فاز الكيان الصهيوني أمس الاثنين برئاسة لجنة تابعة للأمم المتحدة، في سابقة هل الأولى من نوعها في تاريخ المنظمة التي تأسست قبل 71 عامًا، حيث انتخب سفير كيان العدو، داني دانون، لرئاسة لجنة الشؤون القانونية للجمعية العمومية، بحصوله على 109 أصوات من أصل 193 دولة عضوًا، حيث امتنع عن التصويت 23 دولة، ووجدت 14 ورقة غير قانونية وحذفت، فيما حاز ترشيحه تأييد الولاياتالمتحدة ودول أوروبية. عقب انتهاء التصويت وإعلان فوز سفير الاحتلال "داني دانون" بالمنصب، عبّر الأخير عن فخره لكونه أول إسرائيلي يرأس لجنة أممية، حيث قال: إنني فخور أن أكون أول سفير لإسرائيل ينتخب لهذا المنصب الرفيع؛ لأن إسرائيل تتمتّع بدور قيادي في القانون الدولي ومحاربة الإرهاب، معتبرًا أنها لحظة مثيرة للشفقة لرؤية بعض الدول العربية تسعى إلى منع هذا الترشيح. محاولات عرقلة الترشح عادة ما يكون هناك إجماع قبل التصويت على رئاسة اللجان الستة، إلا أن اعتراض المجموعتين العربية التي تحدث باسمها الممثل الدائم لليمن، خالد اليماني، والإسلامية التي تحدث باسمها الممثل الدائم للكويت، منصور العتيبي، أجبر الجمعية العامة على إجراء التصويت أمس الاثنين. محاولات حثيثة قادتها بعض الدول العربية لقطع الطريق على المرشح الصهيوني، حيث قدّمت الدول العربية اعتراضها على ترشيح إسرائيل لهذا المنصب، وأرسلت رسالة في العاشر من الشهر الجاري إلى رئيس اللجنة الحالي، وسفير جمهورية ترينيداد وتوبيغو، إيدن تشارلز، تعترض فيها على هذا الترشيح، وقال السفير اليمني للأمم المتحدة، خالد اليماني: لقد طلبنا إجراء عملية انتخاب بالاقتراع السري، من أجل تسجيل اعتراضنا القاطع على ترشيح إسرائيل لشغل منصب رئيس اللجنة القانونية، ورفع صفة الإجماع عن النتيجة التي تترتب عليها. من جهته قال المبعوث الفلسطيني، رياض منصور: عندما علمت المجموعة العربية أن مجموعة دول أوروبا الغربية ودولًا أخرى قررت ترشيح إسرائيل لرئاسة اللجنة السادسة، قمنا باتصالات مكثّفة مع دول المجموعة، وضغطنا باتجاه ثني المجموعة عن هذا الترشيح، لكننا فشلنا، وبعد ذلك حاولنا أن نقنع دول المجموعة أن يرشحوا أي دولة أخرى غير إسرائيل، ولم نفلح، واتصلنا بعدد كبير من أعضاء المجموعة؛ لنقنع أي عضو منها للترشّح؛ كي نحشد الأصوات لإنجاحه، لكنهم لم يقبلوا، وتداولنا الأمر بعد ذلك مع المجموعتين العربية والإسلامية؛ للاتفاق على خطة بديلة، فاتّفقنا على توزيع أصوات المعترضين على ترشيح إسرائيل على مرشحين من نفس المجموعة؛ كي نحرم المندوب الإسرائيلي من الحصول على النصف زائد واحد، وحاولنا أن نحشد كل أصدقائنا لإسقاط المندوب الإسرائيلي بحرمانه من الحصول على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة، لكننا لم ننجح. غضب عربي عارم فوز إسرائيل بالمنصب أثار موجة عنيفة من الاحتجاجات لدى بعض الدول العربية، وعلى رأسها فلسطين، حيث انتقد المبعوث الفلسطيني، رياض منصور، المنظمة؛ لدفعها بترشيح "دانون"، قائلًا إنه موضع خلاف، ولا يليق بالمنصب، وأضاف منصور أنهم كان يجب أن يقدموا مرشحًا مؤهلًا ومسؤولًا جدًّا، وليس منتهكًا كبيرًا للقانون الدولي. وتوقع المبعوث الفلسطيني أن يهدد انتخاب دانون عمل اللجنة السادسة "القانونية"، مؤكدًا أن إسرائيل لم تنجح بقدراتها وسمعتها الذاتية، بل بجهود الولاياتالمتحدة وكندا وأستراليا، والتي تستعمل كل أساليب الابتزاز والتهديد؛ لضمان التصويت لإسرائيل، وأن كثيرًا من الدول تستجيب لهذا الضغط خوفًا من الدول الكبرى. من جهته قال السفير اليمني، خالد اليماني، الذي يرأس المجموعة العربية في الأممالمتحدة، إنه بعث برسالة إلى كل الدول