أورد موقع مجلة "ذا دبلومات" الآسيوية، المهتمة بسياسة الدول الآسيوية، تقريرًا كشف فيه عن التمويل السعودي لجماعات إرهابية يتم تدريبها في باكستان، الغريم اللدود للهند؛ لتنفيذ هجمات في الأخيرة. وسرد التقرير العلاقة بين كل من الهند والسعودية وبين الإرهاب المتفاقم في الأولى، بالتوازي مع تمويل السعودبة المتزايد لجماعات إرهابية في نيودلهي. ولفت التقرير إلى السعي الهندي الفعال للتصدي للقواعد الإرهابية، التي تعتبر الرياض واحدة من أهمها، وهو ما دفع نيودلهي للسعي لمساندة الرياض؛ تخوفًا من تحالفها مع باكستان،والذي شكّل أزمة لدى نيودلهي. وتعليقًا على التحالف بين إسلام أبادوالرياض، قال مسئول هندي إنه على الرغم من أن المملكة لا ترغب في أن يُنظَر إليها على أنها مأوى للإرهابيين، إلا أنها غير مستعدة أيضًا لإزعاج باكستان بتسليم المشتبه بهم؛ لمعرفتها بصلاتهم المباشرة مع استخبارات إسلام آباد. وذكّر التقرير بما كشفت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، عام 2010، حيث وقعت مذكرة تحت عنوان "الهند والمملكة السعودية ومكافحة الإرهاب"، تشير إلى أن الجهات المانحة السعودية هي أهم مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية على مستوى العالم. وأشارت كلينتون حينها إلى التمويل السعودي لجماعة مسؤولة عن هجمات دموية في الهند، كما ذكرّت المجلة بهجمات مومباي الإرهابية، التي وقعت عام 2008، وأسفرت عن مقتل 164 شخصًا، وقالت إنه على الرغم من أن مرتكبي هذه الهجمات تلقوا تدريبًا في باكستان، إلا أن الأموال التي تم استخدامها لتنفيذ الهجوم جاءت من المملكة السعودية. علاقات سعودية هندية استراتيجية على الرغم من وجود هذه العقبات التي تحدث عنها تقرير المجلة، إلا أن السعودية والهند تعتبران شريكتين استراتيجيتين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية، وتتخذ هذه الشراكة خطوات تعزيزية متتابعة، كان آخرها زيارة رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، للمملكة في 4 إبريل الماضي، وهي الزيارة التي جاءت بعد مناورات عسكرية بين السعودية والعدوة اللدودة للهند "باكستان" في 30 مارس الماضي، وتدشين التحالف الإسلامي الذي يضم باكستان، الأمر الذي أرجعه بعض المراقبين إلى أن السلطات الهندية سوف تفعل كل ما تستطيع للتعامل مع التهديد الباكستاني، سواء باستخدام السلاح الاقتصادي أو الخطط الاستراتيجية أو حتى من خلال كسب قلوب حلفاء باكستان المقربين خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يفسر زيارة رئيس الوزراء الهندي لحليف آخر لباكستان، المتمثل في الإمارات العربية المتحدة خلال أغسطس الماضي. التقى رئيس الوزراء الهندي خلال زيارته الأخيرة للمملكة، العاهل السعودي وولي عهده وولي ولي العهد، وكبار المسؤولين السعوديين، وأكد "مودي" حرص بلاده على تطوير العلاقات وتعزيزها مع المملكة في مختلف المجالات، خصوصًا العمل على مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالات الأمنية والدفاعية، وزيادة الاستثمارات المتبادلة بين البلدين. في الوقت ذاته تسير الهند على طريق الوصول إلى ثالث أكبر مستهلك للنفط، مع النمو السريع للطلب في البلاد، حيث تمد المملكة الهند بنحو 19 في المائة من وارداتها من النفط الخام، أضف إلى ذلك أن الهند تمتلك أكبر جالية في السعودية، حيث يعمل نحو ثلاثة ملايين هندي بها، كما أن هناك تبادلًا ثقافيًّا مهمًّا بين البلدين يرجع إلى كون الهند تجمع ثاني أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، فضلًا عن الاستثمارات الهندية في المملكة، وكون المملكة رابع أكبر شريك للهند في المجالات التجارية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي 39 بليون دولار. العلاقات الهندية السعودية.. غصة في حلق باكستان الحديث عن العلاقات المتميزة بين الهند والسعودية يُدخِل الأخيرة في حرج مع حليفتها الوثيقة باكستان، حيث تمتاز العلاقات السعودية الباكستانية بالطابع التاريخي، إذ تمتد لعقود من الزمن، كما أنها ترتبط بإرث تاريخي، يتمثل في علاقات تحالف وتعاون جمعت البلدين في العديد من القضايا. وفي المقابل تعتبر الهندوباكستان عدوين لدودين، خاصة فيما يتعلق بأزمة إقليم كشمير، حيث نشبت بينهما ثلاث حروب رسمية خلال أعوام 1947-1949، و1965 و1971، من بينها حربان بسبب إقليم كشمير، ناهيك عن الحروب الباردة وتبادل الاتهامات بينهما من حين إلى آخر، إضافة إلى تبادل إطلاق النار على الحدود بين البلدين المتنازع عليها بين الفترة والأخرى. تشابك العلاقات بين السعودية وباكستان وترابطها، ومحاولات الرياض تعزيز هذه العلاقات بشكل دائم، وجر إسلام آباد إلى صفوف الدول المؤيدة للمملكة على حساب علاقاتها مع إيران التي ترتبط معها بعلاقات استراتيجية أيضًا، كل هذا دفع بعض المراقبين إلى أن يروا أن التقارب بين السعودية والهند لن يكون أبدًا على حساب العلاقات بين السعودية وباكستان، وهو ما ظهر في أحد تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، عندما قال إن علاقة المملكة مع الهند استراتيجية تقوم على المصالح المشتركة، سواء الاقتصادية والأمنية، بينما العلاقات مع باكستان تقوم على شراكة وتحالف تاريخي مستمر، وسيبقى هكذا. وذهب بعض المراقبين إلى القول بأن الهند لن تستغني عن السعودية بسهولة، فهي تسعى من خلال علاقاتها بالمملكة إلى تطويق باكستان، ورأى المراقبون أن نيودلهي ستستغل أي فجوة تحدث بين الرياضوإسلام أباد؛ لتعزز قوة علاقاتها مع المملكة، وهو ما اتضح خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي الأخيرة للمملكة، والتي سعى خلالها إلى اللعب على الفجوة التي نشبت في العلاقات بين المملكة وباكستان العام الماضي على أثر رفض البرلمان الباكستاني المشاركة في التحالف الإسلامي،الذي تقوده المملكة في اليمن، حيث حاولت نيودلهي أن تضع نفسها في الصورة أمام المملكة لتوطيد العلاقات، وربما لملء الفراغ الباكستاني.