في الوقت الذي أعلن فيه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن زيارته لموسكو بدأت أمس وتستمر يومين، بدأت مجموعة من التكهنات والتساؤلات تدور في فلك الزيارة، خاصة أن موطئ قدم نتنياهو لم يجف بعد في موسكو، فزيارته الحالية تأتي بعد أقل من شهرين لزيارة سابقة إلى روسيا في 21 أبريل الماضي، والثالثة لموسكو في أقل من عام، حيث زار نتنياهو روسيا في سبتمبر 2015، اتفق خلالها مع بوتين على إقامة "خط ساخن" لتفادي اصطدام جوي عرضي في الأجواء السورية. هدف الزيارة خلافا لزيارات نتنياهو إلى موسكو خلال الفترة الأخيرة، التي كانت تستمر لعدة ساعات، فإن الزيارة الحالية، ستستمر ليومين، وحسب ديوان رئيس حكومة الاحتلال في تل أبيب، فإن الدوافع المباشرة للزيارة مناسبة مرور 25 عاما على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وروسيا، وسيتطرق الطرفان أيضا إلى الملفات الإقليمية، بينها المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي، فضلا عن الوضع في سوريا وجوارها، والعملية الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين. وقال بيان صادر عن الكرملين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونتنياهو سيلتقيان اليوم في موسكو، وسيبحثان في تطبيق الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها خلال زيارة سابقة لنتنياهو إلى موسكو. التنسيق العسكري حول سوريا أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أمس، إلى أن الوجود الروسي يسمح باحتواء نشاط حزب الله، رغم تعاون موسكو مع المحور الموالي لإيران الذي يضم حزب الله. ومن المقرر أن تناقش الزيارة التنسيق الأمني بين موسكو وتل أبيب، خاصة ما يُسمى بآلية منع التصادم التي تم وضعها لضمان ألا تقصف الطائرات الإسرائيلية نظيراتها الروسية التي تعمل في الأجواء السورية، حيث سيواصل الطرفان التنسيق الجاري بين البلدين، الذي يهدف إلى تجنب أي سوء فهم بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والقوات الروسية في سوريا ومحادثات حول مساعي السلام في البلد الذي مزقته الحرب وبيع أنظمة أسلحة متطورة إلى إيران ومنع وصول أسلحة متطورة إلى منظمة حزب الله اللبنانية. وأفادت مصادر أن الكيان الصهيوني، الذي يعلن رسميا عدم انحيازه لأي طرف في الحرب السورية، شنت أكثر من عشر غارات جوية في سوريا منذ عام 2013، أغلبها موجه لأطراف موالية للنظام السوري، كعملية اغتيال الشهيد سمير القنطار في ديسمبر من العام الماضي. وفي سياق التنسيق بين الجيشين، زار نائب رئيس الأركان الروسي، نيقولاي بوغدانوفسكي، تل أبيب في أكتوبر الماضي، والتقى مع نظيره الإسرائيلي بهدف تطبيق التفاهمات بهذا الخصوص بين بوتين ونتنياهو. تعويضات لليهود قالت صحيفة هآرتس العبرية، إن نتنياهو سيوقع خلال زيارته لموسكو مع الرئيس الروسي اتفاقية يتم بصددها دفع تعويضات لليهود الروس الذين هاجروا إلى الكيان الصهيوني في الفترة من السبعينيات من القرن الماضي وحتى عام 1992، أي عقب سقوط النظام الشيوعي بروسيا. وأشارت الصحيفة إلى أنه طبقا للإحصائيات، فإن من 30 ألف إلى 100 ألف يهودي هاجروا إلى الكيان الصهيوني من روسيا سيحصلون على هذه التعويضات على أن يحصل كل فرد من 125 –250 دولار عن كل شهر عمل. ومن المقرر أن يدخل الاتفاق، حيز التنفيذ فقط بعد مصادقة السلطات الروسية عليه، وسيتم التوقيع عليه من قبل وزير الهجرة والاستيعاب المنتهية ولايته، زئيف إلكين، ووزير العمل والحماية الاجتماعية الروسي، مكسيم توبيلين، ومن المتوقع أن يبدأ الإسرائيليون الذين وُلدوا في الاتحاد السوفييتي الحصول على التعويضات المالية في العام المقبل. في مجال الزراعة مرجح أن يوقع وزير زراعة دولة الاحتلال، أوري أريئيل، على مذكرة تفاهم مع نظيره الروسي، ألكسندر تكاخيف، حول التعاون في مجال الزراعة وصناعة منتجات الألبان وتكنولوجيا صناعة ألبان متقدمة. الملف الفلسطيني أشارت مصادر سياسية عبرية الجمعة الماضي إلى أن نتنياهو بلور في الأيام الأخيرة الملفات التي سيطرحها على الرئيس الروسي، وأن الملف الفلسطيني سيتصدر اللقاء بينهما، بالإضافة للسوري، وأن هذا الأمر يعني عمليا أن نتنياهو يتجه إلى موسكو ليطلب منها أن تصبح وسيطا للسلام بدلا من واشنطن أو باريس أو غيرها من العواصم، كحل عملي من وجهة نظره، يتناسب مع التطورات واختلاف طبيعة الأدوار والموازين بالمنطقة، وفي الوقت ذاته يثقل المجتمع الدولي بالمواقف المتباينة والمبادرات الزائدة عن الحاجة. ويرى مراقبون أن الزيارة تأتي في أجواء مشحونة، فموسكو لم تجاري تل أبيب في اعتبار أن الجولان السوري جزء أبدي من الكيان الصهيوني، كما أن روسيا تدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد عسكريا، خصوصا من خلال شن غارات جوية على المجموعات المسلحة التي تقاتل قوات النظام، في المقابل يبدي الكيان الصهيوني معارضته للأسد وحليفه حزب الله. كما فشلت محاولات تل أبيب في منع موسكو من تزويد طهران منظومة الدفاع الجوي "إس-300″، حيث أعلن وزير الدفاع الإيراني، العميد حسين دهقان، دخول منظومة الصواريخ الروسية 300 ضمن منظومة الدفاع الجوي الإيراني الشهر الماضي.