قررت السلطات في البحرين أمس، الاثنين، إسقاط الجنسية عن أبرز المراجع الدينية الشيعية الشيخ عيسى قاسم، بتهمة "التشجيع على الطائفية والعنف"، بحسب وزارة الداخلية، مما أثار ردود فعل غاضبة من إيران وحزب الله، حيث هددت إيران بإسقاط النظام في المنامة. وأصدرت وزارة الداخلية في المنامة بيانا نقلته وكالة الأنباء الرسمية «بنا» جاء فيه أن عيسى قاسم الذي يعتبر الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية «استغل المنبر الديني الذي أقحمه في الشأن السياسي لخدمة مصالح أجنبية وشجع على الطائفية والعنف». وأضافت «وقد قام المذكور بتبني الثيوقراطية، وأكد على التبعية المطلقة لرجال الدين، وذلك من خلال الخطب والفتاوى». واتهمت عيسى قاسم بأنه «تسبب بالإضرار بالمصالح العليا للبلاد ولم يراع واجب الولاء لها». وأضاف البيان الذي اطلعت "القدس العربي"عليه «لقد رهن المذكور قراراته ومواقفه التي يمليها بصورة الفرض الديني من خلال تواصله المستمر مع منظمات خارجية وجهات معادية للمملكة، ويقوم بجمع الأموال دون الحصول على أي ترخيص خلافا لما نص عليه القانون، وفي أكثر من مناسبة وفي صور متعددة عمل المدعو عيسى قاسم على ضرب مفهوم حكم القانون وخاصة السيطرة على الانتخابات بالفتاوى من حيث المشاركة والمقاطعة وخيارات الناخبين ورهن المشاركة السياسية بالمنبر الديني، وقد امتد ذلك إلى كافة نواحي الشأن العام دون مراعاة لأية ضوابط قانونية متخطياً بذلك الأعراف التي استقر عليها مجتمع البحرين». ويأتي هذا القرار بعد تعليق نشاط جمعية الوفاق الإسلامي أبرز منظمات الشيعة في البحرين في 14 حزيران/ يونيو، وسبق ذلك توقيف المعارض والناشط الحقوقي نبيل جرب. ويمضي زعيم جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان عقوبة السجن بعد إدانته بتهم «التآمر على النظام والحض على العصيان والكراهية الطائفية». وفي إيران قال قائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، أمس الاثنين، إن التعرض للشيخ قاسم «سيشعل النار في البحرين والمنطقة»، في إشارة إلى المرجع الشيعي آية الله الشيخ عيسى قاسم والذي اسقطت البحرين عنه الجنسية أمس. وأصدر اللواء سليماني بيانا قال فيه «إن الشعب المسلم والمظلوم في البحرين، يتحمل منذ سنوات طويلة الظلم والتمييز والتحقير والعنف ضد الإنسانية من نظام آل خليفة». وحذر سليماني في بيانه النظام في البحرين من أنه في حال «وجود أي إهانة أو عدم احترام للشيخ قاسم فإن إسقاط النظام في البحرين لن يكون سوى جزء صغير من تداعيات من شأنها أن تشمل أيضا المقاومة المسلحة». من جانبه أدان «حزب الله» ما سمّاها «الخطوة غير المسبوقة التي اتخذها النظام البحريني والمتمثلة بسحب الجنسية من العالم الجليل والقائد الشجاع آية الله سماحة الشيخ عيسى قاسم»، واعتبرها «خطوة بالغة الخطورة». ورأى «حزب الله» في بيان «أن هذه الخطوة تدل على أن السلطة في البحرين قد وصلت إلى نهاية الطريق بالتعاطي مع الحراك الشعبي السلمي، ووجهت رسالة خاطئة جداً مفادها أن لا إصلاح ولا حقوق ولا حوارَ ولا أفق سياسياً، وأن السلطة بحماقتها وتهوّرها تدفع الشعب البحريني إلى خيارات صعبة، ستكون عاقبتها وخيمة على هذا النظام الديكتاتوري الفاسد». وترافق بيان الحزب مع تعليقات لمناصري «حزب الله» على مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيها «لو لم نؤمن بالمقاومة ونمتلك السلاح لأَسقطوا الجنسية اللبنانية عنا وطردونا من وطننا كما فعلت السلطات البحرينية اليوم مع الرمز المُعارِض والمرجع عيسى قاسم». إلى ذلك رحبت هيئة كبار العلماء السعودية بالإجراءات القضائية التي اتخذتها مملكة البحرين ضد الجمعيات والتنظيمات «المثيرة للفتن المذهبية والطائفية» بما يصون وحدتها ونسيجها الاجتماعي . وأكدت الأمانة، في بيان أصدرته أمس الاثنين، أن «المجتمع الخليجي يتميز بتماسك نسيجه الاجتماعي وترابطه ووحدة حاضره ومستقبله، ومن خلال هذا النسيج المتماسك تمتد وشائج القربى، وتقوى أواصر التكافل، وتنشأ الأجيال الوفية، ومن ثَمَّ فإن من المسؤوليات الملقاة على عاتقنا أن ننبذ النعرات والعصبيات التي تفرق المجتمع الخليجي، وأن نبتعد عن المناكفات والالتواءات السياسية». وقالت هيئة كبار العلماء، وهي أكبر هيئة دينية سعودية، إن «الإصلاح يأبى الترويج لشعارات خارجية، لا سيما في ظل ما يواجهه المجتمع الخليجي من تحديات وسلوكيات إرهابية لزعزعة الأمن، وهز الثوابت، والتشكيك في القدرات»، مؤكدة «أننا قادرون بالتحامنا مع قياداتنا الخليجية الحكيمة على رسم توجه صادق يوثق التلاحم بين فئات المجتمع على أسس من دين الله تعالى، ومصلحة الأمة الخالصة البعيدة عن تجاذب التيارات وتباين التوجهات».