تثار من آن لآخر في الولاياتالمتحدةالأمريكية قضية مبيعات الأسلحة وتأثيرها على الاستقرار الأمريكي، إذ فشل مجلس الشيوخ في الفترة الأخيرة في إقرار أي تعديل على القوانين المنظمة لبيع الأسلحة رغم دعوات الديمقراطيين لاتخاذ إجراءات فورية في اعقاب حادثة إطلاق نار بأورلاندو، والتي تعد من أعنف الحوادث في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهدفت الاقتراحات التي قدمهما الحزب الجمهوري إلى منع الأشخاص الواردة أسماؤهم على لوائح مراقبة الإرهابيين من شراء أسلحة نارية، ومن جهة أخرى إلزام جميع بائعي الأسلحة، ولا سيما في المعارض المتخصصة، بالتحقق من السوابق والحالة النفسية للزبون قبل بيع أي قطعة سلاح له، وهذا القانون من شأنه غلق أى ثغرة قانونية تسمح بشراء الأسلحة في معارض السلاح دون تحريات. لكن يبدو أن هذه الاقتراحات تحرك تجاهها لوبي الأسلحة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي له نفوذ واسع خاصة بين الجمهوريين، حيث رفض الجمهوريون التصويت لصالح هذا القرار، الذى يحاول الديمقراطيون تمريره منذ سنوات، وكانت نتيجة التصويت 44 صوتًا داعمًا للاقتراح، مقابل 56 صوتًا معارضًا. وكانت تحتاح هذه الاقتراحات إلى 60 صوتًا في المجلس، المكون من 100 عضو، ويسيطر عليه الجمهوريون، وذلك من أجل إقرار كل تعديل من أربعة تعديلاتمقترحة. ورغم أن حادثة أورلاندو من أكبر الهجمات في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ورغم أن هناك ملايين يدعمون حملة هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية للرئاسة والتي تسعي بشكل ظاهري للحد من حمل السلاح داخل أمريكا، إلا أن المراقبين يرون أن اللوبي الأمريكي يضرب بكل هذه الأمور عرض الحائط. وقال البيت الأبيض على لسان جوش إرنست المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما تعليقًا على رفض مجلس الشيوخ القوانين المنظمة للاسلحة إن "ما شهدناه في التصويت على القرار هو مشهد جبان ومخجل.. لا أجد كلمة أخرى لوصفه". وقال إرنست: "إنها مشاريع قانون منبثقة من منطق سليم"، مضيفًا أن "الجبناء هم أشخاص يتكلمون بصوت مرتفع على أمل ألا يطلب منهم التحرك وفعل أمر ملموس… هذا تمامًا ما فعله الجمهوريون"، مضيفًا: لا يريدون القيام بشيء؛ لأنهم يخافون من "الجمعية الوطنية للبندقية"، لوبي الأسلحة الواسع النفوذ، معتبرًا ذلك "عارًا". ورغم أن الدعوات الأمريكية المطالبة بتنظيم بيع الأسلحة وتقييدها للحد من عمليات العنف يتبناها الديمقراطيون، إلا أن ثمة من يرى أنه لا يبدو أن موقف الديمقراطيين يقوم على الدعوة إلى إصلاحيات حقيقية لوقف بيع الأسلحة، حيث يشير هؤلاء إلى أن الأمر برمته يتعلق بكسب تعاطف ملايين من الأمريكين قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية في مطلع نوفمبر المقبل. ما هو نفوذ منظمة بيع السلاح في أمريكا تعرف المنظمة الأمريكية للسلاح بنفوذها القوي داخل الساحة السياسية الأمريكية، ويحسب لها ألف حساب. وبحسب تقارير تتكون هذه المنظمة من لوبي رجال أعمال لا يوجد في الساحة الأمريكية من ينافسهم في النفوذ سوى «الايباكالمساند للكيان الصهيوني»، ومن حين لآخر يعرض على المجالس التشريعية الأمريكية قوانين لفرض قيود على بيع السلاح، لكن على مدى العقود الماضية نجحت المنظمة التي تتكون من أربعة ملايين عضو في مواجهة كل هذه المساعي. وتظهر قوة هذا اللوبي في السنوات الماضية بعدما استطاعت منظمة "الجمعية الوطنية للبندقية" إحباط قانون كان الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون أقره عام 1994 بمنع تداول البنادق الهجومية، حيث استطاعت المظمة أن تلغي القانون بعد 10 سنوات من تنفيذه. وهناك أسباب أدت إلى زيادة نفوذ هذه المنظمة في السنوات الماضية أبرزها ضخ الأموال الطائلة التي تدرها صناعة الأسلحة الأمريكية والاستفادة من النشطاء الأمريكيين الملتزمين بالدفاع عن حق حمل السلاح في أمريكا، فضلًا عما تمتلكه المنظمة من تأثير في صناع القرار من المنتخبين وحكام الولايات. استفادة سوق السلاح الأمريكي من هذا الجدل وعلى ضوء الخلاف العميق الذي حدث في مجلس الشيوخ الأمريكي والتلويح بوجوب العمل على تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بتنظيم بيع الأسلحة في أمريكا، انتعش سوق الأسلحة الأمريكي في الفترة الأخيرة؛ خوفًا من إقرار هذه الإصلاحات، حيث أعلن متجر أسلحة أمريكي أنه باع في الأسبوع الماضي أكثر من 30 ألف بندقية من طراز AR-15في أعقاب هجوم أورلاندو الذي راح ضحيته 50 شخصًا، وأصيب عشرات آخرون. وقال مالك متجر لبيع الأسلحة إن البندقية تباع بشكل جيد جدًّا، مضيفًا أن حوادث إطلاق النار لا تتسبب في شراء الأسلحة بكثرة، وإنما حديث الحكومة الأمريكية بشأن حظر أسلحة بعينها، وأضاف مالك المتجر "حينما يفقد الناس حقهم في شراء سلاح بعينه أو نوع معين من السلاح، فهم يسعون وراءه، ويرغبون فيه".