منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، أثبت الفلسطينيون مدى تحملهم ومقاومتهم للعدو الذي جاء من شتى العالم ليستوطن الأرض ويشرد أهلها، لكن شكل المقاومة يختلف كثيرا من منطقة لأخرى. وفي العقود الأخيرة، خصوصاً بعد انسحاب الصهاينة من قطاع غزة، تبلورت المقاومة الفلسطينية بالقطاع في أبهى صورها، من ناحية التطور النوعي للصواريخ والقنابل اليدوية والأسلحة الخفيفة المحمولة، إضافة لتطوير الصواريخ التي تصل المدن الفلسطينية المحتلة كافة، كما أثبتت التجارب في الحروب السابقة على قطاع غزة. استطاعت المقاومة تطوير صواريخها في فترة قصيرة، فما بين 2000 و2010، ضربت صواريخ المقاومة الفلسطينية بعض الأهداف الإسرائيلية، بصواريخ تعد مقارنة فيما تلاها بدائية الصنع، لكنها في تلك الفترة كانت تعتمد على العمليات الاستشهادية النوعية واقتحامات المستوطنات على غلاف قطاع غزة. أما الحرب الأخيرة على قطاع غزة، فكشفت العديد من قوى المقاومة الفلسطينية قدرتها على تطوير صناعتها، خاصة أن جميع الصواريخ التي تمتلكها المقاومة في قطاع غزة صنعت محلياً بأيدي خبراء المقاومة. في العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2012، طورت المقاومة مدى صواريخها التي كانت كحد أقصى تصل لمسافة 75كم، لتصل إلى 150، وبدأ التطور يتصاعد تدريجياً، إلى أن أصبحت المقاومة تمتلك صواريخ تصل إلى جميع المدن المحتلة في إسرائيل. أما الحرب الأخيرة عام 2014، فوصلت صواريخ المقاومة إلى تل أبيب، وأوقفت مطار بن غوريون عن العمل، كما شردت سكان المستوطنات على حدود قطاع غزة، وشلت الحركة اليومية للسكان في إسرائيل. وذكرت صحيفة كريستيان ساينس الأمريكية، أنه عندما ترأس محمد مرسي جمهورية مصر، تم تسهيل دخول الأسلحة عبر الأنفاق بشكل كبير، ما جعل المقاومة الفلسطينية تحتفظ بمخزون كبير من الأسلحة، وأضافت أن عزل الرئيس مرسي وتولي الجيش في يوليو 2013، أدى إلى تضييق الخناق على المقاومة الفلسطينية في غزة، فضلا عن الإجراءات التي اتخذها الجيش من حملات وإغراق أكثر من 90% من الأنفاق. من جانبه، قال المحلل السياسي حسام الدجني، إن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية من تطوير للأسلحة يدلل على قوتها خصوصا بعد الحرب الأخيرة التي كانت أقسى من أي عدوان سبق، لافتاً إلى أن المقاومة تتطور بشكل مستمر استعدادا لأي معركة مع العدو الإسرائيلي، وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية في مرحلتها الأخيرة جعلت التعامل الإسرائيلي يختلف معها. وشدد الدجني على أن تجربة المقاومة في قطاع غزة يجب أن تنتقل للضفة الغربية، وإلى نطاق أوسع؛ لأنها الطريقة الوحيدة لتحرير جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. الجدير بالذكر، أن المقاومة الفلسطينية خلال ثلاثة حروب خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، استطاعت قتل جنود إسرائيليين وتحقيق عدة انتصارات، رغم ضعف الإمكانيات والحصار الذي يمنع أبسط المواد لدخول قطاع غزة، لكن الفلسطينيين في غزة، يقاومون حتى في ابتكار وتطوير صناعاتهم المحلية، التي يؤمن المقاوم أنه سينهي الاحتلال بها.