أعلنت طالبان عن نفسها من جديد كحركة متطرفة قادرة على إحداث تغييرات عدة في المشهد الأفغاني، وأنها لم تتأثر بظهور تنظيم داعش الإرهابي، على الساحة وأدى في فترات عدة إلى انقسامات شهدتها الحركة منذ نشأة تنظيم أبو بكر البغدادي في العراق وسوريا أغسطس 2014. شهدت أفغانستان السبت الماضي، تغييرًا مثيرًا يعكس عدم صحة التصريحات الأمريكية المطمئنة؛ من خلال تصريحات العضو في المجلس الإقليمي الأفغاني، نابو رسولي، بأن مئات العناصر من حركة طالبان الأفغانية تقدموا في جنوبأفغانستان وسيطروا على منطقة "خانيشين" بإقليم هلمند الاستراتيجي، بعد هجوم شنته الحركة على القوات الأفغانية هناك. وتضاربت الأنباء بعد سيطرة طالبان على المنطقة؛ حيث قالت وكالة أنباء أفغانية محلية، إن المنطقة تخضع لسيطرة الحركة، غير أن المتحدث باسم حاكم إقليم هلمند، عمار زواك، نفى قائلا إن المعارك ما زالت مستمرة، وهاجمت الحركة المنطقة مرتين سابقا ولم تفلح في السيطرة عليها، رغم أن إقليم هلمند يعتبر معقلا للحركة. وعن الوضع الأفغاني، قالت الوكالة الحكومية الأمريكية المعنية بإعادة إعمار أفغانستان في تقرير لها، إن الحكومة الأفغانية فقدت السيطرة أو النفوذ على 5 % تقريبا من الأراضي خلال الفترة يناير إلى مايو، في دلالة على التحديات التي تواجهها القوات الأفغانية. وبعد 15 عاما على غزو الولاياتالمتحدةلأفغانستان؛ للإطاحة بحكومة طالبان التي وفرت المأوى لأعضاء تنظيم القاعدة الذين هاجموا الولاياتالمتحدة، فقد تمكنت "طالبان": من تحقيق مكاسب كبيرة، وتشير التقديرات إلى أنها باتت تسيطر على أراض مساحتها أكبر مما كانت تسيطر عليه في أي وقت منذ عام 2001. وتعمل واشنطن على تدريب وتجهيز قوات الأمن الأفغانية من أجل سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، لكن بحسب اتفاق أمني العام قبل الماضي، مددت واشنطن تواجد قواتها في أفغانستان، فيما يبدو أن هذه الدولة القابعة في الحرب منذ دخول أمريكا ما زالت تفتقر إلى الأفراد والمعدات، وتواجه تحديات أمنية عدة. وجاء في التقرير الذي نشرته الوكالة الأمريكية الجمعة الماضية، وتزامن مع ضربات طالبان، أن الأراضي التي تخضع لسيطرة أو نفوذ الحكومة الأفغانية تقلصت إلى 65.6 % بنهاية شهر مايو، بعدما كانت 70.5% قرب نهاية شهر يناير، استنادا إلى بيانات قدمتها القوات الأمريكية العاملة في أفغانستان، ما يعني فقدان السيطرة على 19 من مناطق الحكم البالغ عددها 400 منطقة تقريبا في البلاد. وقال قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، الجنرال جون نيكلسون، إن معظم المناطق التي تسيطر عليها "طالبان" ريفية، وأضاف في إفادة صحفية لوزارة الدفاع الأمريكية عبر الفيديو: «اعتقدوا أن بوسعهم الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها وفشلوا في ذلك». وبهذا الهجوم المفاجئ، أصبحت حركة طالبان تسيطر على أكثر من نصف مساحة ولاية هلمند، وتعرف المنطقة التي سيطر عليها مسلحو الحركة، بإنتاجها لنبتة الخشخاش المستخدمة في صنع الأفيون المخدر، وتقع على الحدود الأفغانية الباكستانية، وبحسب مسؤول أفغاني، فإن أغلب المناطق التي تقع في مقاطعات ديشو وغارمسر وسنغين ومرجة، أصبحت تحت قبضة حركة طالبان بالفعل، ونقلت عنه وكالة أسوشيتد برس، أن مدير شرطة المقاطعة ونائب مدير الفرع المحلي لجهاز المخابرات أُصيبا بجروح خطيرة في الاشتباكات التي اندلعت السبت الماضي. لماذا تتحرك طالبان الآن؟ ولاية هلمند إحدي المحافظات ال34 بأفغانستان تقع جنوبي البلاد، عاصمتها لشكر كاه، وسكانها حوالي 750 ألف نسمة ومساحتها 58,584 کيلو متر مربع، يشکل البشتون الأکثرية فيها، بالإضافة إلي أقلية بلوشية، يتدفق نهر هلمند وسط المحافظة ويروي صحراءها الرحيبة، تنقل الصحافة العالمية أن محافظة هلمند وحدها تنتج أکثر من 42% من إجمالي مخدرات العالم، وتعد هلمند ذات استراتيجية واسعة كونها تقع على حدود باكستان وبها الكثير من البلديات والمراكز. وتتحرك طالبان بقوة في الفترة الأخيرة منفذة العديد من عملياتها الإرهابية لتكون بارزة في الصورة، في ظل توسع وتمدد قاعدة تنظيم داعش الإرهابي حتى وصل به الأمر إلى تهديد قواعد طالبان في أفغانستانوباكستان، الأمر الذي أدى إلى توصيل رسالة من طالبان لمؤيدها المتشددون بأنهم على قدر من القوة ومازالت لديها القدرة على تهديد القوات الأمنية الأفغانية والقوات الأمريكية، في ظل تصريحات واشنطن التي تؤكد أن الوضع أصبح تحت السيطرة.