لم تلبث الأردن أن تستفيق من الحادث الإرهابي الذي وقع قبل أسبوعين في مدينة البقعة، حتى يأتي حادث جديد يضرب الحدود السورية الأردنية، الأمر الذي دفع إلى التساؤل حول إمكانية نقل الصراع من سوريا إلى الأردن، خاصة مع تضييق الجيش السوري والقوات الروسية المساندة له الخناق على التنظيمات الإرهابية هناك. أعلن الجيش الأردني مقتل ستة عناصر من حرس الحدود الأردني، وسقوط 16 جريحًا، في انفجار سيارة مفخخة في منطقة الركبان قرب الحدود الأردنية السورية، فجر اليوم الثلاثاء، وأشار بيان نشره الموقع الرسمي لقيادة القوات المسلحة إلى أن الهجوم الذي تم بسيارة مفخخة أسفر عن مقتل 4 من قوات حرس الحدود، وشخص من الدفاع المدني وآخر من الأمن العام، وإصابة 14 فردًا من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، منهم 9 أفراد من الأمن العام، وقد تم تفجير السيارة المفخخه على الساتر الترابي مقابل مخيم اللاجئين السوريين في منطقة الركبان في شمال شرق البلاد، وأكد الموقع الرسمي للقيادة أنه تم تدمير عدد من الآليات المهاجمة المعادية بالقرب من الساتر. يأتي هذا التفجير الإرهابي ليكون الثاني في أقل من شهر الذي يستهدف قطاع الأمن والمخابرات الأردنية، حيث وقع في السادس من يونيو الجاري هجوم مسلح استهدف مركزًا للمخابرات الأردنية قرب مخيم البقعة شمال عمان، وأوقع الهجوم 5 قتلى من عناصر المخابرات، وقال متحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، حينها إن الأدلة الأولية تشير إلى أن الهجوم على مكتب الأمن في مخيم البقعة هو عمل فردي ومعزول. بعد يوم من وقوع حادث البقعة، أعلنت الحكومة الأردنية عن تمكنها من القبض على أحد منفذي الهجوم، وأكدت أن المهاجم الذي تم القبض عليه تبين أنه سوري الجنسية واسمه "محمد مشارقة"، ويشتبه بانتمائه لتنظيم داعش، في حين أن المهاجم الذي تم قتله هو شريك ل"مشارقة" في العملية. إعلان الحكومة الأردنية عن أن منفذ هجوم البقعة سوري الجنسية، ويشتبه بانتمائه لتنظيم داعش، إضافة إلى أن الهجوم الأخير الذي استهدف حرس الحدود الأردني وقع بالقرب من الحدود الأردنية السورية، وبالتحديد عند مخيم الركبان للاجئين السوريين، جعل بعض المراقبين يشيرون إلى اقتراب التهديد الأمني كثيرًا من الحدود الأردنية، وتساءل البعض عن إمكانية نقل الحرب الدائرة في سوريا إلى الأردن، أو على الأقل أن تلقي هذه الحرب بظلالها على المملكة الأردنية التي حافظت على استقرارها طوال سنوات النزاع السوري، خاصة أن هذه العمليات الإرهابية تزايدت بشكل كبير، بعد أن ضيق الجيش السوري والقوات الروسية المساندة له الخناق على التنظيمات الإرهابية في سوريا، إضافة إلى عمليات الجيش العراقي التي أخذت تتسارع خلال الفترة الأخيرة أيضًا ونجحت في طرد عناصر التنظيم من العديد من المناطق الاستراتيجية، أهمها الأنبار والفلوجة، واقترابها من تحرير الموصل، وهو ما جعل تنظيم داعش يجد نفسه بين سندان القوات السورية ومطرقة القوات العراقية، فبدأ يبحث عن ملجأ جديد يكون آمنًا؛ حتى يتمكن من ترتيب أوراقه من جديد. لا شك في أن الأردن تقع في منتصف حلقة نارية ملتهبة، فحدود الأردن مع سوريا المشتعلة بها حرب منذ خمس سنوات تزيد على 375 كليومترًا، إضافة إلى حدودها مع العراق التي تكافح إرهاب داعش أيضًا، وتخوض قواتها معارك عنيفة؛ في محاولة لطرد هذا التنظيم المتطرف خارج حدود الدولة، وتبلغ طول الحدود الأردنيةالعراقية حوالي 181 كليومترًا، أما حدود الأردن مع السعودية التي دخلت مؤخرًا على خط النزاعات الشرق أوسطية، وأصبحت لاعبًا أساسيًّا فيها، فتبلغ حوالي 782 كيلومترًا، لتكون الأطول، كل ذلك يأتي بالإضافة إلى وجود ثأر قديم بين التنظيمات المتطرفة في سورياوالعراق من جانب والأردن من جانب آخر، خاصة تنظيم داعش، حيث تشارك الأردن منذ نحو عامين في التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم داعش في سورياوالعراق، إضافة إلى لعب المملكة الدور الأبرز في اغتيال مؤسس التنظيم، أبو مصعب الزرقاوي. من جهة أخرى ربط بعض المراقبين بين العمليات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في الأراضي الأردنية، وتضييق السلطات الخناق على دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها، حيث أعلن قائد حرس الحدود الأردني العميد، صابر المهايرة، في الخامس من مايو الماضي، أن نحو 59 ألف سوري عالقون في منطقة الركبان، مشيرًا إلى أن هؤلاء اللاجئين لديهم الرغبة في الدخول للمملكة، وأوضح المهايرة حينها أن السلطات الأردنية تشتبه بأن أعدادًا محدودة مجندة لداعش تقارب 2000 شخص متواجدون حاليًّا قرب الحدود، كما فرضت الأردن إجراءات أمنية إضافية في منطقتي الركبان والحدلات قرب الحدود مع سوريا في بداية العام الحالي، ما أدى إلى تجمع عشرات الألاف على طول الحدود، وأكدت الأردن حينها ضرورة التحقق من هويات اللاجئين الجدد؛ لضمان أنهم ليسوا إرهابيين يمكن أن يتسللوا إلى البلاد، كما أقدمت الحكومة الأردنية على تخفيض عدد النقاط الحدودية لمرور اللاجئين من سوريا من 45 نقطة تفتيش في 2012، إلى نقاط ثلاث رئيسية شرقي المملكة في 2015.