تشهد الساحة البحرينية تطورات خطيرة على الصعيد الداخلي، فبعد التغيرات التعسفية والممنهجة التي يجريها النظام الحاكم في البحرين ضد المعارضة، من المنتظر أن تؤدي هذه التغيرات إلى تحويل المسار السلمي للاحتجاجات العارمة التي شهدتها البحرين منذ 2011، خاصة أن النظام البحريني بدأ بإشهار سلاح سحب الجنسية في وجه معارضيه. سحب الجنسية من الشيخ عيسى قاسم يبدو أن النظام في البحرين قرر بالفعل تصعيد المواجهة ضد معارضيه، فرغم أن البحرين تعتبر من أكثر الدول العربية المشهود لها بسلميتها، منذ أن ضرب ما يسمى بالربيع العربي البلدان العربية، إلا أن النظام البحريني يسعى دوما لاتخاذ خطوات تصعيدية ضدها، فبالأمس قررت السلطات البحرينية إسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم، الذي يعد من أبرز المراجع الدينية في البحرين، وتم سحب الجنسية منه بذريعة "خلق بيئة طائفية متطرفة". وجاء في بيان وزارة الداخلية البحرينية أنه "تم إسقاط الجنسية البحرينية عن المدعو عيسى أحمد قاسم، الذي قام منذ اكتسابه الجنسية البحرينية بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية، ولعب دوراً رئيسياً في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة وكذلك تبعاً للتبعية لأوامره". سلسلة من القرارات السابقة يأتي تجريد الشيخ قاسم من جنسيته البحرينية، بعد أيام على تعليق نشاط جمعية الوفاق الإسلامي كما يقضي زعيم جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان عقوبة السجن لمدة 9 سنوات بعد إدانته بتهم قالوا إنها تأتي في إطار التآمر على النظام والحض على العصيان والكراهية الطائفية، وقبل عدة أيام تم إقفال جمعيتي "التوعية" و"الرسالة الإسلامية" تزامنا مع توقيف الناشط الحقوقي نبيل رجب، بالإضافة لمنع ناشطين حقوقيين من السفر، وقيام السلطات في البحرين بالكثير من الإجراءات العقابية التي تنتهك حقوق الإنسان كالاعتقال وأحكام الإعدام. البحرين وتتبع الخطى السعودية يبدو أن السلطات البحرينية قررت تبني النهج السعودي في تعاطيها مع معارضيها، فالسعودية أقدمت على إعدام الشيخ نمر النمر جسديا، بينما أعدمت البحرين الشيخ عيسى قاسم معنويا. التواطؤ السعودي مع البحرين كان فاضحًا للمملكة وللولايات المتحدةالأمريكية على حد سواء، فالسعودية التي تساند النظام الحاكم في البحرين عبر جيشها المسمى ب"درع الخليج" لقمع الاحتجاجات السلمية، ما يعد تدخلا سافرا في الشأن الداخلي البحريني، رحبت بقرار السلطات البحرينية، حيث أكد مجلس الوزراء السعودي، أمس الاثنين، دعم السعودية للإجراءات القضائية كافة التي تتخذها مملكة البحرين، ولا يبدو بأن قرار سحب الجنسية من قبل سلطات المنامة كان سيتم إلا بالموافقة السعودية. ورغم أن واشنطن استهجنت القرار البحريني، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أمس الاثنين، إن بلاده "قلقة" من قرار البحرين سحب الجنسية من الزعيم الروحي للشيعة في البلاد، إلا أن الضوء الأخضر الأمريكي كان مفتوحا للرياض باستصدار مثل هكذا قرار. القرار البحريني يأتي بعد أيام قليلة من زيارة ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان لأمريكا، فواشنطن التي تدّعي في كل المناسبات انتقادها للسياسة السعودية في اليمن وسوريا والعلاقة مع طهران، استقبلت بن سلمان التي تتهم بلاده بممارسة انتهاكات في حقوق الأطفال في اليمن من خلال ما يعرف بفضيحة القائمة السوداء، استقبال الملوك ومن أعلى سلطة هرمية في أمريكا المتمثلة برئيس الأمريكي باراك أوباما، الأمر الذي يشير إلى موافقة ضمنية من الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تتخذ من المياه الإقليمية البحرينية قاعدة لأسطولها الخامس بالتحركات السعودية في البحرين. ردود أفعال ضد قرار سحب الجنسية عدت الأممالمتحدة، اليوم الثلاثاء، قرار البحرين إسقاط الجنسية عن المرجع الديني الأعلى في البلاد عيسى أحمد قاسم غير مبرر وفقا للقانون الدولي، وقالت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رافينا شامداساني، إنه بالنظر إلى أن الإجراءات القانونية لم تتبع فإنه (قرار) لا يمكن تبريره. ردود أفعال مع قرار سحب الجنسية بدورها، دعمت السعودية القرار، وعبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أمس، عن دعمه للإجراءات القضائية التي اتخذتها البحرين، كما عبرت الخارجية المصرية في بيان عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها البحرين مؤخرًا في مواجهة محاولات زعزعة استقرارها الداخلي وسلامها الاجتماعي. تداعيات القرار على الوضع في البحرين يبدو أن الحكومة البحرينية تسير باتجاه منزلق خطير، فما إن تم الإعلان عن سحب الجنسية من الشيخ قاسم، حتى تجمع المئات من البحرينيين المتعاطفين مع قاسم أمام منزله، وذلك في قرية الدراز، القريبة من العاصمة المنامة، وأنهم رفعوا شعارات منددة بالقرار، وصورا لقاسم، ويبدو أن تلويحا بالتصعيد ستشهده الأيام المقبلة، خاصة أنه من تبعات قرار سحب الجنسية هو إبعاد الشيخ قاسم عن البلاد، الأمر الذي من شأنه تأجيج المواجهة بين المعارضة والسلطة في البحرين، خاصة أن شهود عيان قالوا إن الشرطة البحرينية تتواجد بكثافة في محيط دراز تحسبا لأي أعمال عنف أو مصادمات، في المقابل دعا ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير البحريني في بيان له الجميع للمناصرة والمساعدة وكتب "لا مكان للجلوس في المنازل هبّوا جميعًا لنصرة آية الله قاسم". ومن الجدير ذكره أن الشيخ قاسم ليس أول من تم سحب جنسيته، فوفقا للأمم المتحدة، فإن البحرين سحبت الجنسية من 250 مواطنا في السنوات الأخيرة.