السندي زعيم الصقور تصارع مع البنا حتى وفاته حبيب: الإخوان جماعة إصلاحية والصقور أجساد ترفضها الجماعة عيد: استقالة كمال في صالح الإخوان يمثل إعلان محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد بالإخوان المسلمين، عن استقالته من الجماعة، أول أمس، نوعًا من الانتصار للتيار الإصلاحي بالجماعة، الذي يتزعمه الآن محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، على التيار المتشدد، الذي انتهج العنف، وسيطر على مجريات أمور الجماعة في مصر. فمنذ نشأة جماعة الإخوان التي أقر مؤسسها حسن البنا المرشد العام الأول لها بأنها جماعة إصلاحية شاملة وليست جماعة تلجأ للعنف والإرهاب، وهناك خلاف داخل الجماعة بين جناحي الصقور الذي لا يريد سوى الإصلاح ما استطاع، وتيار الحمائم الذي دومًا يلجأ للعنف. تشكل هذا التيار أولًا خلال عهد حسن البنا عن طريق عبد الرحمن السندي، قائد التنظيم السري للإخوان، الذي خطط لاغتيال القاضي الخازندار والنقراشي باشا، وتورط في أعمال عنف، تبرأ منها البنا، ورفض الاعتراف بها، ووصف من قاموا بها بأنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين، مما أدى إلى خلاف جذري بين البنا والسندي، وانتهى فقط بموت البنا على يد البوليس السياسي، بحسب الوثائق التي تم تسريبها. ولكن تيار السندي الذي عرف فيما بعد بتيار الصقور لم ينتهِ، واستمر يستمد فتواه المتشددة من كتب سيد قطب، ومنها «في ظلال القرآن» و«معالم على الطريق». وهذا التيار يرى أن مهمة الجماعة الإصلاح والجهاد في سبيل الله، بقتل كل قاضٍ وموظف في الدولة فاسد وضابط يلقي القبض على قيادات الجماعة، فهذا التيار يرى أن هؤلاء يعطلون مسيرة الجماعة، ويجب التخلص منهم. وهدأت سطوة هذا التيار في الثمانينيات؛ نظرًا لزيادة نشاط الجماعة الإسلامية، التي حملت لواء العنف عنه، لكنه ظل موجودًا داخل جماعة الإخوان، إلَّا أن سيطرة الإصلاحيين على الجماعة جعلهم يتنحون جانبًا، خاصة أن الجماعة بدأت في التفاهمات السياسية مع نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وخاضوا الانتخابات في النقابات والبرلمان، ونجحوا في السيطرة على نقابة المحامين، وحظوا بتمثيل جيد في المهندسين وكذلك الصحفيين والتجاريين والأطباء وغيرها من النقابات، وحصلوا في برلمان 2005 على 88 مقعدًا بشعار الإسلام هو الحل، وبهذا أخرسوا صوت الصقور داخل الجماعة، وتلا هذا الأمر أحداث ثورة 25 يناير ووصول الإخوان لكرسي الحكم بتولي محمد مرسي بعد انتخابات 2012، واختفى تيار الصقور، إلَّا أنه لم يتلاشَ من داخل الجماعة. وبعد إسقاط نظام حكم الإخوان، وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، بدأ ظهور هذا التيار المتشدد مرة أخرى داخل الإخوان، وذلك بعد تشققات أصابت جدار الإخوان بقوة، حيث بدأت عودة ظهور هذا التيار في بداية عام 2014، بعد إلقاء القبض على محمد وهدان، القيادي بجماعة الإخوان، الذي فشل في لمّ شمل الجماعة بعد محاولات عديدة، وأعلنت بعض المكاتب الإدارية انشقاقها عن قيادة الإخوان في الخارج، بزعامة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، وذلك إثر حوار لمحمود حسين، الأمين العام للجماعة، على شاشة قناة الجزيرة، بعد اختفاء دام لعام ونصف، قطع فيه شعرة معاوية، وقال: إن عزت يحاول الحفاظ على الجماعة، لكن مجموعة محمد كمال ومحمد منتصر تريد العنف وأيديهم تلطخت بالدماء، وكان هذا أول إعلان من قيادات الجماعة بسيطرة تيار الصقور على الجماعة في مصر. ولم تنتهِ الأزمة، بل أقال عزت، محمد منتصر، وعين طلعت فهمي، متحدثًا للجماعة، ولم يمتثل منتصر للأمر، وأعلنت المكاتب الإدارية للجماعة بالفيوم والإسكندرية والغربية والدقهلية ومرسى مطروح الانشقاق عن الجماعة والوقوف بجانب منتصر. وبدأ بعد ذلك مسلسل نشر صفحات تابعة للإخوان مخالفات مالية جسيمة لمحمود عزت، في حرب أشبه بما يسمى بتكسير العظام، وحاول عزت استيعاب طوفان الخلاف، وأعلن موافقته على إجراء انتخابات داخلية للإخوان وتعديل اللائحة الداخلية والتصويت عليها، لكن عزت فوجئ برغبة الصقور في الإطاحة بكل الإصلاحيين من الجماعة، ووجد أن الدول الأوروبية، وعلى رأسها أمريكا، تريد اعتبار الجماعة كيانًا إرهابيًّا، ولهذا حاول الضغط على كمال وقطع الدعم المادي عن الجماعة؛ ليتقدم محمد كمال باستقالته من الجماعة مساء أمس الأول. من جانبه قال الدكتور محمد حبيب: إن استقالة كمال جاءت بعد ضغط مستمر من محمود عزت؛ ليحتوي الخلاف الذي يكاد ينهي على الجماعة تمامًا. وأضاف حبيب في تصريح ل«لبديل» أن تيار الصقور داخل الإخوان لم ولن يحكم الجماعة، هو فقط يسيطر على بعض الأمور لفترة، ثم يعود إلى أدراجه، فهذا ما يحدث دومًا في صراع تيار الصقور والحمائم؛ لأن الإخوان جماعة إصلاحية، واختارت لنفسها هذا الطريق منذ نشأتها على يد الإمام حسن البنا، ولهذا فتيار الصقور كالأجسام الغريبة على الإخوان سرعان ما يرفضها جسد الإخوان. وأشار حبيب إلى أن استقالة كمال جاءت بعد تنحية عزت له من كل مقاليد الأمور في الجماعة، ولهذا غادر ليحفظ ماء وجهه. واتفق معه سامح عيد، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، والقيادي المنشق عن الإخوان، قائلًا: إن استقالة محمد كمال تؤكد سيطرة تيار الحمائم على الصقور، وهذا أمر طبيعي داخل الإخوان طوال عهدها، فأصل الجماعة إصلاحي، وليس تيارًا ينتهج العنف. وأضاف عيد في تصريح ل«البديل» أن محمود عزت حصد دعمًا من قطر وتركيا وأمريكا لمنع سيطرة تيار الصقور، الذي يلجأ للعنف، ونجح في السيطرة مرة أخرى على مقاليد الجماعة، وهذا في صالح الإخوان؛ لكي لا يتم وضعها في خانة الجماعة الإرهابية، وهذا ليس مكانها.