هي أننا غارقون في مستنقع مُقسم عمقه وفق خيباتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وله مستويات متفاوتة للغرق، والناجي تظهر عيناه فقط على السطح، وكلما حاول أن يلتقط أنفاسه تعلق بقدمه أحدهم. مشهد يطاردني كلما شاهدت أزمة ما، خصوصا ما يطلق عليها "فتنة طائفية" رغم ما تثيره وتعتمد عليه أسميها "جريمة وطنية" في المقام الأول، وليست طائفية بالمعنى الحرفي ولا فتنة بمفهومها الواسع الذي يعتمد على وعي وإدراك لخلقها، لكن ما يحدث ينطلق من قاعدة للجهل والتخلف الحضاري يتجلى بصور متنوعة، ويشير لاضمحلال ثقافي بشكل عام وجهل ديني بشكل خاص. وإن سألنا أحد المتورطين في أحداث منطقة العامرية بمحافظة الإسكندرية على سبيل المثال.. ماذا تعرف عن المسيحية؟ والمصحف الشريف لن يفتح فمه بكلمة واحدة. هذا لا يعصم المتورطين والمحرضين من خطأهم الفادح بينما يؤكد جريمتهم في حق وطنهم ولا مفر من العقاب ولكن كيف؟ عقابهم يبدأ بمحاسبة كل مؤسسات الدولة "شبه الدولة" لأنها هي المسؤول الأول، والحقيقة أنها لا تعترف بالحقيقة. 2 المعالجة كالعادة القديمة التي ابتدعها مبارك واستخدمها العادلي يتم التعامل بها كنموذج مسلم به في قضايا هي في المقام الأول إنسانية ومرتبطة بأوصال ثقافية أو جهل اجتماعي، كما حدث من أيام معدودة في العامرية بإعتراض مجموعة من سكان المنطقة على إقامة كنيسة بدلا من مبنى إداري تابع للكنيسة! الأمر الذي وصل بنجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أن يحمل الشرطة مسئوليه الاعتداء على المسحيين بالعامرية، وتحطيم سيارة القس كرأس كاهن الكنيسة، وطالب وزير الداخليه بإقالة مأمور قسم العامرية ورئيس المباحث، مؤكدا أن الشرطة لم تستطع رد السلفين المتشددين "المحرضين" من الاعتداء على مبني تابع للكنيسة، "لاحظ" فقبضت على سته من الأقباط بتهمة إقامة شعائر دينيه بدون ترخيص.. ومتى كانت العبادة تحتاج إلى تصريح؟، وكانت على علم من يوم الخميس الماضي بأن هناك اعتداءت من السلفيين على المسيحيين بسبب الزعم بأن هناك كنيسة غير مرخصة ولم تفعل شيء، مشيرًا أنه لا فائدة من إصدار قانون الكنائس، لاستحالة تنفيذه بسبب الوجود السلفي المتشدد. له كل الحق أن يصل لمرحلة اليأس من تنفيذ القانون لأن الكل وأده بصمت سوف يأخذنا لمرحلة الأسوأ. 3 الفشل بلغة الرياضة تكون هذه سياسة الفشل (الزمن = الماضي + المستقبل)، ما يؤكده النظام من حين إلى آخر، ويصدر دلالات قاطعة وواضحة على استمرار الوضع الثقافي والاقتصادي و السياسي والاجتماعي الحالي دون تغير جوهري بل ومتوقع زيادة نسب الفشل، وما يعزز هذا التصور هو التجاهل لقضايا كبرى تُرهق المواطن، والدخول فورا في خطاب مخدر للعقول خطاب عالق بمستقبل حتى يتم القفز من فوق الحاضر. والتعامل مع الواقع بمسكنات أصبحت لا تأتي بمفعولها كما باتت مقززة، وفي تلك اللحظة أثبتت جدارتها من كونها أداة من أدوات الفساد الضارب في الجذور.