عن حزب مستقبل وطن.. جمال أبو الفتوح يُعلن ترشحه لانتخابات الشيوخ 2025    محافظ المنيا يتفقد سير العمل بمحطة رفع صرف صحي بقرية بردنوها    محافظ البنك المركزي يدعو إلى تعزيز كفاءة المؤسسات المالية وتبني آليات مبتكرة لتحفيز استثمار القطاع الخاص    وزير الكهرباء يتابع توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    الثاني خلال 24 ساعة.. وفاة رضيع بسبب سوء التغذية والجوع في غزة    سيارة تدهس حشدا في لوس أنجلوس وتصيب أكثر من 20 شخصا    الأهلي يتدرب على فترتين في معسكر تونس    حبس المتهمين بسرقة أموال جمعية زراعية في الشرقية 4 أيام    ضبط المتهمين بمحاولة النصب على سيدة وإيهامها بشراء طيور ولحوم منها بالقاهرة    قصور الثقافة تشارك ب6 عروض على مسرحي السامر وروض الفرج في المهرجان القومي للمسرح ال18    ليلى علوي نجمة الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    «كتالوج».. مسلسل درامي يلامس وجدان الجمهور بقصة فقد واقعية    الاستهدافات مستمرة.. غزة تدخل مرحلة الموت جوعًا    كنترولات الثانوية.. مصادر: المؤشرات مطمئنة ومرتفعة عن العام الماضي    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    استقبال طلاب 9 كليات التربية النوعية للمشاركة بالملتقى السادس بجامعة بنها    صحيفة: العديد من رسومات ترامب بيعت فى مزادات رغم نفيه رسم صورة أبستين    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    1072 فرصة عمل ب11 تخصصًا.. بيان من العمل بشأن وظائف الإمارات    «سباكة ولحام ونجارة».. بدء الاختبارات العملية للمرشحين للعمل في الإمارات (تفاصيل)    «طب قصرالعيني» يستقبل المستشار الثاني لسفارة السنغال    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    وزير الري يتابع إطلاق المرحلة الثانية من مشروع إدارة مياه دلتا النيل    وكيل "عربية النواب": مصر والسعودية حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    بأطلالة متألقة وحضور جماهيري غير مسبوق .. أنغام تتصدر التريند بعد حفلها بمسرح U أرينا ضمن فعاليات مهرجان العلمين 2025    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    بينهم "إليسا والحلاني ونانسي".. نجوم الفن بحفل زفاف نجل إيلي صعب (صور)    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    رفع نواتج تطهير الترع بقريتي الكوم الأحمر والنواورة بأسيوط    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    طريقة عمل البليلة.. وجبة مغذية ولذيذة للفطار أو العشاء    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا الحل السياسي في مصر
نشر في البديل يوم 29 - 05 - 2016

سيأتي يوم بإذن الله على المصريين ويواجهوا القضايا السياسية الداخلية التي لا مفر من مواجهتها إذا أردوا الخروج من هزائمهم وإنكساراتهم والتخلص من حكم الأقلية التي تتحكم في السلطة والثروة والإعلام والتعليم ومؤسسات الدولة منذ عقود طويلة.
ليست مشكلة المصريين الجوهرية إيجاد حلول تفصيلية لمشكلاتهم التعليمية والصحية والاقتصادية وغيرها. فهذه الحلول موجودة في أعمال الكثير من الباحثين الجادين ومراكز البحوث، لكن الإستفادة من هذه الحلول ووضعها موضع التنفيذ أمر مستحيل في ظل الحكم المطلق الذي يحاصر الجامعات ومراكز البحوث ويطارد أساتذة الجامعات والباحثين والصحافيين ويسيطر على الإعلام ويقوم بعمليات تضليل إعلامي ضد كل المخالفين معه في الرأي.
