في الوقت الذي تعتبر فيه مصر من الدول المصدرة للأرز، تراوح سعر التجزئة في الأسواق بين 8 إلى 10 جنيهات، متخطيًا بذلك أي أسعار سابقة، ورغم أن مخازن التجار والمحتكرين تتراكم فيها أطنان من الأرز، إلَّا أن الحكومة اكتفت بالإعلان عن استيراد أرز من الخارج بالعملات الأجنبية أقل جودة عن الإنتاج المحلي. ترجع أزمة عجز الأرز إلى رفض الحكومة استلامه من المزارعين بسعر ألف و200 جنيه للطن، مما اضطر الفلاحين إلى تسليمه للتجار بأسعار لا تسد تكاليف زراعته، وهرب بعضهم كميات كبيرة، رغم قرار حظر تصديره، بجانب اتباع الدولة سياسة تحديد المساحة المنزرعه به من قِبَل وزارة الموارد المائية والري، وفقًا للمقننات المائية المتاحة لكل محصول، في ظل الشح المائي التي تعاني منه البلاد. استيراد 80 ألف طن من الأرز يكلف الدولة 24 مليون جنيه بمعدل 300 دولار للطن الواحد، وهذه الكمية لن تكفي لمدة شهر واحد، هكذا تحدث رضا عيسى، الباحث الاقتصادي، عن أزمة الأرز واستيراده، موضحًا أن عينات الأرز المستوردة أقل جودة من الإنتاج المحلي. وأضاف عيسى: الأزمة توضح أن وزارة التموين تدار بمنظومة العمل من أجل رجال الأعمال، ورغم أنه أعلن عن سلسلة توزيع الأرز على بطاقات التموين، إلَّا أنه وضع رقبة المواطنين تحت أقدام التجار، بعد رفض هيئة السلع التموينية استلام الأرز الشعير من الفلاحين العام الماضي وتركهم للتجار. وقال الدكتور سعيد سليمان، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة الزقازيق: ما يحدث في أزمة الأرز يأتي تنفيذًا لاستراتيجيات وزارتي التموين والزراعة في تدمير المحاصيل الرئيسة، مشيرًا إلى أن وزارة التموين «تطل» علينا بقرار لا تفسير له سوى أن الوزارة تفضل إهدار المال العام على تطبيق القانون ومنع الاحتكار، في مواجهة التجار وتعطيشهم للسوق نتيجة إقدامهم على تخزين الأرز، الأمر الذي أدى إلى وصول سعر الكيلو في بعض الأسوق إلى 10 جنيهات. وتابع سليمان أنه بدلًا من تطبيق القانون على التجار، قررت الوزارة بواسطة هيئة السلع التموينية استيراد 80 ألف طن أرز هندي رديء الجودة، الذي بالطبع سيُفرض على بطاقات التموين وسينتهي به الأمر كغذاء للدواجن لرفض المواطن له. وأوضح أن تلك السياسة التي تتبعها الحكومة تدمر المحصول الوحيد الذي نكتفي منه ذاتيًّا، وتحويلنا إلى دولة مستوردة كما أعلنها الوزير السابق، لافتًا إلى أنه من العجيب أننا نمتلك أصناف أرز مقاومة للجفاف وتستهلك نصف كمية المياه، مثلها مثل الذرة الشامية ولا يتم زراعتها.