بينما يواجه اللاجئون الهاربون من الحروب في المنطقة العربية مخاطر الموت يوميًّا بين قتلهم في الصحراء وغرقهم في البحار والمحيطات واعتقالهم من قبل سلطات الدول المجاورة؛ من أجل تحقيق حلمهم للهجرة إلى الدول الأوروبية، تتراكم عليهم الأزمات نتيجة عنصرية وتمييز الدول المستضيفة. ففى الوقت الذي خسر فيه اللاجئ العيش في بلده بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، قد يكون مهددًا عند لجوئه إلى بلد آخر بفقدان دينه، حيث يتعرض الكثيرون في الفترة الأخيرة لمحاولات تنصير، خاصة في الدول الأوربية التي تعاني من انتشار الإسلامو فوبيا (معاداة الإسلام)، وتستغل أوضاع اللاجئيين البائسة. وتعددت تقارير الصحف الغربية التي تناولت قصص تحول اللاجئين المسلمين إلى مسيحيين في الفترة الأخيرة، خاصة في ألمانيا؛ لتسهيل قبول السلطات طلبات لجوئهم، حيث تحدثت صحيفة "صنداي تايمز" في تقرير لها بعنوان "لاجئون مسلمون في ألمانيا يحتشدون للتحول للمسيحية " عن أحد اللاجئين، وقالت «كان اسمه محمد عندما وصل إلى ألمانيا العام الماضي لطلب اللجوء، ولكن بعد اعتناقه المسيحية أصبح الشاب البالغ من العمر 23 عامًا يدعى بنيامين». وفي إشارة إلى تحول عدد كبير من اللاجئين المسلمين إلى مسيحين أكدت الصحيفة أن «الكنائس الألمانية الخاوية امتلأت بوجوه غير مألوفة، وأن احتفالات تعميد جماعية تجري في حمامات السباحة وفي البحيرات»، مؤكده أن «عدد الذين يتوافدون على كنيسة شتيجليتز في ألمانيا زاد 4 أضعاف منذ بدء أزمة اللاجئين الصيف الماضي». وأشار تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن «التحول من الإسلام إلى المسيحية يعتبر مبررًا قويًّا لقبول طلبات اللجوء في ألمانيا» بناء على حجج يرددها البعض بأن الكثير من الدول الإسلامية تعاقب المرتدين عن الإسلام؛ ولذلك سيكون هناك دافع قوي لقبول السلطات حق اللجوء في هذه الحالة، بينما أكدت الصحيفة أن «راعي الكنيسة ويدعى القس جوتفريد مارتنز هو من يشرف بنفسه على تحول أعداد من اللاجئين للمسيحية في مراسم تعميد أسبوعية يطلق عليها عمل تبشيري». وخلافًا لتقارير وسائل الإعلام الغربية التي كشفت حالات تحول من الإسلام إلى المسيحية في الفترة الأخيرة، ثمة من يرى أن هناك عوامل عدة، بدون قصد أو موجهة، ولكن بطريقة غير مباشرة، تستهدف هذا الأمر، أبرزها توجيه البابا (فرنسيس) في ديسمبر الماضي دعوة لكل رعية كاثوليكية ورهبنة في أوروبا إلى استقبال عائلة من اللاجئين، الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى زيادة عدد المتنصريين. ولكن بعض المراقبون أكد أن هذا العامل على الرغم من أنه ساعد في تغيير دين بعض اللاجئين، إلا أنه كان يغلب عليه الطابع الإنساني. العامل الآخر والأهم هو انتشار الإسلاموفوبيا في العالم، فعلى سبيل المثال في ألمانيا، على الرغم من اتخاذ السلطات الألمانية قرارًا يقضى باعتبار الإسلاموفوبيا جرائم كراهية، إلا أنه بحسب الاستطلاعات والاستبيانات الأخيرة فإن معدل التمييز والعنصرية تجاه المسلمين بدأ في الازدياد، وهذا جعل بعض اللاجئين المسلمين الضعفاء يتخوفون من عدم حصولهم على حق اللجوء؛ بسبب هذه الاستطلاعات، حيث كشفت صحيفة "بليد" الألمانية بالتعاون مع معهد "إينسا" أن 60 % من المواطنين الألمان يوافقون على أنه لا مكان للإسلام في ألمانيا. وكان حزب "البديل من أجل ألمانيا" قد أعلن في برنامجه السياسي أنه "لا مكان للإسلام في ألمانيا"، وأظهر استطلاع الرأي تغيرًا كبيرًا في موقف السكان الألمان من الإسلام مقارنة بالعام الماضي، بعد حملة التشوية التي قام بها الحزب، ففي يناير 2015 أظهر استطلاع رأي أن 37 % من الألمان رأوا مكانًا للإسلام في ألمانيا، إلا أن هذا الرقم انخفض 15 في المائة؛ ليصل إلى 22 %. ويرجع البعض تخوف نسبة من الساسة الألمانيين المتطرفين والعنصريين المناهضين للإسلام في المانيا إلى القلق من احتمال أن يسيطر أنصار الإسلام على بلدهم بحسب ادعائهم، حيث استند هؤلاء إلى كتب وتقرير تشير إلى أن ألمانيا ستصبح دولة إسلامية يحكمها أغلبية مسلمة بعد فترة من الزمن، وعلى الرغم من ذلك بقيت نسبة ليست قليلة من الألمان توجه الانتقادات والاتهامات لهذه الفئة المتطرفة التي تدعو إلى حجب الإسلام في المانيا بأنها تلعب بسياسة الترهيب والتخويف وتكريس الكره في المجتمع والتحريض ضد الإسلام، كما شبه مجلس المسلمين في ألمانيا هذه الأفكار بالأيديولوجية النازية. ولم تكن المانيا هى الدولة الوحيدة التي يواجه فيها اللاجئون المسلمون أزمة في الحياة بدون تغيير دينهم، فهناك دول كانت أكثر تشددًا من ألمانيا، وعلى سبيل المثال أكدت السلطات السلوفاكية أنها لن تستقبل سوى المسيحيين من السوريين الهاربين من سوريا٬ بينما تحدث الرئيس التشيكي لوسائل إعلام مؤكدًا أنه ينبغي على بلاده ألا تستقبل اللاجئين المسلمين، ونقل تقرير عن صحيفة "فيلت" الألمانية أن سلوفاكيا وجمهورية التشيك وبولونيا وبلغاريا تعتمد معيار كون اللاجئ مسيحيًّا لقبول طلبه، كما أورد التقرير أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان نشر مقالًا في صحيفة "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ"٬ في سبتمبر الماضي أشار فيه إلى أن تنامي أعداد اللاجئين المسلمين يهدد الهوية المسيحية للقارة العجوز.