وليست مشكلة المصريين الجوهرية إيجاد شخص بمواصفات معينة، يكون قادرا على وضع الحلول نيابية عن المصريين. فقد جرّب المصريون هذا وحكمهم ثلاثة حكام من المؤسسة العسكرية قبل ثورة يناير، مارسوا القمع والوصاية على الشعب وتركوا مصر تعاني أولا من هزيمة عسكرية مذلة ثم من تراجع اقتصادي مدمر للغالبية العظمى من الشعب، وقبل كل هذا أهدر الثلاثة كرامة المصريين وزرعوا الكثير والكثير من القيم الهدامة.
كما يجرّب المصريون الآن الحكم عبر الأجهزة الأمنية والبوليسية ليعيشوا بعد ثلاث سنوات فقط كوارث كبرى لم تشهدها مصر في تاريخها الحديث منها التفريط في الأرض، وإهدار حقوقنا في نهر النيل، وتقسيم المجتمع، والاستخفاف بدماء الآلاف واعتقال عشرات الآلاف وحالات التعذيب والاختفاء القسري والتهجير، وحماية الفساد، والفشل في الاقتصاد ورهن البلاد بسلسلة ضخمة من القروض، ناهيك عن توثيق العلاقات الأمنية مع دولة الابارتهايد الصهيوني وتغيير المناهج التعليمية لتجهيل أجيال بأكملها وإخفاء حقيقة الصراع وطمس معالم دولة الابارتهايد ومخاطرها العسكرية والاقتصادية والحضارية والثقافية.
وليس مشكلة المصريين الجوهرية حسم إشكالية وهمية صنعت بين ما يطلق عليهم "الإسلاميين" و"العلمانيين"، فمصر لم تكن تعاني من مشكلة هوية وإنما من مشكلة الإستبداد السياسي الذي أفسد الإنسان وقسّم المجتمع وفرّط في أبجديات هويتنا العربية والإسلامية.
وليست مشكلة المصريين الجوهرية الانتصار لفريق على آخر أو الاعتقاد بشكل مطلق بأحقية فصيل ما وقدرته على تقديم حلول سحرية للمشكلات التي أوصلها لنا الحكم المطلق عبر العقود الماضية. هذا غير ممكن في ظل الإرث الإستبدادي الذي تركه الحكم المطلق وفي ظل الاختراق الخارجي الواضح للنخب والقوى السياسية.
***
أعتقد أن هناك ضرورة لطرح ثلاث قضايا داخلية محورية، لا يمكن لنا الخروج من مشكلاتنا الراهنة إلا بطرحها للنقاش العام وتعبئة الجماهير في شأنها وهي باختصار شديد:
القضية الأولى: معالجة العلاقات المدنية-العسكرية
هنا لا بد أن يكون الهدف مزدوجا: إقامة دولة الحريات والقانون والمؤسسات والمحاسبة والشفافية من جهة، وإقامة جيش محترف وقوى من كافة النواحي العسكرية من تدريب وتسليح ونظم اتصالات وتعليم وتعزيز الموازنات العسكرية من جهة أخرى.
وهذا لن يتم إلا بشرطين متلازمان، الأول تقوية المجتمع ذاته وتقوية مؤسساته وأحزابه الديمقراطية ونخبه السياسية ونظامه القضائي المدني ووجود منظومة دستورية وقانونية ديمقراطية تشرعن السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية وتضع كافة الضمانات والآليات اللازمة لضمان هذه السيطرة، بجانب وجود خبراء مدنيين في شؤون الأمن والدفاع والإستراتيجيا، وتقوية أجهزة البوليس والمخابرات المدنية وخضوعها لسيطرة المدنيين المنتخبين مباشرة.
والثاني قناعة العسكريين ومشاركتهم في الوصول إلى وضع يكون فيه الدور الوحيد للمؤسسة العسكرية هو الأمن الخارجي فقط، وأن أي أدوار أخرى لمساعدة أجهزة البوليس المدنية في الأمن الداخلي لابد أن تتم عبر المؤسسات المدنية التنفيذية والتشريعية والقضائية. هذه القناعة لابد أن يقترن بها تغيير كامل في منظومة التعليم والتربية داخل الاكاديميات العسكرية، ووجود سياسات للأمن القومي والدفاع يضعها المدنيون والعسكريون معا، ورفع يد العسكريين عن قطاع المعلومات وعن كافة أجهزة المخابرات المدنية.