الأعضاء؛ للاحتجاج على انتخاب السفير الصهيوني، وأضاف اليماني أنه لا يمكن أن نقبل بأن يكون لبلد مثل إسرائيل، منتهك للقانون الدولي والقانون الإنساني وآخر قوة استعمارية موجودة في العالم، حق بالحكم في جميع الشؤون القانونية. فيما أعرب السفير الكويتي، الذي يرأس اللجنة الإسلامية في الأممالمتحدة، منصور العتيبي، عن اعتراض دول التعاون على هذا الترشيح، وقال إنه يتطلب أن تكون الدولة المرشحة عضوًا ممتثلاً للقانون الدولي، وتعمل على تنفيذ قرارات الأممالمتحدة بشكل فعّال، وليست دولة تخترق القانون الدولي والقانون الإنساني وقرارات الأممالمتحدة، وتحول دون تنفيذها. الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أيضًا أعرب عن رفض الدول العربية لترشيح إسرائيل لشغل هذا المنصب، وقال: ليس من المعقول أن ترأس إسرائيل لجنة قانونية، بينما هي دولة ترتكب كل المخالفات المعروفة، وترتكب أعمالًا غير قانونية، كبناء جدار الفصل العنصري، والانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان الفلسطيني، وعمليات الاعتقال اليومية للشيوخ والشباب والأطفال والنساء، بالإضافة الى الاعتقال الإداري الذي يمارس بحق الشعب الفلسطيني. من جانبها أدانت حركة حماس الترشيح الصهيوني، معتبرة القرار "عارًا على الأممالمتحدة واستهتارًا بقوانينها؛ لما تمثله إسرائيل من رمز للإجرام والإرهاب"، فيما أعربت إيران عن أسفها للقرار، مؤكدة أن الكيان الإسرائيلي يشكل رمزًا لانتهاك القانون الدولي والتملص منه. دول عربية متورطة في التصويت نقلت مصادر صحفية عن أخرى دبلوماسية تأكيدها أن 4 دول عربية على الأقل صوتت لصالح الكيان الإسرائيلي، وعلى الرغم من التعتيم الإعلامي والسياسي على أسماء الدول الأربعة التي دعمت إسرائيل للوصول إلى هذا المنصب، إلا أن التكهن بأسماء هذه الدول ليس مستحيلًا، حيث تملك بعض الدول العربية تاريخًا من الدعم للكيان المحتل، وسبق أن صوت بعضها لصالح الكيان في مناسبات عدة ومحافل دولية مختلفة، وعلى رأسها الإمارات ومصر، اللذان صوتا لصالح انضمام الكيان للجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، في نوفمبر الماضي. ما هي اللجنة السادسة والدور المنوط بها الجمعية العامة للأمم المتحدة تتكون من ست لجان دائمة، تقدم لها تقارير عن قضايا نزع السلاح، والقضايا الاقتصادية والمالية، وحقوق الإنسان، وإنهاء الاستعمار، وميزانية الأممالمتحدة، والشؤون القانونية. وتعتبر لجنة الشئون القانونية هي اللجنة السادسة في الجمعية العامة، والتي تشرف على القضايا المتعلقة بالقانون الدولي، حيث تنص المادة 13 من ميثاق الأممالمتحدة على أن تقوم الجمعية العامة بإنشاء لجنة خاصة لتشجيع التقدّم المطرد للقانون الدولي وتدوينه، وهي اللجنة المفوضة بوضع المعاهدات الجديدة، وتختصّ بتبني تلك المعاهدات والتوصية بها لدى الدول؛ للتوقيع عليها لاحقًا والتصديق عليها والانضمام إليها. على الرغم من أن دور اللجنة القانونية أو اللجنة السادسة رمزي إلى حد كبير، إلا أن إسرائيل لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتستغلها لصالح كيانها المحتل وشرعنة ممارساتها، أو على الأقل حماية مصالحها، حيث سيمنح هذا المنصب الاحتلال فرصة القيام بدور أكبر في الشؤون الروتينية داخل الأممالمتحدة. صعود الكيان الصهيوني لهذا المنصب مهما اختلف المراقبون في أهميته، يُعد مكافأة دولية لكيان يحتل أراضي دولة أخرى، ويتفاخر بمخالفة القوانين الدولية وانتهاكها، فبدلًا من عقابها، اختارت بعض الدول العربية والأوروبية والغربية التهليل للاحتلال وإعطاءه الضوء الأخضر للتمادي في ممارساته وانتهاكاته.