تعتبر مصر منبعًا للكثير من الكنوز التاريخية، التي لا تقدر بثمن. لكن آفة القائمين على رعاية هذه التحف الإهمال الدائم لها ولما تحمله من قيمة، فتكون النتيجة النهائية اندثارها وضياع أهميتها. إحدى هذه الكنوز قطار الملك فاروق، الذي لم يلقَ العناية الكافية من هيئة السكك الحديدية أو القائمين على الآثار؛ ليكون مصيره الركن بورش بولاق، تحت أشعة الشمس الحارقة والأتربة، التي محت تحتها أثرًا من التاريخ المصري المعاصر، فضلًا عن تحوله إلى وكر لممارسة الدعارة ومدمني المخدرات. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية فيديو عن قطار الملك فاروق وهو في حالة مزرية. ذلك القطار الذي كان في وقت من الأوقات تحفة مخصصة لنقل الملك فاروق وعائلته عبر ربوع مصر، حيث ظهر عليه كسر بعض نوافذه، وذكر البعض أنه تم نهب ما بداخل القطار. https://www.youtube.com/watch?v=-xiWr61438M وتحسر مرتادو مواقع التواصل على الحالة التي آل إليها القطار، مطالبين بوضعه في متحف السكك الحديدية، وانتشاله من حالة الإهمال التي لحقت به، محاسبة المسؤولين على الحالة التي وصل إليها القطار. ومن جانبها، قالت نجوى ألبير، المتحدث باسم هيئة السكك الحديدية، في تصريحات صحفية سابقة، إن خطة هيئة السكك الحديدة منصبة في الوقت الحالي على تطوير خطوط شبكة الهيئة، مشيرة إلى أنه من المحتمل مستقبلًا ان يتم إدراج القطار ضمن خطة التطوير؛ ليتم فتحه كمزار سياحي أمام الجمهور. قطار الملك فاروق من أوائل القطارات التي عملت بالديزل؛ لذلك أطلق عليه "الديزل الملكي". صممته شركة فيات الإيطالية عام 1951، وكان عبارة عن عربتين الأولى قسمت إلى جزأين: الجزء الأول به قمرة القيادة، بجانب حمام خاص بالسائق، والجزء الثاني خصص للحرس الملكي. العربة الثانية من القطار أطلق عليها اسم العربة الملكية، وكانت قسمين أيضًا: الأول الصالون الملكي، وفيه كان يعقد الملك فاروق اجتماعاته مع ضيوفه، والقسم الثاني به حمام خاص بالملك فاروق وتليفون لاسلكي وكابينة موسيقى. وأنشئت للقطار الذي بلغت سرعته 60 كم، وحرص الملك فاروق على قيادته أحيانًا، محطة ملكية في قصر القبة، الأمر الذي مهد الطريق للزوار من الشخصيات الهامة؛ لسهولة وصولهم من محطة القاهرة أو من الإسكندرية إلى القصر مباشرة. ورغم ما تعرض له القطار على مر الزمن، إلا أنه ظل صامدًا أمام كل عوامل التخريب؛ ليبقى شاهدًا على إهمال المسؤولين للآثار، التى تمثل نقاطًا مضيئة في تاريخنا. وإلى أن ينتبه إليه أحد، ندعو الله أن يبقى على حالته.