لاتزال إسرائيل تصم آذانها عن الإدانات العربية والغربية التي توجهها العديد من الدول لمشاريعها الاستيطانية، وكأن هذه الإدانات هي مجرد ضوء أخضر لمواصلة السياسة الاستيطانية التي تجري على قدم وساق في الأراضي المحتلة، أو أن هذه المشاريع الاستيطانية الجديدة تمثل رسالة تعنت صهيونية موجهه إلى تلك الدول المنددة بالمستوطنات. قدمت ما تسمى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء، التابعة لبلدية الاحتلال في القدسالمحتلة، خطة لبناء 770 وحدة استيطانية جديدة من أصل 1200 وحدة استيطانية في المدينة المقدسة، وهي الخطة التي تم إقرارها قبل 3 سنوات، وبحسب موقع "واللا" العبري، فإن بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة سيتم في المنطقة الواقعة بين مستوطنة "جيلو" ومدينة "بيت جالا" قبالة دير كريمزان، وتجري أعمال حفر وتهيئة للموقع للمباشرة في عمليات البناء قريبًا. من جانبه، قال رئيس ما يسمى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء، مئير ترجمان: سأفعل كل ما باستطاعتى من أجل إبقاء الشبان اليهود فى المدينة، ولا يهمنى ما يحدث على المستوى السياسي، في إشارة منه لما يصدر من انتقادات دولية حول الاستيطان في القدسالمحتلة ومناطق الضفة الغربية، مؤكدًا أنه سيستمر في عمليات البناء الاستيطاني في القدسالشرقية. في الوقت نفسه، تواصلت الانتقادات التي اعترف رئيس اللجنة المحلية للتخطيط والبناء بعدم مبالاته بها، حيث أدان مبعوث الأممالمتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بشدة القرار الصهيوني، فيما أدان أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إيداع ما يسمى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس خطة لبناء 770 وحدة استيطانية جديدة من أصل 1200 وحدة للمصادقة عليها قريبًا، معتبرًا أن قرار حكومة الاحتلال مواصلة البناء الاستيطاني غير القانوني هو رسالة للمجتمع الدولي وتذكيره بعجزه عن ردع ومساءلة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال على انتهاكاتها الممنهجة، كما أنه تأكيد إسرائيلي على تفوق عنجهية الاحتلال والاستعمار على الإرادة الدولية والمنظومة السياسية والقانونية، داعيًا إلى إظهار الإرادة في مواجهة هذه الخروقات عمليًا. في ذات الإطار، طالب أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، بدعم الجهود الفلسطينية للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي واستصدار قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وطالب عريقات المجتمع الدولي بعدم الاكتفاء بالبيانات اللفظية، ولجم مخططات الاحتلال الاستعمارية التوسعية بشكل عملي، ودعم جهود وتوجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار لإدانة الاستيطان الاستعماري. وأضاف أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، أن السلطة الفلسطينية طلبت من مصر والدول العربية الدعوة العاجلة لاجتماع الرباعية العربية من أجل تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن لوقف الاستيطان، مؤكدًا: لن نتوقف عن مجابهة المشاريع الاحتلالية بكل الأدوات الممكنة وصولًا إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وشدد عريقات على ضرورة التأكيد على عدم شرعية الاستيطان والعمل على إزالته من أرض دولة فلسطينالمحتلة، بالتزامن مع دعم المبادرات الدولية الساعية لإنهاء الاحتلال. يأتي ذلك بعد أيام من حديث الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن المبادرة الفرنسية للسلام والقضية الفلسطينية وضرورة وقف الاستيطان واستئناف المفاوضات، حيث قال أبو الغيط في بيان له خلال القمة العربية الأخيرة، إن من يتابع القضية الفلسطينية على المسرح الدولي لا يفوته إطلاقًا أنها فقدت الكثير من الاهتمام الدولي بها نتيجة الصراعات الأخرى في الشرق الأوسط، وما تتعرض له أوروبا، وكلها أمور لها أثرها السلبي، في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في نشر المستوطنات بما يهدد مفهوم قيام الدولتين وتآكل الأرض الفلسطينية، مبينًا أن المبادرة تتحدث عن ضرورة وقف الاستيطان واستئناف المفاوضات وعقد مؤتمر دولي في نوفمبر القادم ولا تشارك فيه الأطراف ويتوصل إلى فكرة عامة للتسوية. اللافت للنظر أنه خلال شهر يوليو الجاري ارتفعت وتيرة الاستيطان أكثر من أي وقت مضى، فبمجرد أن خرجت الرباعية الدولية بتقرير في 8 يوليو الجاري، يتضمن توصية بوقف المستوطنات فقط، منح رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإذن بتشييد مئات المنازل الجديدة في مستوطنات يهودية بالضفة الغربيةوالقدسالشرقية، وشملت الخطة بناء 560 وحدة جديدة في مستوطنة معاليه أدوميم خارج القدس، وفي أحياء راموت ووجيلو وهار حوما بالقدس، بالإضافة إلى تشييد أكثر من 600 وحدة سكنية جديدة في حي عربي بالقدسالشرقية، الأمر الذي مثّل رسالة تعنت ومكابره من الاحتلال إلى الدول الرباعية. وقد سبق هذه الخطوة في 2 يوليو الجاري، تقارير تؤكد عزم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش أفيجدور ليبرمان، إقامة أكثر من 40 وحدة سكنية تضاف إلى مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية. يبدو أن التنديدات والتهديدات العربية والغربية والأوروبية لم ولن تفلح أبدًا في إثناء الاحتلال الصهيوني عن انتزاع واغتصاب الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يحتاج إلى تصعيد عربي ودولي يحفظ على الأقل ماء وجه هذه الدول التي طالما نددت واستنكرت وشجبت وأدانت دون أن تحترم إسرائيل أيًا من قراراتها.