شاب رأسه، وانحنى ظهره، بلغ من الكبر عتيًا على فراش مهنته التي ورثها عن أجداده، غير مباليًا بمشقتها، وقلة مواردها، وكأنه عاد من الزمن الجميل ليحفظ وحده ل«السجاد اليدوي» تراثه، بعدما عمدت محافظة بني سويف على غلق المصانع المختصة بالصناعة التي تأخذ طريقها للاندثار، ظل سيد بيومي، العجوز الستيني طوال عمره محتفظا بمهنته كصانع للسجاد اليدوى والكليم، بدأ المهنة منذ نعومة أظافره، داخل مصنع السجاد اليديوي ببني سويف، لم يتوقف عن مزاولتها بعد إغلاق المصنع، لينقل المهنة إلى منزله الذي يعبر عن فقر حاله. بدأ بيومي المهنة وهو طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات، وعلم أولاده مزاولة المهنة كما علمه إياها والده الذي تعلمها أيضا من جده، وعمل بمصنع السجاد والكليم الكائن بقريتي «الشناوية» التابعة لمركز ناصر، استمر العمل في المصنع سنوات طويلة حتي صدر قرار الحكومة عام 1975 بإغلاقه، واضطر جميع العاملين ترك العمل. كانت قرية الشناوية حاضنة للحرفيين والعاملين بالمهنة، إلا أن معظمهم هجروا الصناعة لكونها غير مربحة، فقديما كان يتم إنتاج السجاد وبيعه بالقاهرة تمهيدا لتصديره للخارج، أما فى الوقت الحالي وبعد إغلاق المصنع توقف التصدير. وتعد صناعة السجاد اليديوي أهم الصناعات التي تشتهر بها بني سويف، فمصنع القرية وحده كان يعمل به قرابة 400 شاب، حينها كان المسوؤلون يزورون المصنع من الحين للآخر، لتفقد سير العمل به، حتى أن جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل أنور السادات زارته بصحبة وفد أمريكى ما يدلل على أهميته وقتها. يصنع السجاد اليدوي أو الكليم من خيوط القطن بالإضافة إلى نول مصنع من الحديد، وقديما كان ثمن المواد المستخدمة فى صناعة السجاد في متناول الأيدي بعكس ارتفاع الأسعار الكبير الذى طرأ عليها في الوقت الراهن، ضاربًا المثل ببنول القطن الذي لم يتجاوز سعره 7 جنيهات في السابق، أما الآن وصل 40 جنيها. وشدد سيد بيومي، على ضرورة اهتمام الدولة بصناعة السجاد اليدوى كإحدى الصناعات التراثية الهامة، ودعمها، وإعادة فتح المصانع المغلقة، ودعم العاملين بها، وفتح ورش ومصانع صغيرة؛ لزيادة الإنتاج والتصدي للسجاد الأجنبى المستورد، والذى يستهلك العملة الصعبة، وبذلك نضمن الحفاظ على التراث المصري من الاندثار، واستمرار المهنة لأجيال وأجيال.