القضية الثانية: تنظيم العلاقة بين الدين والدولة
وهنا يوجد عدة أهداف لا مفر من معالجتها عبر إقرار عدد من المبادئ والتشريعيات والممارسات والضوابط، أهمها تحرير الدين من قبضة الحكام وضمان استقلالية المؤسسات الدينية عن المؤسسات التنفيذية الرسمية، والكف عن توظيف الدين ومؤسساته في معركة بقاء أنظمة الحكم، وإعادة الدين إلى المجتمع ليمارس دوره القيمي والتعليمي والرقابي في حماية كرامة الناس وحرياتهم وفي صد كافة صورة الهيمنة والتسلط والتجبر، ووضع كافة الضمانات لمنع استخدام الدين في الصراعات السياسية مع الخصوم السياسيين.
هذا بجانب ضمان حرية الأفراد والجماعات والأحزاب وجمعيات المجتمع المدني في الإستناد إلى الدين كمعين للقيم والمبادئ وكأساس للتنظيم الاجتماعي وفي وضع البرامج والسياسات، مع وضع كافة الضمانات لعدم استغلال الدين لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة أو احتكار الدين واستخدامه في الصراعات الانتخابية التنافسية.
القضية الثالثة: العلاقة بين الفقراء والأغنياء
لن تستقيم الأمور في مصر دون كسر هيمنة أقلية على الثروة في مصر ودون وضع برامج تنمية حقيقية لصالح الأغلبية في مصر أي لصالح أكثر من 90 بالمائة من المصريين الذين يتضررون بشدة، ومنذ عقود، من الاقتصاد الحالي.
الهدف هنا هو تقوية الفقراء وتمكين الضعفاء ومعالجة مشكلات الفقر والفساد والعشوائيات والقضاء على الامتيازات ودولة الوظائف الطائفية أو الطوائف الوظيفية عبر سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة وفعالة. وهذا لن يتم إلا بتقوية دولة المؤسسات والقانون والقضاء المستقل والشفافية والمحاسبة، ولن يتم أيضا إلا بتقوية دولة العلم والبحث العلمي وتمكين الخبراء والباحثين وحماية الحريات الأكاديمية وتعزيز موازنات البحث العلمي والتعليم ضمن خطة وطنية شاملة للإرتقاء بالتعليم والتربية على كافة المستويات. كما لن يتم هذا إلا بخطة حاسمة وقوية لمكافحة الفساد وتقوية أجهزة الرقابة المدنية والقضائية ووضع منظومة فعالة للثواب والعقاب. فضلا عن إعادة صياغة سياستنا الخارجية وعلاقاتنا التجارية والاقتصادية واستخدامها لتحقيق أكبر قدر ممكن من مصلحة الشعب وليس مصالح فئات محددة.
***
لا يمكن التصدي لهذه المسائل الحيوية وغيرها من المسائل بنخب منقسمة وتنظر تحت أقدامها وتعلي من أهدافها الضيقة، ولا عبر المؤسسة العسكرية فهذا خطر على هذه المؤسسة وعلى أمن مصر القومي والأمن القومي العربي. ولهذا كتبت في مقال سابق أنه لا مفر من عودة القوى السياسية المدنية والإسلامية وكذا المؤسسة العسكرية خطوتين للخلف وترك المجال أمام مرحلة انتقالية تأسيسية لفترة ثلاث سنوات على الأقل، تُحكم خلالها البلاد عبر مؤسسة حكم من الخبراء والشخصيات العامة (والتي لابد أن تدعم من القوى السياسية والمؤسسة العسكرية) وتحدد لهذه المؤسسة مهام محددة تدور في الاساس حول تحرير الإنسان وتقوية المجتمع ووضع أسس معالجة تلك المسائل التي تحدثت عنها، وتمهد البلاد لنظام سياسي يقوم على الحكم الديمقراطي القائم على تمكين الإنسان والمجتمع ودولة القانون والمؤسسات والعدل والحريات والقضاء المستقل، والذي تتعدد فيه أدوات الرقابة الشعبية والقانونية والسياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.