العريقة، فكانت حكمة الشيخ الشرقاوي المخلص مما حدث من دسائس ومؤامرات ومغامرات، فكان نصيبه ومكانته لا تقل عن مكانة زعماء عصره. عندما جاء نابليون إلى مصر كان على علم بأن أهلها يجلون العلماء، وعلم أيضا بمكانة الشيخ الشرقاوي وأنه من زعماء الشعب وعلمائه، فقربه إليه وجعله من أعضاء مجلس الشورى العشرة الذين تقرب بهم إلى الشعب المصري، لكن حكمة الشيخ الشرقاوي جعلته يستغلها لصالحه وصالح الشعب؛ بخلاص الزعماء الثوريين ودفع أذى الفرنسيين عنهم، فكانت لا تنتهي وقفاته في وجه العدو الفرنسي لما رآه فيه من خطر داهم على مصر والمصريين. ولما اكتشف الفرنسيون تجاوب الشرقاوي مع شعبه وثورته، اعتقلوه مع غيره من زعماء الشعب في سجن القلعة، لكن سرعان ا أخرجوه لعلمهم مكانته وتأثيره في الشعب المصري، ولما قتل القائد "كليبر" قبض مرة أخرى علي الشيخ الشرقاوي وأطلق عليه بونابرت: "رجل السياسة الهادئ" الذي جنَّب شعبه كثيرًا من النكبات، وكان نابليون وخلفاؤه يزورون الشيخ الشرقاوي في بيته، ويُبالغون في الحفاوه به، رغم عدم اطمئنانهم له؛ نظرًا لمكانته العلميَّة وشعبيَّته. كان له دوره البارز أيضا في الثورة الشعبية التي أطاحت بخورشيد باشا، فوقف جنبا إلى جنب مع عمر مكرم، فطالبا برفع الظلم وإقامة العدل في الرعية، وإبطال المكوس التي أثقلت كاهل الشعب، فبعد رحيل الحمله الفرنسيَّة عانت البلاد من ظُلم وطغيان العثمانيين والأكراد والمماليك، وأخذ الجميع ينهَبُون ويستبيحون الحرمات؛ فضجَّ الناس بالشكوي ولجأوا للشيخ الشرقاوي، فقاد مجموعة العلماء وآلاف المواطنين، وأعلن عزل الوالي خورشيد وتولية محمد علي وأقره السلطان بعد تمرد منه، لكن نزولا لرغبة الشعب، وكانت هذه أول مرَّه يختار الشعب زعيمه بفضل إصراره ونزاهة زعمائه. ظل الشرقاوي عالما مناضلا إلى أن رحل عنا يوم الخميس 2 شوال 1227ه، تاركا خلفه مثالا عظيما لشيخ الأزهر والدور الذي ينبغي أن يؤديه.